انتهى شهر رمضان سريعا كعادته كل عام.. مر الشهر المبارك كريما عزيزا كالبرق الخاطف.. كأنه جاءنا بالأمس ورحل اليوم.. ثلاثون يوما مرت كعشية وضحاها.. ذهب رمضان ولكن بقيت أعماله حاضرة وبركاته خالدة وخيراته مستمرة ومتواصلة.. وما كنا نفعله فى رمضان علينا أن نستمر فى اتيانه بعد رمضان.. فرب رمضان هو رب شوال ورب كل أشهر السنة..
عاش المصريون شهر رمضان بطريقتهم الخاصة.. تحدوا الظروف الاقتصادية الصعبة وحافظوا على طقوس الشهر الكريم كاملة.. موائد الرحمن فى كل مكان.. مبادرات الخير والعطاء تصل إلى قمتها.. التبرعات سخية من «الايد للأيد».. ومن البيت للبيت.. الغنى يعطف على الفقير.. والجار يكرم جاره.. روح الايثار تسيطر على الجميع.. الموائد عامرة بما لذ وطاب.. ورغم غلاء الأسعار الا أنك تجد المشروبات والمأكولات الرمضانية حاضرة..والياميش موجود وان كان بكميات أقل.. والكنافة والقطايف لابد منها.
المساجد مليئة بالمصلين من كل الأعمار.. والسيدات والبنات فى المواقع المخصصة لهن.. الاب يصطحب أطفاله معه فى صلاة التراويح..مساجد أهل البيت مزدحمة بعشاق النبى العدنان وآل بيته الكرام بعد تطويرها وقد تزينت بروائح رمضان.. من السيدة زينب إلى سيدنا الحسين.. ومن مقام السيدة نفيسة.. إلى الجامع الأزهر الشريف.. والظاهرة تتكرر فى الأقاليم وعواصم المحافظات.. ما احلى لحظات التجلى والايمان الحقيقى والإخلاص فى العبادة لله سبحانه وتعالي.. هؤلاء هم المصريون وهذه هى مصر ام الدنيا فى شهر رمضان.
والحقيقة أن الحرب فى غزة باتت وصمة عار فى جبين الإنسانية المعاصرة.. إنسانية القرن الواحد والعشرين.. نتنياهو يقود حربا وحشية بربرية ضد اطفال ونساء غزة بدعم أمريكي- اوروبى مباشر.. يصوب نيرانه فى صدور وقلوب الاطفال والشيوخ بلا رحمة أو شفقة..ويرفض دعوات السلام ووقف الحرب وسفك الدماء التى تنطلق من هنا وهناك.. حتى فى قلب إسرائيل نفسها.. الشعوب الحرة تواصل مظاهراتها فى كل انحاء العالم تطالب بوقف آلة الحرب فورا.. قادة العالم يوجهون كل يوم رسائل السلام مطالبين حكومة الحرب والدمار بالتوقف فورا عن سفك الدماء.. وهنا نتذكر المقالات المشتركة للرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الفرنسى ماكرون والملك عبد الله وقد نشرت فى عدة صحف عالمية واسعة الانتشار فى توقيت واحد وكلها تدعو إلى وقف النار فى غزة وإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية اللازمة لإنقاذ حياة الملايين من الموت جوعاً وعطشا وقد حذرت منظمات دولية من حدوث كوارث ومجاعات قاتلة فى قطاع غزة.. ومؤخرا طالب الرئيس الأمريكى بايدن بوقف النار والتوسع فى ادخال المساعدات الإنسانية ويتردد أن ثمة خلافات كبيرة حاليا بين تل أبيب وواشنطن حيث ترفض حكومة الاولى دعوات الثانية لوقف الحرب فورا والتخلى عن استخدام الصواريخ والقنابل المحظورة دوليا فى قتل المدنيين الأبرياء فى فلسطين.
ومع قدوم عيد الفطر المبارك تتواصل الضغوط العالمية الشعبية والحكومية بوقف النار فى غزة والدخول فورا فى مفاوضات جادة لوضع تسوية شاملة للقضية الفلسطينية وضرورة اعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 67 ..وبدون الدولة الفلسطينية لن تتحقق التسوية الشاملة والنهائية للصراع العربي- الإسرائيلى وهو مطلب مشروع أقرته المنظمات الدولية ووافقت عليه الأغلبية الكاسحة لدول العالم ولم ترفضه الا إسرائيل ومن يدور فى فلكها ويوفر لها الحماية القانونية والغطاء السياسى لكل ماترتكبه من جرائم حرب وحشية بحق الشعب الفلسطيني.. من حق أطفال غزة أن يسعدوا بالعيد ويعيشوا فرحته.. ويلهوا ويلعبوا.. ويأكلوا ويشربوا.. ويرقصوا ويمرحوا.. مثل سائر اطفال العالم.. هكذا تكون العدالة وتتحقق المساواة بين الجميع.. من حق أطفال غزة أن يعودوا إلى منازلهم ومدارسهم وملاعبهم ومساجدهم.. من حق أطفال غزة أن يعودوا إلى حضن أسرتهم الدافئ حتى وإن فقدوا الاب والام والأسرة كلها.. محنة الحرب جعلت من أهل غزة كلها أسرة واحدة.. وأبناء الشهداء هم ابناء كل أسرة فى القطاع.