الرئيس عبدالفتاح السيسى يولى اهتماماً كبيراً بقضية تطوير التعليم المصرى ويراه أهم الملفات التى تحتاج إلى رؤى وأفكار وجهود متواصلة من أجل الارتقاء به وإزالة كافة التحديات الصعبة خاصة الجانب الاقتصادى فى ظل محدودية موارد الدولة وتداعيات الأزمات الإقليمية والعالمية المتلاحقة وأيضاً النمو السكانى الذى يحتاج إلى ميزانيات وموارد إضافية كل عام لتوفير التعليم المناسب لأكثر من 25 مليون طالب سواء فى عدد الفصول الدراسية أو المدرسين والإداريين والعمال المنوطين بالعملية التعليمية.
لاشك أن تطوير التعليم قضية جوهرية ومصيرية، وفى هذا الإطار أطرح العديد من التساؤلات أمام وزير التربية والتعليم محمد عبداللطيف فى نقاش مطلوب من أجل المصلحة الوطنية وقبل ذلك من المهم أن أوجه له التحية على نقاط إيجابية تحققت.. أبرزها عودة الطلاب أو التلاميذ إلى المدارس من جديد والحد من حدة ظاهرة الكثافة فى الفصول، والنقطة الثانية هى اعتبار مادة الدين مادة أساسية فى المجموع وأنا من أشد المؤيدين لهذا القرار.. وإن كنت أرى أن «امتحان الدين» لابد أن يكون أمراً متعلقاً بوزارة التربية والتعليم ومسئوليتها من خلال خبراء، وأن يكون محتوى المادة يخاطب الواقع، والقضايا والظواهر التى نعانى منها، وأن يجرى تدريس هذه المادة بأسلوب مختلف لكوننا نحتاج تحقيق أهداف وضع مادة الدين فى المجموع الأساسى أو اعتبارها مادة مجموع وأساسية.
الوزير، يولى اهتماماً كبيراً بالتعليم العام، مثل اختصار مواد الثانوية العامة إلى خمس مواد دراسية تدخل فى المجموع سواء للأدبى أو العلمى أو الرياضيات، وهذا أمر جيد، مع الاهتمام بكافة الوسائل بالمواد الأخرى التى لا تدخل فى المجموع.. والسؤال.. أين الاهتمام بالتعليم الفنى، وحسب متابعتى لم أجد أى قرار يتعلق بهذا الأمر، فلماذا لم يختصر الوزير المواد الدراسية النظرية لطلاب التعليم الفنى فهى قضية مهمة، فما يعنى الطلاب فى التعليم الفنى هو المواد أو الجانب العملى، وربما يتم الاكتفاء بمادتين أو ثلاث نظرية، وتتحول العملية التعليمية إلى الجانب العملى سواء فى ورش الوزارة فى هذه المدارس، أو توقيع بروتوكولات واتفاقيات مع المصانع والشركات والقلاع الصناعية، ويمارس ويتدرب على التخصص الذى اختاره طيلة الـ 3 سنوات أو الخمس سنوات، العجيب والمبهر، أن أعداد الجامعات التكنولوجية، والتطبيقية تتصاعد وأعداد كليات الهندسة فى زيادة، وهى جامعات على أعلى مستوى، سواء الحكومية أو الدولية وبالتالى هناك فرصة تاريخية لاستيعاب خريجى المدارس الفنية فى هذه الجامعات والكليات لنقضى على العقدة الاجتماعية «دبلوم» أو مؤهل متوسط، لنبنى خريجى جامعات فنية وتكنولوجية وتطبيقية يعمل بيده لكنه يحمل شهادة عليا.. لذلك أرى أن مشرط الوزير لابد أن يتجه إلى التعليم الفنى وأن يكون ذلك ملحوظاً، وتجرى مناقشته مجتمعياً، أعنى رؤية تطوير التعليم الفنى نظرياً وعملياً، وما هى المواد التى يستفيد منها الطالب فى هذا المجال أو فى تخصصه بدلاً من الحشو وإهدار الوقت.. لذلك أطالب الوزير بعرض مشروع متكامل للتعليم الفنى وأراه الأهم لأنه يعنى المستقبل والتقدم والنهوض فى ظل الأولوية الكبرى للدولة المصرية للنهوض بقطاع الصناعة، وما تبديه من اهتمام بتشجيع القطاع الخاص وحجم الاستثمارات الكبرى فى مصر فى مجال الصناعة سواء السيارات أو الأجهزة الكهربائية أو المنزلية أو الاحتياجات المحلية والتصدير.. فمصر أحد الاقتصادات العالمية الواعدة، ولابد من توفير قوى عاملة أو التوسع فيها بحيث تكون على أعلى مستوى تدريباً وإعداداً وتأهيلاً وتعليماً وربطها باحتياجات السوق وأيضاً بالمصانع والكيانات الصناعية العملاقة سواء للدولة أو القطاع الخاص أو المستثمرين المصريين والأجانب أو العمل فى الأسواق الإقليمية والدولية لأنها تزيد وتعظم من زيادة تحويلات المصريين فى الخارج من العملات الصعبة.. ولابد أن تكون لمصر تجربة ومشروع فى مجال التعليم الفنى ونستفيد من تجارب الدول المتقدمة والفرصة سانحة تماماً، والواقع مؤهل لذلك.. لكن الكرة فى ملعب وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى.
الأمر الثانى المهم، وهو أمر أراه وأعيشه على أرض الواقع، أن المناهج الدراسية أعلى من القدرات الذهنية فى بعض المراحل الدراسية وعلى سبيل المثال، الصف الرابع الابتدائى مادة اللغة الإنجليزية لهذا الصف، قد تناسب المرحلة الثانوية، وليس الابتدائى، كلمات شديدة الصعوبة، وتحتاج إلى تفسير باللغة العربية بالنسبة للطالب قبل أن يستوعبها باللغة الإنجليزية، وهو نفس الأمر بالنسبة لباقى المواد الدراسية، فى الدراسات والرياضة واللغة العربية، هى أكبر من مستوى سنه.
رابعة ابتدائى، هذا العمر الذى تتشكل فيه شخصية الطالب على الجانب الوجدانى والرياضى والثقافى، وفى ظل هذه الصعوبة وتلاحق الامتحانات سواء التقييمات الأسبوعية أو الامتحان الشهرى اسأل الوزير.. متى سيلعب هذا الطفل، أو يمارس الموسيقى والرياضة وباقى الأنشطة.. هناك أولياء أمور يتحدثون أنهم يوقظون أبناءهم فى الرابعة فجراً قبل النزول إلى المدرسة للمذاكرة، فالإجابة فى الامتحانات المتلاحقة، فى نفس الوقت نخفف المناهج على طلاب الثانوية العامة.. أليس هناك تناقض فى ذلك، التخفيف على طالب واع ومدرك ولديه استعداد لبذل الجهود والاستيعاب ونزيد العبء والحمل والضغط على أطفال فى السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية، يحتاجون إلى بناء علمى ونفسى ووجدانى، ورياضى وثقافى وذهنى ودينى، وانتماء وولاء، والسؤال.. أين هذه المحاور من التعليم أو اليوم المدرسى.. هل هناك وقت ليلعب التلميذ أو الطفل الصغير، أو تستطيع أن تحدثه عن مبادئ الأخلاق، والبناء الوطنى للشخصية أو ممارسة الرياضة والفنون، أعتقد نحن فى حاجة إلى نظرة أو إعادة النظر فى مناهج المرحلة الابتدائية خاصة رابعة ابتدائى حتى لا تكون بنفس الصعوبة الحالية وهو يمثل ضغطاً على التلاميذ وأولياء الأمور.. بل وتشبع مع كثرة المواد والجرعات الدراسية وتلاحق الامتحانات.
كنا فى الماضى ندرس اللغة الإنجليزية من الصف الأول الإعدادى، ولا أقول هذا أمر جيد، لكننا تفوقنا فى هذه المواد، ومنا من يجيد اللغة الإنجليزية بطلاقة وتعلم فى الخارج، وكنا ندرس الفرنسية فى أولى ثانوى وتفوقنا أيضاً، وأنا لا أقول نعيد ذلك لا، ولكن التدرج فى الجرعات التعليمية وألا تكون هذه المواد بهذا الثقل على تلاميذ فى سن الطفولة، وهناك أشياء لا تقل أهمية عن المواد الدراسية فى هذه السن مثل الجوانب الإبداعية والمهارية والفنية والرياضية.. وللحديث بقية.