رمضان كان ومازال شهراً مميزاً يحمل معه مشاعر الإيمان والتكافل والرحمة وصلة الأرحام وقراءة القرآن وعمل الصالحات.. رمضان فى الماضى كانت له عادات وطقوس جميلة كانت العائلات تتجمع على طبلية واحدة يشارك الكبير والصغير الطعام البسيط والقصص والحكايات والضحكات وكان للمحبة حضورها الدافئ بين الجدران الضيقة للبيوت المتواضعة ورغم الحالة المعيشية الصعبة عند الغالبية كانت حالة الرضا بما قسم الله تحيل حياة الجميع إلى جنة فلا أحقاد ولا أمراض فكانت البركة فى الصحة والمال والولد حتى الحيوان والنبات والطير والجماد.. ورغم قلة الامكانيات كانت النفوس غنية بالقناعة والمحبة الصافية والعطاء والإيثار والجود والكرم والتكافل وكانت صلة الرحم لا يتهاون فيها أحد..
< زمان كانت البساطة فى كل شىء حتى فى اعداد الطعام من خلال الكانون أو الفرن البلدى.. البساطة فى التعامل كانت تضفى جمالاً ودفئاً خاصاً بين الناس.
< أهم ما يميز حياتنا زمان قوة الإيمان لدى الناس لأنهم يعيشون على الفطرة الربانية فكانت النفوس صافية.. راضية.. مطمئنة.. فكان الحب بين الجميع.
< جلست أتابع شريط ذكريات أحوالنا فى الماضى ودموعى تتساقط رغماً عنى.. عن رجال بمعنى الكلمة ونساء افتقدناهم.. عن أيام وعادات وتقاليد جميلة.. عن أخلاقنا الاصيلة التى كانت تحمى مجتمعنا.. لبيوتنا البسيطة التى كانت دافئة شتاءً رطبة صيفاً.. لملابس النساء المحتشمة.. للرجال عندما كانوا رجالاً فى زمن عز فيه الرجال.. ما أجملها من صور وذكريات.. ويؤسفنا أنه بعد أن تحسنت معيشتنا ذهبت معها روح الحياة التى كانت فى الماضى حتى أصبحت من الذكريات.
< كانت الأجواء الرمضانية زمان أكثر من كونها عبادة ومن أركان الدين فقد رسخت لدينا الكثير من المعانى الجميلة وحفرت مكاناً خالداً فى ذاكرتنا وشكلت شخصيتنا ومنحتنا طاقة روحية وشعوراً بالأمان والتسامح والفرح الجماعى وجمع شمل الأسرة والعائلة والبلدة ومصر كلها.
< زمان كان المسحراتى هو الوسيلة الوحيدة لمعرفة حلول موعد السحور لأن السهر كان أمراً نادراً فمعظم أهالى القرى كانوا ينامون مبكرين ومن لم توقظه طبلة المسحراتى فقد فاته السحور.
< زمان كانت كل عائلة تتجمع بالدوار الخاص بها بعد صلاة التراويح يسهرون على قراءة القرآن والتواشيح الدينية ومع اختفاء هذه العادة الجميلة والاصيلة إلا أنى أجدها فى دوار العائلة الكريمة «الجبالى» بقريتى وبعض قرى الصعيد وبحرى.
<<<
< أما اليوم فقد تغير المشهد وأصبحت البيوت أكبر وأكثر رفاهية وتوفرت بها جميع وسائل الراحة ومع ذلك باتت خاوية من روح الحياة.. بعدما تقطعت الأرحام.. وكثر الخبث بين الناس.. وانتشرت الاحقاد وأكل الميراث فنزعت البركة من المال والصحة والولد وحتى الحيوان والنبات والطير وكثرت الأمراض إلا ما رحم ربى.