على مدار سنوات طويلة يشكو الكتَّاب والمبدعون من عراقيل وصعوبات وأحيانا « أزمات يواجهونها » للنشر بهيئة الكتاب .. ولا شك أن كثيراً من تلك الشكاوى تنطوى على مبالغات وظلم فادح لجهود متواصلة يبذلها مديرو قطاعات النشر لإرضاء الجميع ، لكن أيضا فى المقابل فإن هناك الكثير من الملاحظات السلبية والمتكررة بشكل لافت فى السنوات الأخيرة..
ومن تلك المشكلات ما يؤكد أصحابها أنها مازالت مستمرة للآن وأن معاناتهم متواصلة بلا إجابة عن سؤال.. متى تنتهي؟! ورغم علمنا أن لائحة جديدة للنشر يجرى صياغتها الآن فى هيئة الكتاب، لاسيما بعد تولى الكاتب محمد نبيل المسئولية بهدف ضبط الكثير من الأمور فلابد لنا أن نجيب عن تساؤلات بعض الكتاب الذين لجأوا لـ«الجمهورية» و»أدباء مصر».. ونحن هنا لا نبحث إلا عن مساعدة الجميع على أداء أفضل وإنصاف المستحقين.. بعيداً عن سخرية مدير تحرير إحدى السلاسل على صفحته الشخصية على فيس بوك من المتقدمين بأعمالهم واصفا شكوى البعض بأنها «صراخ امرأة هجرها زوجها» .
عامان من «الفحص»
يكشف الكاتب البورسعيدى السيد زرد أن كتابه الذى سلمه للهيئة منذ عامين لا يعلم عن مصيره شيء وهنا الكلام على لسانه:
سلمت كتاب للهيئة فى اول يونيو -2022 بعنوان: معجم لسان المصريين فى القرن الحادى والعشرين.. ومنذ ذلك الوقت لم يتم فحص الكتاب، على الرغم من محاولات التواصل مع إدارة المشروعات الخاصة بالهيئة التى قيل أنها مختصة بنشر هذه النوعية من الكتب، وإرسال فاكسات لرئيس الهيئة ورسائل الموظف المسئول، والذى رد أكثر من مرة تحت الالحاح بتحديد مواعيد غير صحيحة.. نشرت بهيئة الكتاب من قبل ثلاث مرات ولم أشهد مثل هذه المعاملة.
فيما تؤكد الكاتبة أمل زيادة أنها قدمت عملها القصصى «الرسالة لا تزال فى جيبي» منذ عام كامل وما زالت تتلقى الإجابة نفسها كلما عبر صفحة الفيس او بالاتصال «قيد الفحص» وتتساءل أمل ما نوع الفحص الذى يستغرق عاما وأكثر.
ويؤكد الشاعر رزق عويس رئيس نادى أدب البدرشين أن ديوانه «الاعتراف» مقدم منذ أكثر من عامين كاملين ولا يعرف عن مصيره شيئا.. لماذا لا يتم مصارحة الكاتب بأنه كتابه «ضاع» مثلا أو تم نسيانه وعليه أن يقدمه من جديد.. أما صلاح عساف صاحب كتاب» حجر يركل المارة» فقد تم إبلاغه فعلا من الكاتب مصطفى أحمد مدير تحرير السلسلة برفض عمله من لجنة الفحص وهنا يعلق عساف: «عندنا حاولت أن أتفهم الأسباب فوجئت بأنها أسرار لا يجوز للكاتب أن يعرف «الفاحص» حيث يتمنى عساف أن يقف على أسباب ضعف العمل أو اسباب قوته ليفيد بذلك فيما سيكتبه.
سخرية واستهزاء
الغريب أن الكاتب مصطفى أحمد مدير تحرير سلسلة إبداع قصصى نشر «بوست» على صفحته- حسابه الشخصى على فيس بوك- قبل أن يسارع بحذفه- أقل ما يوصف به بأنه سخرية واستهزاء بمن وصفهم «الموهومين» كال لهم قدرا من التعالى على آمالهم المعقودة على ناصية الوهم معتبرا أنهم مثيرو للاشمئزاز (مرفق صورة البوست) ولا أعرف إن كان رئيس هيئة الكتاب د.أحمد بهى الدين يقبل مثل هذه الأوصاف وطريقة التعامل مع الناشرين والذوق.
رد مسئولى الهيئة
ومن جانبه أوضح الشاعر عادل سميح، مدير عام النشر بالهيئة العامة للكتاب، أن هذه الشكاوى فى مجملها قليلة مقارنة بالعدد الضخم من الكتاب الذين يتقدمون بأعمالهم للنشر فى الهيئة، حيث يتقدم الكتاب من جميع أنحاء مصر بأعمالهم، فضلا عن عدد كبير من الدول العربية الشقيقة، بل ومختلف أنحاء العالم، ورأى سميح أن هذه النسبة معقولة، مقارنة بهذا الكم من الأعمال. كما أشار إلى أن اللائحة الجديدة للنشر قيد الإعداد والتجهيز وبعد اعتمادها والعمل بها ستعبر فوق الكثير من المشاكل الحالية، وستذلل الكثير من العقبات، وستحقق المزيد من العدالة بين المبدعين، كما ستحقق الجودة الأدبية المرجوة فى الكتب المجازة. مؤكدا أن تلك اللائحة المنتظرة تتضمن توافقا كبيرا بين الهيئة ورؤساء تحرير السلاسل على اختيار وترشيح «فاحصين» من أصحاب التجارب النقدية والأدبية الراسخة، والمشهود لهم بالنزاهة والحيادية لتحقيق المزيد من المصداقية.
كما أكد سميح أن الهيئة فى الفترة الحالية، تزامنا مع إعداد لائحة النشر على الانتهاء من حسم مواقف الكتب المتأخرة، سواء التى تمت إجازتها أو التى لم يتم الانتهاء منها.
كتاب حلو
جديد حسن الحلبى
«لا ربيع فى هذه المدينة»
رواية «لا ربيع فى هذه المدينة»، للكاتب حسن الحلبى تقدم قصة مثيرة ومشحونة بالأحداث المؤلمة والقاسية، تجسد تحديات الحياة فى ظل الصراعات والحروب، بأسلوب تسيطر عليه الكوميديا السوداء. تأخذ الرواية قراءها فى رحلة عبر مدينة مزقتها الحرب، وتسرد تجارب شخصياتها العميقة والمؤثرة، من خلال حواراتها القوية وأوصافها الحية، تستكشف الرواية مواضيع مثل الفقدان، الأمل، والنضال من أجل البقاء، وتختتم بمفاجأة غير مسبوقة، حيث إن القارئ سيكون على لقاء مع 3 نهايات متعددة للرواية، ينتقى منها ما شاء أن يناسب حالته. يذكر أن الكاتب صدر له مسبقا 17 عملاً روائياً وقصصياً ومن أجواء الرواية: «يمكننى سماع صوت الانفجارات! هل يمكنك سماعها معي؟ بوووووم! صوت انفجار من مكان بعيد! هل تسمعه؟ اقترب من النافذة وانظر معي، هل ترى تلك الأشلاء المبتورة؟ هل تسمع صدى الانفجارات التى تحقد على الجميع؟ هل تفكر بالقصص التى يقولها زوار غرفة المستشفى التى استيقظت لتجد نفسك فيها، مسجونا فى سرير بارد، وأنت تشرب عصير الفراولة رغم أنفك كل يوم؟ هل تفتقد الممرضات؟ هل تحب ساقك؟ هل يعجبك الحديث عن كأس العالم؟ ما رأيك بصورة القرد المعلقة على الجدار؟ أين ذهب (إسحاق)؟ لماذا يأكل أحدهم من تلك الجثة؟ ماذا تفعل (سناء) الآن؟ أسئلة كثيرة، حاول أن تجد بعض الإجابات قبل أن يقتلك أحد القناصين الذين ينتظرون أن يظهر رأسك لثانية واحدة من وراء النافذة!! «
قصة قصيرة
عزيزة .. و المفتـش
أيمن رجب طاهر
مدرّسنا يكرّر تنبيهه بأن زائراً على وشك دخول فصلنا، كل دقيقة يلوّح بـ»عزيزة» العزيزة عليه والموجعة لأكفنا، صاحبى الجالس جوارى انفلت لسانه بالسر، وحلّفنى ألا أقوله لأحد، بأنه جار المدرس وعزيزة تبقى زوجته وليل نهار تزعق فى البيت، رددتُ عليه يومها:
– يعنى هى تشد عليه وهو يشد علينا بها..
ضحكنا لكن ألم عزيزة جعلنى أقشعر؛ فالحصة الماضية نلت منها ضربتين لاتهامى بأنى أسرح وأطلّ من الشباك أثناء الشرح، حبال الغسيل على السطح المقابل للفصل تنتظر طلتها، فى سرعة اعتدل رأسى ومسحت عيناى وجوه الأولاد الساكتين فى خوف، دون أن يتكلم الأستاذ تتوعدنا نظراته الخشنة وتتخبط كلماته:
– يا ويل من يقل أدبه أو يغلط فى الإجابة، وإلا تزور عزيزة ظهره أو وركه..
من شباك الطرقة تمر قامة المفتش المديدة فألمح بذلته السوداء، حين دخل الفصل علا صوت معلمنا:
– قيام، جلوس
تفرّست سحنته الجهمة وتكشير وجهه، أعجبت بالكرافت الملونة، أكمل مدرسنا شرح إعراب جمع المؤنث السالم، أشار له المفتش فانتحى جوار الباب، لا أدرى إلى أين يبص المفتش فنظارته السوداء تخفى عينيه، تفجّر صوته بالسؤال وكما اعتدنا أنهم ينكشون تلاميذ آخر الفصل فلم أجرؤ على الالتفات لخطواته بين التُخت، علا صوت الولد البليد برفع المثنى بالياء ونصبه بالألف فشوّح المدرس بعزيزة مهدداً، صوت الجالس خلفى يجيب بالصواب فصفّق له المفتش وجاملناه بتقليده، تمنيت ألا يسألنى وإلا فزوجة المدرّس القاسية لى بالمرصاد إن تلجلجت، استدار نحو السبورة وانشغل بكتابة مثال يخفيه بظهره العريض.
الإوز والبطات على السطح الملاصق لسور المدرسة تعلو صيحاتهم، سرقت التفاتة وبطرف عينى لمحتها تصعد والطست على رأسها، الهواء يهزهز حبال الغسيل المبسوطة بصاحبتها، تميل بقامتها نحو الغسيل فيدق قلبى لذراعيها العاريين وانحناؤها يدفع المحبوسين خلف ملبسها الخفيف أن يتدليا، تثبت الجلباب بالمشابك وتلتفت إليه وهو يخطو نحوها، آه لو أكون أنا السخل الصغير الذى رفعته بين ذراعيها وضمته إلى صدرها ومسحت خديها بشعره الناعم فأُمأمئ مثله.
لم أنتبه لنغز كوع زميلى إلا حين جثمت الكف الغليظة على كتفى فلويت عنقى وكادت الدمعة تفر من عيني، المفتش يرفع حاجبه ويشير إصبعه المفرود خارج النافذة، هزّ رأسه وافترّت شفتاه عن ابتسامة مشجعة، أشار لى أن أخرج فكدتُ أبلل بنطلوني، رفع قطعة الطباشير وطلب منى ضبط الجملة بعلامات الإعراب بمنتصف السبورة
تلعب الفتيات
ارتعشت أصابعى وأنا أرسم كسرة مائلة أسفل تاء آخر كلمة، وحين سقطت يدى بعُقلة الطباشير تذكرت أنها يجب أن تكون ضمة.. أرجوك أعدها لأصحّح الغلطة وأنجو من علقة عزيزة.. جسم المفتش السمين حال دون رؤية الأستاذ للخطأ، لفّ ذراعه حول كتفى ومدّ الأخرى نحو السبورة، واجه بى الفصل فعلا تصفيق زملائى وأنا مدهوش من تشجيعه رغم خطأي، أنزل النظارة وغمز بعينه، أشار لى أن أعود لمقعدي، استدار مغادراً الفصل فرافقه صاحب عزيزة، قبالة نافذة الطرقة وقفا يتحاوران، عدتُ أحملق فى السبورة، رقص قلبى للضمة الحانية على التاء، نهضتُ فى شجاعة وأشرت له فأومأ برأسه، أحاطنى بنظرات رضا تطل من عينيه الصافيتين، ضحكت له وتأرجحت التفاتاتى بينه وبين الضمة منقذتى من عزيزة.