فى سيناء دارت رحى حرب أكتوبر 1973 – رمضان 1339 التى جاءت لتوقف وتفشل مخطط صهيونى بتهجير وترحيل من خلال خطة سرية لآلاف من أهل غزة إلى سيناء، وهكذا أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية التابعة للمخابرات الإنجليزية والتى من المعروف أنها الشريك الأكبر فى تمويلها، وكان مع بدايات 1971 أكدت الوثائق محاولة الكيان المحتل تهجير أهل غزة إلى سيناء بعد عدوان 67 بسبب عمليات المقاومة الفلسطينية من المعسكرات فى غزة ضد الاحتلال والتى فشل الاحتلال فى التصدى لها أو التعايش معها، ومع صعوبة مواجهة المشاكل الأمنية المستعصية، ولتخفيف حدة التوتر مع الفلسطينيين فى غزة كان المخطط السرى هو ترحيلهم إلى العريش بإشراف وزير النقل ـ حينها ـ شيمون بيريز، وهو المسئول عن نقل الآلاف من الغزاويين إلى مبانى الجنود والضباط التى كانت للجيش المصرى قبل عدوان 67 لكن كانت حرب أكتوبر عائقاً أمام التنفيذ، فتلك من نتائج نصر أكتوبر التى لم يتحدث أحد عنها مسبقا، حيث أفشلت مخطط الصهاينة فى تغير ديموجرافية الأرض فى فلسطين.
فى مصر. لم يكن الشهيد جمال حمدان بعيداً عن تلك الأحداث وأخبارها فهو الباحث عن حقيقة اليهود الحاليين وكيف أنهم من قوميات وأعراق وأراض غير تلك التى يدعون بأحقيتهم فيها بالباطل والزيف. بل وأن معركة استرداد الأرض «سيناء» بالقانون والدبلوماسية التى بدأت بسبب نصر أكتوبر، فالعدو لا يتفاوض إلا عندما ينكسر أو يعلم بقوة من أمامه، ورفض البطل المصرى المنتصر أى ضغوط من جانب الصهاينة أو أى إغراءات لنقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر، رفضاً قاطعاً، من منطلق حق الفلسطينيين فى البقاء بأرضهم، وأيضا حق المصريين بالحفاظ على وحدة أرضهم، فعضدت قوة الجيش المصرى ودعّم انتصار أكتوبر من الموقفين السياسى والقانونى للمفاوض المصري. ورغم أن فكرة التهجير الصهيونية بدأت منذ محاولات جون فوستر دالس الذى كان وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية فى عهد الرئيس دوايت أيزنهاور 1953 حتى 1959 فى حين شغل شقيقه ألين ويلش دالاس منصب مدير المخابرات المركزية من عام 1953 إلى 1961 وكان لدالاس مواقف مؤثرة فى السياسة الخارجية الأمريكية مع بداية الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى حينها- كما اتخذ موقفاً عدائياً ضد الشيوعية، وهو المهندس الحقيقى لتأسيس منظمة حلف شمال الأطلسى «ناتو»، وألف كتاب يشبه عنوان كتاب العظيم ليو تولوستوى «الحرب والسلام» وهو يشبهه فى العنوان وليس فى أفكار المحتوى فالفارق كبير جداً، فكان لدالاس «الحرب أو السلام» قبيل وفاته وكان يرى بضرورة العنف فى سبيل سيادة أمريكا للعالم، وناصر الكيان الصهيونى فكان ممن وظفهم الصهاينة فى الدعاية العالمية عن نقل أهل غزة لسيناء بعد حرب 48 وتحديداً منذ 1953 وكانت مبرراته أن غزة كانت تحت الحكم المصرى حينهاـ ولتحقيق الضغط على الفلسطينيين خطط الصهاينة لحرب تطهير وإبادة ضد الفلسطينيين واول حروب الإبادة والإرهاب كانت فى «البريج» بقتل العشرات من أهالى غزة فى غارة 28 أغسطس 1953 بمخيم دير البلح لاجبارهم على ترك أرضهم والنزوح لسيناء، وكانت الغارة الثانية فى 28 فبراير 1955 واجتاز الصهاينة خط الهدنة ـ كما هو معتاد عنهم لا عهد لهم ـ وزرعت الألغام وفجرت محطة ومستودع للمياه لحرمان الفلسطينيين من مقدرات الحياة ـ ما أشبه الليلة بالبارحةـ وقتلت 29 شهيداً وأصابت ٣٣ جريحاً من أهالى غزة، بل وزرعت الفتنة بين أهالى غزة والجيش المصرى من خلال الحزب الشيوعى الفلسطينى بهدف شق الصف العربي.
بعد نصر أكتوبر كان الشهيد جمال حمدان ليس ببعيد عما يدور من جانب الصهاينة ضد مصر فسعى لفضحهم وكشف كذب ادعاءاتهم، وتحولت كتاباته وأبحاثه من علم الجغرافيا المجرد إلى ارتباطه بالسياسة والتاريخ والديموجرافيا والانثربولوجي.