دعا رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إلى عقد مشاورات أمنية بحضور وزير الدفاع وقادة أجهزة الأمن لمناقشة الوضع فى قطاع غزة، وسط انتقادات داخلية وغضب من عائلات الرهائن، بينما اعتبرت حركة حماس، أن إسرائيل تضحى بأسراها المحتجزين فى القطاع.
وقال مكتب نتنياهو إن إسرائيل ستتحرك ضد حماس بقوة عسكرية مضاعفة.. وزعم بيان للمكتب أن استئناف العدوان على غزة يأتى «بعد تكرار رفض حماس إطلاق سراح الرهائن، ورفضها جميع المقترحات التى أرسلها إليها مبعوث الرئاسة الأمريكى وستيف ويتكوف والوسطاء».
أما وزير الدفاع يسرائيل كاتس فاشترط لوقف القتال عودة جميع المحتجزين وتحقيق أهداف الحرب.. وهدد كاتس حركة حماس أنها ما لم تطلق سراح الرهائن فإن أبواب الجحيم ستفتح فى غزة.. وزعم كاتس أن عودة القتال سببها رفض حماس «إطلاق سراح الرهائن» وتهديدها جنود إسرائيل.
من جانبه عقد المتحدث باسم وزارة خارجية إسرائيل، أورين مارمورشتاين، مؤتمرا صحفيا أمس عن مصير مفاوضات وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين، وذلك بعد استئناف الاحتلال حربه على القطاع.
زعم مارمورشتاين إن وقف إطلاق النار «انتهى منذ أسبوعين ونصف»، وإن الاتفاق لم يشمل انتقالا سريعا بين المرحلة الثانية والأولي. وبسؤاله عما إذا كان استئناف «العمليات العسكرية» سيوسع جبهات القتال، قال إن بلاده تتعرض لهجمات من حماس وحزب الله والحوثيين منذ 7 أكتوبر، مضيفا أن كل تلك الهجمات بدأها عملاء إيران وأن الحرب فُرضت على إسرائيل، وفقا لادعاءاته.
على صعيد متصل، عاد وزير الأمن القومى الإسرائيلى السابق بن لحكومة نتنياهو، حسب بيان مشترك لحزب القوة اليهودية. ورحب بن غفير وحزبه بعودة إسرائيل بقيادة نتنياهو إلى تكثيف القتال فى غزة. وزعم بن غفير أن العودة إلى القتال خطوة صحيحة وأخلاقية ومعنوية لتدمير حماس وإعادة الأسرى الإسرائيليين.
وكان بن غفير اشترط لعودته مطالب منها استئناف حرب غزة وإقالة رئيس الشاباك والمستشارة القانونية لحكومة إسرائيل، وهى ثلاثة من المطالب التى اشترط بن غفير للعودة إلى الحكومة بعد استقالته فى يناير الماضي، احتجاجا على اتفاق وقف إطلاق النار الذى دخل حيز التنفيذ فى 19 يناير الماضي.
كما رحب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومى المستقيل إيتمار بن غفير بعودة الحرب على غزة. وقال الوزير اليمينى المتطرف سموتريتش إنه استمر حتى هذه اللحظة فى الحكومة رغم معارضته اتفاق وقف إطلاق النار وإنهم عازمون أكثر على إكمال مهمة تدمير حماس.
وأضاف سموتريتش أن العملية فى غزة تدريجية تم التخطيط لها فى الأسابيع الأخيرة منذ تولى رئيس الأركان الجديد إيال زامير منصبه، قائلا إن العملية الجديد فى غزة ستبدو مختلفة عما كانت عليه قبل وقف إطلاق النار.
أما عن الأسرى الإسرائيليين، فقالت حماس إن أسيرا إسرائيليا قُتل واثنان أُصيبا فجر أمس فى تجدد غارات إسرائيل على القطاع.
وعدّ عضو المكتب السياسى لحماس، عزت الرشق، أن استئناف إسرائيل الحرب على غزة هو قرار بـ»التضحية بالأسري، وحكم بالإعدام ضدهم».
وأضاف فى تصريحات صحفية أن استئناف الحرب «جاء تحقيقا لأهداف شخصية لنتنياهو»، مطالبا الوسطاء بكشف الحقائق عن انقلاب نتنياهو على اتفاق وقف إطلاق النار، وتحميله وحده مسؤولية صب الزيت على النار فى غزة والمنطقة.
وشدد الرشق على أن نتنياهو لن يحقق بالحرب والدمار ما عجز عن تحقيقه عبر المفاوضات، فى إشارة ضمنية إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين فى القطاع.
من جانبها، أبدت عائلات الرهائن الإسرائيليين فى غزة، استياءها الشديد من استئناف القتال فى غزة، معتبرة أن الحكومة الإسرائيلية «تخلت عن المختطفين».
وأكدت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين أن الضغط العسكرى سيؤدى إلى قتل المحتجزين الأحياء واختفاء جثامين الموتى منهم، ودعت إلى مظاهرات «بعد قرار الحكومة التضحية بالمختطفين»، فى حين طرد سموتريتش بعض أهالى الرهائن الإسرائيليين من الكنيست.
واتهم بيان لمنتدى عائلات «الرهائن والمفقودين»، حكومة إسرائيل، بـ»اختيار التضحية بحياة الرهائن».
وأضاف البيان: «لقد تحقق أعظم مخاوف العائلات والرهائن والمواطنين الإسرائيليين. نشعر بالرعب والغضب والخوف من التحطيم المتعمد لعملية إعادة أحبائنا من أسر (حماس) المروع».
وأكد البيان أن العودة إلى القتال قبل عودة آخر رهينة ستكلّف 59 أسيرا لا يزالون فى غزة وما يزال من الممكن إنقاذهم. وأوضح البيان أن الحديث بعودة القتال لإعادة الرهائن تضليل كامل لأن الضغط العسكرى يُعرّض الرهائن والجنود للخطر، ويُعتقد أن 24 أسيرا فقط من الـ59 أحياء.
من جانبهم استنكر أسرى إسرائيليون سابقون في غزة استئناف عدوان إسرائيل على القطاع، وحذر أقارب لأسرى فى غزة من المخاطر المحدقة بأبنائهم فى ظل قصف مناطق مختلفة من القطاع.
وقال شقيق الأسير نمرود كوهين إن قرار إسرائيل العودة إلى القتال فإنها «تصدر حكما بالإعدام على المختطفين»، وأضاف «نعلم أن الضغط العسكرى تسبب فى مقتل 41 مختطفا»، وأن هذا سيتكرر الآن.. كما اتهم نتنياهو بالكذب لان المفاوضات انهارت متهما إياه بأنه من دمر الصفقة. وقال الأسير المفرج عنه إيلى كوهين إن تجدد القتال هو إنزال عقوبة الإعدام «بأصدقائي» الذين ما زالوا فى الأسر.
كما تحدث الأسير السابق لويس هير عن وضع رفاقه الموجودين بغزة قائلا «مررنا بجحيم مثل هذا، ووضع الرهائن لا يمكن تصوره فى هذه الأثناء، إنه أمر مفجع».
وانتقد والد الأسير ماتان إنجرست قرار عودة الحرب قائلا إن الدولة لا تقاتل من أجل ابنه المجند وإنه لا يفهم كيف سيعود ابنه تحت هذا الضغط العسكري.. وطالبت العائلات بعقد اجتماع عاجل مع نتنياهو وكاتس ورئيس فريق المفاوضات لمسائلة الحكومة عن أسباب انسحابهم من الاتفاق الذى كان من الممكن أن يعيد جميع الرهائن، موضحة أنه لاأمن ولا نصر ولا نهضة حتى يعود آخر مختطف إلى إسرائيل. ودعت العائلات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لمواصلة العمل على إطلاق سراح جميع المحتجزين، وشددت على العود إلى وقف إطلاق النار لأن حياتهم على المحك.
من جانبه قال البيت الأبيض أمس إن إسرائيل أبلغت إدارة ترامب بشأن استئناف «العمليات العسكرية» فى قطاع غزة. وفى مقابلة مع شبكة فوكس نيوز اليمينية الأمريكية، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت: «ابلغت إسرائيل إدارة ترامب والبيت الأبيض بشأن الهجمات التى وقعت أمس فى غزة. وقد أوضح ترامب بحسم أن حماس والحوثيين وإيران، وكل من يسعى لنشر ما أسماه الإرهاب ضد إسرائيل والولايات المتحدة سيدفعون ثمن أفعالهم.
وعلى الصعيد السياسي، تصاعدت الانتقادات الموجهة إلى نتنياهو باتهامه بشن الحرب لتحقيق مكاسب سياسية وحزبية. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن عددا من قادة الاحتجاج ضد نتنياهو، بينهم موشيه رادمان، ويايا فينك، وشكما بريسلا، وعمرى درور، أعلنوا استمرارهم فى المظاهرات رغم التصعيد العسكري، مشيرين إلى أن نتنياهو يخشى الشارع، ويدرك أن أيام حكومته معدودة.
وفى هذا السياق، قال الجنرال الإسرائيلى السابق، نوعام تيبون إنه لا يمكن تجاهل الدوافع السياسية والشخصية لنتنياهو فى قرار العودة إلى القتال، بما فى ذلك إعادة حزب (قوة يهودية) بزعامة إيتمار بن غفير إلى الحكومة، وتمرير قانون الموازنة الذى فشله يؤدى إلى انهيار الحكومة ، كما أشار تيبون إلى أن تصاعد الاحتجاجات ضد نتنياهو مرتبط بقراره إقالة رئيس «الشاباك»، بعد تزايد الخلافات بينهما.
واتهم يائير جولان زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، نتنياهو، بأنه قرر استئناف الحرب من أجل الحفاظ منصبه. وقال جولان إن الجنود المقاتلين والمحتجزين لدى حماس هم أوراق فى لعبة نتنياهو لبقائه فى السلطة. وأضاف أن نتنياهو يستخدم حياة مواطنى إسرائيل وجنودها، لأنه خائف من التظاهرات ضده لإقالته رئيس الشاباك. ووصف جولان نتنياهو بالمجنون والفاسط والخطير، داعيا إلى التظاهر للحفاظ على «دولة إسرائيل» منه.
لبنان وسوريا يتفقان على «وقف النار»
بعد تصعيد على الحدود

اتفق وزيرا الدفاع فى لبنان وسوريا على وقف إطلاق النار بين البلدين، وتعزيز التنسيق والتعاون، وذلك بعد اشتباكات على الحدود استمرت يومين.
أجرى وزير الدفاع الوطنى فى لبنان اللواء ميشال منسى اتصالا هاتفيا بنظيره السورى مرهف أبو قصرة، وبحثا التطورات الحاصلة على الحدود اللبنانية- السورية، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع اللبنانية.
ذكرت الوزارة أنه «جرى الإتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين على أن يستمر التواصل بين مديرية المخابرات فى الجيش اللبنانى والمخابرات السورية لمنع تدهور الأوضاع على الحدود بين البلدين تجنبا لسقوط ضحايا مدنيين أبرياء».
وأعلن المكتب الإعلامى فى وزارة الدفاع السورية الاتفاق مع وزارة الدفاع اللبنانية على وقف إطلاق النار على الحدود وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجانبين.
وكانت وزارة الدفاع السورية اتهمت حزب الله بخطف 3 عناصر من جيش سوريا وقتلهم، فيما نفت الجماعة ذلك.
وذكرت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس جوزيف عون اتصل بوزير الخارجية اللبنانى يوسف رجي، الموجود فى بروكسل، وطلب منه التواصل مع الوفد السورى المُشارك فى (المؤتمر التاسع لدعم مستقبل سوريا)، للعمل على معالجة المشكلة القائمة بأسرع وقت ممكن، بما يضمن سيادة الدولتين ويحول دون تدهور الأوضاع.
على صعيد آخر قصف جيش إسرائيل مواقع قرب دمشق عاصمة سوريا بعد ساعات من غارات استهدفت مدينة درعا جنوب البلاد وأسفرت عن 3 قتلى وأكثر من 20 جريحا. وذكرت إذاعة جيش إسرائيل وهيئة البث الإسرائيلية أن جيش الاحتلال هاجم مواقع رعم عسكرية جنوب غرب دمشق فى تل المانع بمحيط مدينة الكسوة فى ريف دمشق.
وزير الأوقاف: وحشية غير مسبوقة
ضد الإنسانية

أدان وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، بأشد العبارات الغارات الجوية الإسرائيلية الغاشمة التى استهدفت قطاع غزة، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 300 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، فى جريمة نكراء تنتهك كافة المواثيق الدولية، وتمثل تصعيدًا خطيرًا يهدد استقرار المنطقة بأسرها.
وأكد الأزهري- فى بيان أمس – أن هذا الاعتداء يعد خرقًا صارخًا لاتفاق وقف إطلاق النار، ويفضح سياسة الاحتلال القائمة على العدوان والتنكيل بالشعب الفلسطينى الأعزل.
وقال إن استهداف المدنيين العزّل، وتدمير المنازل والمرافق الحيوية، يعد جريمة ضد الإنسانية، تفرض على المجتمع الدولى اتخاذ موقف حازم لوقف هذا العدوان الغاشم، كما يشدد على أن الدم الفلسطينى ليس رخيصًا، وأن الصمت الدولى تجاه هذه المجازر غير مقبول، بل يشجع الاحتلال على التمادى فى جرائمه، مما يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة.
كما دعا إلى استكمال تطبيق خطة إعادة إعمار غزة فى ضوء الرؤية المصرية التى اقترحتها الدولة المصرية لإنهاء الصراع، مشددًا على أن إعادة الإعمار ليست مجرد جهد إنساني، بل التزام أخلاقى تجاه الشعب الفلسطينى الذى يعانى من تبعات العدوان المستمر.
كما أكد أن الجهود المصرية لعبت دورًا محوريًا فى دعم غزة، سواء من خلال المساعدات الإنسانية العاجلة أو عبر مشاريع إعادة الإعمار، كما شدد على ضرورة حماية البنية التحتية الفلسطينية من التدمير الممنهج، ووضع آلية دولية لضمان استمرار جهود الإعمار دون تدخل أو قيود تعوق تحسين حياة الفلسطينيين.
وطالب وزير الأوقاف، المجتمع الدولى ومنظمات حقوق الإنسان والهيئات الدولية، بسرعة التدخل لوقف هذا العدوان، واتخاذ إجراءات رادعة تمنع تكرار مثل هذه الجرائم، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية لن تموت، وستظل فى صدارة الاهتمام العربى والإسلامي، وأن الاحتلال لن ينجح فى كسر إرادة الشعب الفلسطينى الصامد..