الشرق الأوسط على شفا حرب شاملة، بعد قرار جيش الاحتلال الإسرائيلى ببدء الدخول البرى إلى جنوب لبنان، ويحدد أهدافه بالقضاء على حزب الله، وتأمين رجوع سكان الشمال الإسرائيلى إلى منازلهم، وبعد اغتيال ثلثى قيادات حزب الله ونزوح مليون لبنانى من الجنوب نحو الشمال، أصبحت الأرض فى الجنوب محروقة، فمنذ عشرين يوماً والجيش الإسرائيلى يكثف ضرباته بالطائرات والصواريخ، ودمر مدن وقرى الجنوب وأحرق الزرع والغابات، وأصبح الجنوب مفتوحا للحرب البرية حتى نهر الليطاني، الإعلام الإسرائيلى يؤكد أن الحرب البرية تتوسع، وحزب الله ينفى ويؤكد بأنها بروباجندا إعلامية، وانه تم ضرب أى قوات تتقدم، وهو الأمر الذى يراه الخبراء تغييراً فى الإستراتيجية الدفاعية لدى الحزب، وان الأيام القادمة تتضح فيها الصورة، وهل سوف يستعيد حزب الله اعتباره بعد ان الضربات الأخيرة.
يقول د. جمال وكيم أستاذ العلاقات الدولية اللبناني، إن هذا الدخول البرى من الجيش الإسرائيلى سوف يكون قاسيا على الشعب اللبناني، وقد عانى مسبقا من القصف الجوي، ونزح عدد كبير من الجنوب إلى الشمال، وان هذه الحرب لا تزال فى بدايتها، وخلافا للتوقعات الإسرائيلية فانها لن تكون محدودة، لأن نتائج هذه الحرب سوف تكون خطيرة جدا على لبنان والمنطقة، والولايات المتحدة وإسرائيل يحضرون حاليا قلب المعادلات السياسية فى لبنان، عبر اجتياح برى وتوجيه ضربة إلى حزب الله، وأيضا من خلال انتخاب رئيس لبنانى موال للولايات المتحدة، وانتزاع لبنان بالكامل ووضعه تحت المظلة الامريكية، وقطع وتدمير حليف مهم لإيران وهو حزب الله، وبالتالى ضرب النفوذ الإيرانى فى الشرق الأوسط، وهذا من نتائجها إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة.
شدد محمد سعيد الرز الكاتب والمحلل السياسى اللبناني، ان حزب الله ينفى هذا الدخول البري، وان الذى حدث انه تم ارسال فرقة من قوات الكوماندوز، وتم ضربها وانسحبوا، وأول أمس دخلت بعض المدرعات وتم ضربها وانسحبت، وذلك فى القرى المواجهة للحدود، فيرميش والخيام، وهى قوى استطلاعية تجهز للدخول البري، وهذا تغيير كبير فى تكتيك الحرب لدى حزب الله، لأنه عادة يترك القوات تدخل وتتمركز، ثم يقوم بضربها والقضاء عليها، ولكنه هذه المرة يشدد على افشال الدخول، بالاضافة إلى انه صعد فى ضرب الصواريخ على المدن الاسرائيلية، واستهدف تل أبيب وكريات شمونة، ومن المعروف ان العناصر القتالية ما زالت بكامل قوتها، لانه لم يتم استهدافها فى تفجيرات البيجر لأنهم لم يكونوا يحملونها، وكان الاستهداف فى القيادات أكثر، كما ان ترسانة الصواريخ ما زالت موجودة، و الرهان على ان تمد إسرائيل عدوانها بالدخول البري، وهنا سوف يكون التفوق لمقاتلى الحزب، خاصة وانهم ليس لديهم ما يخسرونه، ويريدون إعادة اعتبارهم بعد الاغتيالات.
قال الرز إن الاشكالية فى تخلى إيران عن حزب الله، حيث اتخذت هذا القرار منذ يونيو الماضي، عندما اجتمع المرشد الايرانى مع الرئيس الايرانى الجديد، واعتمد إستيراتيجية التراجع التكتيكي، وطلب آنذاك حزب الله مساعدة من إيران، بتزويدها بالأسلحة المتطورة الدقيقة والذكية والبالستيه، ورفضت إيران بحجة ان الظروف لا تسمح بذلك، واستمرت هذه السياسة.
يقول د. على شكر أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة لبنان، هى خطوة جديدة فى الحرب تتعلق بالتوغل الإسرائيلى البري، ولكن من الواضح مما يقوله الإعلام والسياسيون وحزب الله انه لا توجد حتى الآن مواجهات مباشرة بين الطرفين، وفكرة الدخول البرى هى من أجل البروباجندا الإعلامية، ومن باب محاولة جس النبض والنظر فى القدرة الدفاعية ومستواها لدى مقاتلى حزب الله، لأن اسرائيل تمكنت من ضرب البنية الهيكلية العسكرية لحزب الله، ولكن حتى الآن هو لا يعرف مدى قدرته على تحقيق أهداف فيما يتعلق بالبنية العسكرية وخاصة على الجبهة الجنوبية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة الإسرائيلية هى أيضاً جزء من من تجربة الاستطلاع وجزء منها لبث المزيد من الضغوط والخوف لدى اللبنانيين بشكل عام، والضغط على حزب الله بمعنى أنها ستكون ضاغطة جوا والآن برا، ولقد لوحوا بتحريك الآليات البحرية.
قال إن الحديث عن التداعيات لا يمكن التنبؤ به الآن، لان المعركة مرتبطة بالواقع الميداني، والآن وبعد التغييرات التى حصلت على مستوى استهداف المقاومة وانتظار ما ستكون عليه جهوزيتها، ومحاولة الدخول البرى كل المعطيات هى التى ستحدد التداعيات.