على مدار الشهور الماضية.. زادت شكوى المواطنين من الارتفاع الكبير فى قيمة الكشف الطبى «الفيزيتا» لدى الأطباء فى العيادات الخاصة.. والعيادات الخارجية بالمستشفيات الخاصة والمستشفيات الاستثمارية «5 نجوم».. وقال بعض المواطنين إن أسعار الكشف الطبى لدى بعض الأطباء وصلت الى 0003 جنيه وهو رقم «نار» لا تتحمله ميزانيتهم المحدودة لاسيما أنهم يشترون الأدوية ويجرون الإشعات ويقومون أيضا بإجراء التحاليل الطبية وجميعها تكلفهم أرقاما كبيرة لا يقدرون عليها، متمنين التوسع فى خدمة التأمين الصحى الشامل والذى يوفر الكشف والعلاج بأقل التكاليف.
«الجمهورية الأسبوعى»، قامت بجولة على العيادات والمستشفيات الخاصة، سجلت أسعار الكشف الطبى المرتفعة.. وأسعار الخدمات الطبية الأخرى.. والتقت عددًا من المرضى ممن يعانون من ارتفاع أسعار «الفيزيتا» كما التقت بعض كبار الأطباء لتفسير هذه الحالة من ارتفاع الأسعار لدى بعض الأطباء والذين يرفعون أسعار كشفهم الطبى دون مبرر حقيقى.
بداية كشفت جولة «الجمهورية الأسبوعى» على العيادات والمستشفيات الخاصة أن ارتفاع قيمة الكشف فيها، يأتى نتيجة مكان العيادة أو المستشفى، مثل أن تكون فى حى سكنى راق ويتميز بارتفاع المستوى الاقتصادى لسكانه.
بعض الأطباء يلجأ إلى الدعاية لعيادته عبر مواقع التواصل الاجتماعى ووضع صورة مع المشاهير والفنانين ونشر الفيديوهات لموقع العيادة أو المركز الطبي من الخارج والداخل لاستعراض أحدث المفروشات والأجهزة الطبية.
وهناك موضة جديدة لجأ لها بعض الأطباء خاصة أطباء التغذية والتخسيس وهى الكشف «أون لاين» حيث يقوم المريض بدفع قيمة الكشف عبر المحافظ الإلكترونية حتى يتواصل معه الطبيب من خلال محادثة الفيديو «فيديو كول».
داخل العيادات الخاصة بمختلف مواقعها تمكنت «الجمهورية الأسبوعى» من سماع شكوى المرضى من ارتفاع أسعار الكشوف الطبية.
قال سمير عبدالرحمن: إنه جاء من محافظة بنى سويف للكشف عند طبيب شهير بمنطقة الدقى يقول سعر الكشف زاد من آلامى وطلبات الطبيب سواء إشاعات أو تحاليل عند معمل حدده لى يحتاج إلى الاشتراك فى جمعية، مبالغ طائلة لا أعلم كيف أدبرها ولم أكن أتوقع أن تكون مرتفعة السعر كشف الطبيب «005» جنيه وأعانى من أمراض القلب وطلب منى «إيكو» تكلفتها «0052» جنيه وكذلك تحاليل سألت على تكلفتها فى المعمل الذى حدده لى الطبيب تصل إلى «0071» جنيه كل هذا دون أن يحدد لي تكلفة الجراحة أو الأسترة العلاجية والدعامات.
فى آخر شارع الهرم الرئيسى أمام أحد الأبراج الشهيرة هناك توجد به عيادة طبيب شهير تخصص نساء وتوليد تقف حمدية منصور تنتظر حتى يأتى ميعاد الكشف تقول أخذت موعد لدى هذا الطبيب بعد معاناة، نظرا لازدحام جدول المواعيد وعندما وصلت وجدت العيادة مزدحمة وقال لى الممرض ممنوع الوقوف أو الانتظار أمام الشقة وأنه يمكننى الانتظار أسفل العقار وسوف يتصل بى وقت دخولى للطبيب وقمت بدفع مبلغ «006» جنيه للكشف وإذا احتاج إشاعة تليفزيونية «سونار» سوف أدفع عند خروجى «0051» جنيه.
تقول أسكن فى الوراق وجئت إلى هذا الطبيب نظرا لسمعته وشهرته فى تخصصه خاصة أننى أعانى من بعض المشاكل أثناء الحمل.
عن الأسعار المبالغ فيها قالت لابد أن يكون هناك قانون تضعه الوزارة لتحديد قيمة الكشف والسيطرة على جشع بعض الأطباء وعن قيمة أجرة الولادة لدى هذا الطبيب قالت إنه سوف يقوم بتحديدها قبل موعد الولادة بشهرين حسب حالتى وأن هناك «باكدج» للمتابعة الشهرية.. عنده نوعان منها.. الأول يصل إلى «00002» ألف جنيه طوال مدة الحمل ويمكن أن يتابع المريضة مرتين فى الشهر أما الثانى «00021» ألف جنيه وتكون متابعة شهرية مرة واحدة فقط وعند اللزوم ولذلك قررت أن ادفع أول شهرين قيمة الكشف حتى أقرر أنا وزوجى أى مجموعة سوف نقدر على دفع قيمتها.
قالت «هدى على» 75 سنة من المنوفية منذ عشرة أيام وأنا أحضر إلى القاهرة للمتابعة مع طبيب قصور فى أمراض الكبد والجهاز الهضمى وقد حاولت الذهاب لأطباء فى نفس التخصص بالقرب من مسكنى ولكنى لم أشعر بالارتياح أو التحسن كما كنت فعاودت الذهاب إلى طبيب القاهرة المشهور والذى رشحه لى أحد الأقارب وقد كانت قيمة الكشف 001 جنيه ولكنها الآن وصلت إلى 002 جنيه وهو رقم كبير على إمكانياتى ورغم ذلك فأنا مضطرة لدفعه وإجراء الكشف الطبى عند هذا الطبيب.
أما عبدالغنى مرسى فيقول إنه يسمع كثيرا عن أساتذة كبار وفيزيتا الكشف لديهم مبالغ فيها ولكننى حينما أمر ببعض التعب أو الإعياء لا أفكر فى تجربة أطباء صغار أو مغمورين فأنا أبحث عن طبيب مشهور حتى وإن كان يبعد عنى مسافات أو حتى كان كشفه كبيراً حتى لا أجازف أو أن اضطر إلى الذهاب إلى أكثر من طبيب للوصول لتشخيص سليم.
مجاملات و«روشتات» خيالية
كبار الأطباء: أسعار الكشف «عشوائية» .. والمرضى يبحثون عن «المشاهير»
لم تكتف «الجمهورية الأسبوعى» بالسماع إلى شكوى المرضى من ارتفاع قيمة كشوف الأطباء فى العيادات الخاصة، لكنها التقت عددًا من كبار الأطباء.. والذين أكدوا أن زيادة قيمة الكشوف الطبية، تأتى لمواجهة متطلبات المعيشة، ولكن يجب أن تأتى هذه الزيادة بنسبة معقولة تتناسب والأوضاع المعيشية لغالبية المواطنين.
دكتور عبدالحميد أباظة استشارى الجهاز الهضمى ورئيس لجنة التأمين الصحى الشامل الأسبق قال: بالنسبة لأسباب ظاهرة ارتفاع قيمة كشف الأطباء فإن زيادة الأسعار عامة فى الحياة وارتفاع فاتورة الكهرباء والبنزين يعيشه الطبيب بصفته إنسانًا فى المجتمع له مصاريف والتزامات فبالتالى يرفع الطبيب الفيزيتا ولكن هذه الزيادة يجب أن تكون بالعقل فلا يصح أن يكون هناك طبيب حديث التخرج أو حديث الحصول على الدكتوراه وكشفه يتراوح بين 2000 و3000 جنيه، فهذا أمر مبالغ فيه جداً وهناك بعض الأطباء يبررون ارتفاع قيمة الكشف بسبب قلة أعداد المرضى الذين يزورنهم وهذا أيضاً أمر غير مقبول، لكن ماذا عن المريض الفقير.
أضاف: كتبت مقالاً «ماذا لو مرض الفقير» !! فأين يذهب هذا الفقير الذى يحطم المرض قدرته وصحته، فأنا ضد هذا الأمر تماماً لأن هذه الزيادات تتم بشكل عشوائى وبجشع ومغالاة لكن الكل يريد كماليات الحياة من شراء الشقة والعربية والشاليه على حساب مرض الناس وأنا ضد هذا وطبعاً الجهات الرقابية الصحية التابعة لوزارة الصحة أو نقابة الأطباء لا تملك فعل أى شىء تجاه هذه الظاهرة.
حدث ولا حرج
أضاف أنه بالنسبة للتحاليل والإشعات فحدث ولا حرج فجميع فئات التحاليل زادت ومصاريف تشغيل الأجهزة زادت وصيانة الأجهزة زادت وكل هذا يؤثر على المواطن فالأسعار أصبحت غير طبيعية بالمرة والتحليل لا يكلف المعمل شىئًا وترى المعمل يطلب 700 أو 800 جنيه مقابل وهناك أيضاً ظاهرة ابتداع تحاليل جديدة ابتدعتها المعامل ليس لها أى قيمة طبية لكن المسألة أصبح فيها نوع من المجاملات ويجب أن يكون كل شىء فى حدود المعقول حتى يستطيع المريض الحصول على العلاج المناسب.
قال الدكتور أباظة: إنه بالنسبة لمنظومة التأمين الصحى فبالطبع سيكون له أثر جيد وفعال فى حل هذه الظاهرة وضبط الأسعار، كان فيها الدكتور سمير فياض رحمة الله عليه وكان هذا الرجل من أساطير الإدارة الطبية فى مصر وكان يرأس المؤسسة العلاجية وقد قامت اللجنة بوضع أسعار المؤسسات العلاجية و عمل بها النظام المصرى فى القطاع الصحى خلال سنوات ماضية قليلة.
أضاف أن مكان العيادة أصبح أمراً مهماً فهناك موضة سائدة البولك لينكس، فالأساتذة أصبحوا يجتمعون ويفتحون عيادة سوياً بالحجز عن طريق الواتس آب ويذهب المريض وينتظر فى مكان مكيف ونظيف وطبعاً بمزيكا وجو راق ويدفع 10 أضعاف ما كان سيدفعه فى العيادة العادية لأستاذتنا فى باب اللوق أو غيره فطبعاً المكان عامل مهم فالعيادة فى المنطقة الشعبية تختلف شكلاً وموضوعاً ومادياً عن عيادات التجمع وزايد أو غيره إضافة إلى ذلك جشع الطبيب نفسه هو العامل الأول عند بعضهم طبعاً، وكذلك مستوى الطبيب وإن كان هناك أساتذة كانوا عباقرة ورغم ذلك قيمة كشفهم قروش قليلة كأستاذنا الدكتور ياسين عبدالغفار كشفه لم يزد عن ٢٠ جنيهاً وأستاذنا الدكتور على إبراهيم والدكتور حسن إبراهيم أولاد على باشا إبراهيم.
المرض والمشاهير
أشار إلى أن المريض يبحث عن الطبيب الذى يعالج المشاهير فالفنان الفلانى كان يتعالج لدى الطبيب الفلانى إذاً فهذا الطبيب ممتاز، وبالطبع الوضع ليس هكذا إطلاقاً فليس معنى أنى أعالج مشاهير وأغنياء أنى طبيب أسطورة، لكن الناس فعلاً تبحث عن هذا الطبيب ويبحثون أيضاً عن شياكة الطبيب للأسف فحينما يذهب المريض لطبيب ويجد كشفه 100 أو 200 جنيه وبجواره طبيب كشفه 2000 جنيه عند بعض الناس أبو 2000 ده أحسن وأمهر وكأنه يشترى سلعة وجودتها تحدد بسعرها وقد يكون هذا سبباً لأن يرفع الطبيب قيمة كشفه من الـ 200 جنيه لأكثر من هذا حتى يجتذب الناس، فالمريض مسئول أيضاً عن زيادة الأسعار.
التأمين.. الحل
قال الدكتور أيمن خلاف استشارى الجراحة العامة ومدير مستشفى الهلال إن الطبيب المصرى سيتغير وضعه كلياً فى حال تم تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل والذى سيغير وضع الطبيب ويرتقى به وينأى به عن فتح عيادة خاصة واستغلال مرض الناس وفى نفس الوقت سيغير وضع المريض المصرى وسيقدم له خدمة طبية عالية الجودة وبأسعار مناسبة لحالته الاقتصادية ونتمنى أن يتم تعميمه فى القريب العاجل تماشياً مع المبادرات الرئاسية لتحسين الخدمة الطبية للمرضى والطاقم الطبى.
تكلفة عالية
قال الدكتور أحمد عبدالعزيز إبراهيم أستاذ جراحة القلب بكلية طب عين شمس ومدير أكاديمية جراحة القلب السابق بجامعة عين شمس إن الطب مهنة والجراحة حرفة والناس دائماً ما تنظر إليها على أنها مهنة سامية والمرض يأتى غالباً ودائماً بدون توقع، فالمريض يحتاج لمن يقف بجانبه ويحنو ويطبطب عليه ويساعده فى محنته ويفاجأ دائماً هذا الشخص بظهور بند مصاريف لم يكن يتوقعها، وطبعاً حينما يتوجه للطبيب والجراح يشعر أنها مصاريف فوق طاقته ولم يكن يتوقعها فمهما كانت فيزيتا الطبيب سيرى المريض أنها مصاريف مضطر لدفعها.
«البروباجندا»
أضاف الدكتور عبدالعزيز أن قيمة كشف الطبيب لا يحدده خبرة الطبيب فقط، فمن الممكن أن يكون الدكتور أستاذًا وكشفه قليل ومن الممكن أيضاً أن يكون طبيباً ممارساً عاماً وكشفه عال جداً ويغالى جداً، لأنه صانع لنفسه «بروباجندا» وخطة ويعرف كيفية إخراج النقود من المريض .
مكان العيادة
قال الدكتور محمد عطوة استشارى الجراحة العامة بمدينة السادات مستشفى الخطاطبة المركزى إن نوعية الكشف والفيزيتا تختلف من مكان لآخر فالكشف فى القرية مثلاً يختلف كلياً وتفصيلياً عن الكشف بالمدينة أو الأماكن الراقية، وهناك نوعية كبيرة من الناس تحب أن تذهب إلى المشاهير حتى لو كان قيمة الكشف عنده عشرة أضعاف من هم مثله وهذا يعود إلى نفسية المريض الذى يعتقد من شدة أمله فى العلاج أن الطبيب صاحب الفيزيتا العالية هو الذى سيقوم بعلاجه بشكل صحيح، وبالطبع قيمة المكان تحدد قيمة
المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة:
القانون يلزم المنشآت
فقط.. بإعلان قائمة الأسعار
كتبت – لمياء قطب
أوضح الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان أن القانون يلزم المستشفيات الخاصة والمنشآت الصحية الخاصة بإعلان قائمة الأسعار بوضوح فقط ولا يوجد إلزام بتحديد أسعار الخدمات الصحية سواء بالمستشفيات أو العيادات الخاصة.
وعلى الجانب الآخر فقد تم رفع سعر التذكرة الخاصة بالكشف بالعيادات الخارجية فى كل المستشفيات المركزية والعامة لتصل إلى عشرة جنيهات بعد أن كانت قيمتها جنيهاً واحداً فقط وتتحمل الدولة قيمة تكلفة إيصال الدفع الذى يتسلمه المريض والتى تصل إلى جنيه وعشرين قرشاً.
مشيراً إلى أن الهدف من رفع قيمة التذكرة هو تحسين مستوى الخدمة للمواطن والتذكرة تشمل صرف العلاج أيضاً للمريض.
وأضاف الدكتور حسام أن لدينا 68 مليون مواطن مؤمن عليهم وغير المؤمن عليهم نقوم بإصدار قرار لهم للعلاج على نفقة الدولة.
وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار ان ثمن تذكرة الكشف بالوحدات الصحية بالمحافظات خمسة جنيهات فقط مقابل الكشف والعلاج وليس الكشف فقط مبيناً أن الدولة ستظل داعمة بكل قوة للخدمة الصحية المجانية علماً بأن المريض غير القادر يتم إعفاؤه تماما من أى مصاريف.
عبدالغفار يؤكد أن فيزيتا الأطباء فى العيادات الخاصة لا يحكمها أى معيار وكل طبيب حسب رؤيته والبعض يبالغ ، لكن لا يمكن محاسبته.