سلامة الصدر أحد أهم أسباب رضا الإنسان عن نفسه ورضا الله عز وجل عنه، وأحد أهم وأيسر السبل إلى الجنة، ذلك أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يومًا: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ»، فدخل رجل فتبعه سيدنا عبدالله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما ليقف على ما أوصله إلى هذه المكانة الرفيعة، فنزل عليه ضيفًا ليرقب أعماله ومدى اجتهاده فى عبادته، فما وجد مزيد صلاة أو صيام أو صدقة، فحَدَّث ابن عمر رضى الله عنهما مضيفه عن سر نزوله عنده، وأخبره بما كان فى شأنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسِّرِ نزوله عليه، فقال يا ابن عمر: «مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّى لَا أَجِدُ فِى نَفْسِى لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ».
على أن هناك أمورًا قد تُعين على تحقيق سلامة الصدر، مثل: عدل الأب بين أبنائه، وعدل المعلم تجاه طلابه، وعدل المسئول بين مرؤوسيه وصاحب العمل تجاه عماله، والإحسان يورث سلامة الصدر، وقد قالوا: أحسن إلى من شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره، ومن الأمور التى تعين على سلامة الصدر الكلمة الطيبة الرقيقـة والقول الحسن: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا»، وإفشاء السلام: «أفشوا السلام بينكم تحابوا»، وإطعام الطعام، وإكرام الصغير، وقد قالوا: أكرم صغير القوم يكرمك كبيرهم وينشأ على محبتك صغيرهم، ومما يورث سلامة الصدر: التواضع والبعد عن الكبر والاستعلاء على الناس، ومن أهم ما يورث سلامة الصدر ويؤلف بين القلوب احترام إنسانية الإنسان وآدميته، وعدم إحراجه أو تنقيصه، بل العمل على رفع الحرج وإزالته عنه، والتماس الأعذار له، وقد قالوا: التمس لأخيك عذرًا إلى سبعين عذرٍ، فإن لم تجد له عذرًا فقل: لعله كذا، لعله كذا فخير الناس أعذرهم للناس وأسلمهم صدرًا وأرضاهم نفسًا.