يُعد واحدا من أعظم من قرأوا القرآن فى مصر فقد حقق نجومية مع التلاوة مبكرة منذ طفولته وصنع بموهبته عطاء فياضاً فى هذا العالم الرحب.. وساعده على ذلك تشجيع والده الذى «نذره» للقرآن الكريم تلاوة وتجويدا.. واجتهد الشاب الصغير عندما عرف أن والده الريفى فتح يديه للسماء قائلا إذا رزقنى الله بـ «طفل» سأنذره لقراءة كتاب الله وحفظه.. ولم يكذب الصبى الصغير الأمر فى دروب قريته وسط بيوت من الطين فى عشرينيات القرن الماضى ليحقق لوالده الذى يعمل بالزراعة أمنيته بحفظ القرآن وزاد عليه دراسة المقامات الموسيقية لصقل موهبته ليصبح فيما بعد ثانى أصغر قارئ فى الإذاعة المصرية.
وكان المستمعون يعدونه «جوهرة» القراء للقرآن الذى أتم حفظه وعمره لم يتجاوز العاشرة.. وثقف نفسه بدراسة التواشيح والابتهالات الدينية كما كان مولعاً بالاستماع لمن سبقوه فى هذا العالم الخصب المملوء بالمميزين فى دولة التلاوة وعباقرتها.
وبسرعة وصل للصفوف الأولى بجوار ما كان يعتقد أن الوصول لمكانتهم من الشهرة والأداء ستأخذ سنوات وسنوات فهو الصبى الذى ولد فى أسرة دينية لكنه يعيش فى قرية بيوتها متواضعة وليس بها إلا الكتاتيب وبيوت مسقوفة بـ «البوص» والعروق الخشبية التى لا تحميها من أمطار الشتاء الغزيرة أحيانا.. ونجح الصبى فى ترجمة السؤال الصعب كيف أصل إلى مرتبة العمالقة.. وفى ذهنه أن والده استجاب الله لدعائه بأن يرزقه ولدا لاخته الوحيدة وسينذره للقراءة والتلاوة.. ليرفع اسم أسرته فى بناء شامخ بكتاب الله.. وتبتسم أمه كلما وجدت ابنها يزهو بحفظه كتاب الله وشيوخه يثنون عليه وهى الأم التى كانت كلما وضعت طفلا كان يتوفاه الله.. وكان صعود الأب «الزوج» فوق منزله المسقوف بالقش والطين ووجه دعاءه إلى الله فرزقه ابنه الذى مدح صوته بتلاوة القرآن فى مصر والعالم واستجاب الله للحاج على البنا ابن قرية شبراباص القريبة من شبين الكوم وأيضا المسجد الأحمدى فى طنطا بولد ذكر ينضم إلى شقيقته رتيبة وسماه محمود.
وبلغ صيته خريطة العالم بقاراته الخمسة فى رحاب التلاوة.. ويلتقى بالرؤساء بينهم الرئيس عبدالناصر والسادات وإعجابهما بصوته وترك للإذاعة المصحف المرتل الذى سجله بأمر الرئيس عبدالناصر بعد إحيائه مع المشاهير من القراء عزاء والده فى الإسكندرية فى عام 65 وأذيع عام 68 وسط حرب الاستنزاف وقارئنا المنوفى العبقرى له كثير من المواقف الوطنية مع القوات المسلحة عندما جمع اسرته الصغيرة وابلغ زوجته بأنه سيتبرع للمجهود الحربى بجزء كبير من ماله فقامت زوجته بتقديم ذهبها وقدم له أبناؤه مدخراتهم وتبرعوا بها.. وفى إحدى المرات استدعى من الجهات المعنية لصلاة الجمعة فى الجبهة وقراءة القرآن واستأذن من الداعين أن يصطحب أحد أبنائه «الشيخ أحمد» وفى مسجد الشهداء التابع للشيخ حافظ سلامة وبينما يقرأ القرآن وإذا بقصف بالقرب من المكان.. وكنت أترقب الموقف لكن الشيخ محمود على البنا لم يحرك ساكنا واستمر فى قراءة القرآن وثبت تماما ومن يزور مسجد الشهداء سيرى آثاراً باقية لطلقات الرصاص التى لم ترمم حتى فترة قريبة ويقول ابنه الشيخ أحمد الذى رافقه فى هذه الرحلة أنه لم يتلعثم ولم يتحرك.. وقد اطلق عليه القاب عدة من المحبين «صوت الندي» وهو الرجل الذى يصل نسبه الشريف إلى سيدنا الحسين بن علي.
هذا الشيخ العبقرى سافر إلى جميع الدول العربية وقرأ القرآن فى القصور الرئاسية والملكية وفى المسجدين الحرام بمكة المكرمة والنبوى بالمدينة المنورة كما قرأ القرآن فى المسجد الأقصى والمسجد الأموى وزار الهند وتايلاند وماليزيا وسنغافورة وألمانيا والنمسا إضافة إلى أوروبا فى رحلة نورانية استمرت منذ ولادته فى 17 ديسمبر عام 1926 وحتى وفاته حتى رحيله صباح 20 يوليو 1985 وهو القارئ الذى عاصر 4 رؤساء لمصر محمد نجيب وعبدالناصر والسادات ومبارك الذى منحه وسام الامتياز فى العلوم والفنون بعد وفاته عام 1990.
وقد نجحت ابنته الزميلة الصحفية فى إصدار بعض من أسرار حياته وسجلته باسم صوت تحبه الملائكة حياة حافلة بالمحطات فى مسيرة «حياة» ورحلة قرآنية مع التلاوة بدأت فى قريته وطاف فى رحلة التلاوة العالم وقرأ فى اشهر المساجد وساهم فى ولادة وتأسيس نقابة القراء واختير نقيبا لها بعد عبقرى التلاوة زميلة بن الصعيد والأقصر عبدالباسط عبدالصمد.. إنه فعلا كما قالت كريمته «صوت الجنة الملائكة» وعرف وسط القراء بـ «الرجل الأنيق».
النشأة والميلاد
مع شروق شمس 17 ديسمبر 1926 فى قرية شبراباص وفى برد الشتاء فى الريف المصرى وضعت زوجة المرحوم الحاج على البنا أبنا أضاء منزل أسرة مات لها على مدى 4 سنوات أطفالها ليؤنس حياة شقيقته الوحيدة ونذره والده لقراءة القرآن وابتسم القدر للأسرة التى تمنت إنجاب ولد وسرت به والدته ووالده الذى استجاب الله لدعائه ليعرف الفرح طريقه إلى الأسرة التى تعرضت لاختبار صعب فى أشهر حمل ثقيلة ظنت أنها ستكون كالأربعة السابقة له ويخطفه الموت.. وبدأت رحلة محمود على البنا الشيخ الأشهر كنقيب القراء بعد تشغيل أول نقابة لهم فى عهد الرئيس السادات.. وبعد ولادته وبلوغه الرابعة تقريبا ذهب والده به إلى شيخ القرية فى الكتاب ليحفظ القرآن.. ووسط اهتمام الأب بطفله.. وفى «كتاب» الشيخ موسى بدأ الطفل محمود أولى خطواته إلى عالم التلاوة الواسع الذى علمه الحفظ والتجويد وكان يعرف قصة البديل الذى ظهر موهوبا وسط أقرانه الصغار وظهرت عليه علامات الذكاء وسمات أهل القرآن فى كلامه ودقة ألفاظه وتوجهات شيخه «موسي».
فى سن العاشرة تخرج الطفل الذكى محمود من كتاب «موسي» كما كانوا يطلقون عليه العامة فى القرية الصغيرة التى تقع فى محور 3 مراكز بالمنوفية منوف التى كانت هو شبه عاصمة المنوفية والشهداء وشبين الكوم قبل إعلانها عاصمة للمحافظة.
ومع إتمام حفظ القرآن اتجهت الأسرة لإلحاقه بالمعهد الأزهرى وصدمها قرار عدم قبوله لأن سنه صغيرة.. وهنا أشاروا على الوالد أن يلحقه بالمعهد الأزهرى الجديد فى طنطا «المنشاوي» الذى يركز على حفظ كتاب الله ولا يتقيد بالسن.. وطنطا بالنسبة للأسرة قريبة ووالدته استبشرت خيراً بها لأنها أصبحت وعمره عام ودعت له فى المسجد الأحمدى بأن يكون خادما فى هذه المسجد، وفى هذا الأثناء ابتسم الحظ لوالدته وأنجبت بعده عبدالهادى ومحمد ومصطفى وأبوالفتوح ونبوية الثانية إلى رتيبة الكبري.
وعندما ذهب به إلى المعهد ونظر لميوله الأدبية وذاكرته القوية فى المعهد بدأت ميوله وموهبته فى القراءة تنمو وبدأ يتبع الليالى التى تقام فى طنطا للشيوخ مصطفى إسماعيل ومحمد السعودى وشفيق أبوشهية وعبدالفتاح الشعشاعى وكان يقلد قراءتهم.
الصدفة
وفى ليلة تواجد فيها فى المسجد الأحمدى وبينما يمارس هوايته تقليد القراء المشاهير من القراء استمع إليه صدفة أثناء مروره بالمعهد الشيخ حسين معوض شيخ المعهد وأعجب بصوته واستوقفه وقال له انت قارئ جيد ونصحه بالذهاب إلى الشيخ إبراهيم سلام بالمسجد الأحمدى يعطيه القراءات.
وبالفعل ذهب الطالب محمود على البنا إلى الشيخ إبراهيم سلام وكان شيخاً حاسماً وصارماً ووجهه لأن يقرأ أمامه وبمجرد الاستماع إليه نصحه بأن يأتيه يوميا وحتى يتم تعليم القراءات.
مسابقة للقرآن وطلعت باشا حرب
وفى القاهرة دخل مسابقة القراءات بوزارة الأوقاف ونجح فيها من أول دورة ومع نجاحه بدأت دائرته تتسع وفى أحد الأيام وصدفة أيضا استمع إليه طلعت باشا حرب ويومها أعجب بأسلوبه فى القراءة ووجهه بالالتحاق قارئا لجمعية الشباب المسلمين.. وبعد ذهابه للجمعية جاء احتفال عيد رأس السنة الهجرية وكانت الإذاعة تنقل الاحتفال على الهواء مباشرة.
وبعد إذاعة فقرته فى الاحتفال اندفع المسئولون بالإذاعة اكتشفوا أنه غير معتمد فى الإذاعة واقترحوا أن يقرأ قبل نقل الاحتفال وعندما استمع رئيس الإذاعة لصوته أعجب به وطلب منه التقدم للاختبار بالإذاعة ونجح بجدارة وبدأ يقرأ القرآن مقابل 6 جنيهات فى الشهر وهو المبلغ الذى كان مقرراً للفئة الممتازة من القراء مما أثار غيرة زملاءه بسبب المبلغ الذى قرر له.
صفية المهندس والبنا
فى أول مرة يقرأ فيها بالإذاعة وكانت المذيعة التى ستقدمه هى صفية المهندس وكان متوترا وقلقا مع مصافحة صوت القراءة من الاستوديو ولديه «رهبة ميكروفون» وقطعته صفية المهندس الطريق عليه مشجعة لتزيل قلقه وقدمته بشكل جميل جعلته ينفض عن نفسه رهبة الميكروفون وأعطته دفعة معنوية وانطلق صوته مقتحما قلوب المستعمين لتبدأ رحلة قارئ القرآن عملاقا وهو ما أكدته الأيام فيما بعد.
الزواج
مع حضور الشيخ للقاهرة ودراساته للمقامات الموسيقية على يد الشيخ درويش الحريرى وتعرفه على رئيس جمعية الشبان المسلمين صالح باشا حرب وانضمامه قارئا بها.. وأثناء حفلها السنوى بدار الأوبرا قرأ أمام رموز المجتمع وكان قد تمرس على سماع أساطير التلاوة محمد سلامة ومصطفى إسماعيل ومحمد رفعت وعلى محمود وصار قريبا منهم ويقول كنت لدى إحساس بأنى التلميذ وهم جامعتي.. وفى هذه الأثناء فكر فى الزواج وكان عمره 21 عاما وتقدم لخطبة شقيقة صديقه محمود على رائد التى كانت تبلغ من العمر 16 عاما وذلك وسط دخان حرب 1948 ولم يكن قد دخل الإذاعة بعد واتم الزواج بإنجاب عدد من الذكور والإناث منهم شقيقه الأكبر وآمال الصحفية وعلى وأحمد ومحمد وناهد وشريف.. وعاش حياته الأولى فى شقة بحى شبرا التى أحبها بالقرب من مسجد الخازندار وبعدها انتقل إلى منطقة حدائق القبة قبل أن يبنى منزلاً فى حى مصر الجديدة وفى حياته مع أولاده كان حنونا وحازما وصارما علمهم التنشئة الدينية وحفظ القرآن ومن حرصه على تعليمهم الحفظ «كتاب» خاص فى المنزل ليعلمهم القرآن الكريم حفظا وتلاوة.. وكان معروفا أنه بار بوالدته ووالده وبنى لهما منزلاً فى قريتهم بشبراباص وبنى أيضا مسجداً بالقرية ذاتها وهو المسجد الذى دفن فيه وصلى عليه الشيخ متولى الشعراوى إمام الدعاة.
تأسيس نقابة للقراء
كان ما يشغل الشيخ محمود على البنا هو مصلحة القراء بعد التقاعد وأولادهم ومعاشهم وفى أحد الأيام فكر مع أساطير التلاوة السابقين له فى إنشاء نقابة للقراء خاصة بعد أن يفقدوا على العمل ومع نضوج الفكرة واختارها لضمان حياة كريمة لحملة كتاب الله سعى مع زملائه لتأسيس النقابة عبر مكتب عصمت الهوارى المحامى وعرض المشروع على رئيس مجلس الشعب وصوفى أبوطالب وتأخر الطلب فسعى وزملاؤه إلى الرئيس الراحل أنور السادات الذى كان يعرفه أيام كان قارئا للسورة فى السيد البدوى وقبل أن يصبح رئيسا.. وقدم له المشروع فى استراحة القناطر الخيرية وكان معه الشيخ أحمد الرزيقى وأبوالعينين شعيشع والتقى بالرئيس عام 1980 وارسل خطاباً لمجلس الشعب بالفكرة ومشروعها وبعد فترة من وفاة السادات صدر القانون بإنشاء نقابة القراء وتولى الشيخ عبدالباسط منصب أول نقيب وثانيه البنا والأمين العام الرزيقى وتكونت أول نقابة للقراء فى العالم الإسلامى بدولة التلاوة مصر.. وهى النقابة التى طلب السادات أن يكون عضوابها فقال له البنا «انت العضو رقم 1».
بكاء فى الروضة الشريفة
عندما زار الشيخ محمود على البنا الحرم النبوى الشريف لأول مرة وكان موفدا من وزارة الأوقاف لإحياء ليالى رمضان وأثناء جلوسه فى الروضة الشريفة ليقرأ القرآن أخذته الرهبة أنه يقرأ القرآن فى مكان رسولنا الكريم وانهمر فى نوبة بكاء شديدة وعجز عن القراءة ولم يستطع أن ينطق بحرف واحد ومع انهيار دموعه فتح الله الباب أمامه فى الأيام التالية وقرأ أروع ما قرأ فى حياته فى روضة رسول الله.
مع عبدالناصر
عندما شارك فى إحياء مأتم والد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى الإسكندرية عام 1965 مع آخرين شاركوه واستبقاه عبدالناصر فى الإسكندرية واستدعاه فى اليوم التالى واستمع إلى ترتيله صباح ثانى يوم العزاء وسأله لماذا لم يسجل القرآن المرتل للآن وطلب منه أن يسجل للإذاعة وقد كان فعلاً لينضم إلى الحصرى ومصطفى إسماعيل والمنشاوى وعبدالباسط.
وظل وفيا لذكرى عبدالناصر ويقرأ فى ذكراه سنويا واستمر على هذه العادة بزيارة أسرته حتى رحيله فى 1985.. ومن حبه لعبدالناصر والجيش المصرى بعد النكسة دعا لإقامة حفلات للقرآن الكريم فى الخارج بمشاهير القراء ويتبرع بدخلها للمجهود الحربى بعد نكسة يونيو 1967..
ونجح الشيخ محمود البنا فى أن يكون الصوت الخامس فى الإذاعة فى التسجيل ورأى نفسه مع القراءة برغم أنه فشل فى مواصلة تعليمه بالأزهر الشريف.
انضم للإذاعة
عندانضمامه للإذاعة لم يكن قد بلغ 22 عاما 1948 وأحدث راتبه مشكلة فى أول راتب تقاضاه بين العاملين حيث اعتمد له 6 جنيهات مما أغضب بعض القراء، كيف يخصص لقارئ صغير سنا هذا المبلغ فى الوقت الذى كان الشيخ محمد رفعت يحصل على 12 جنيها.. وكان قد استمع إليه قبل أحمد ماهر باشا والأمير عبدالكريم الخطابى وغيرهم وأوصوا مع كبار السميعة بقبوله فى الإذاعة.
رحلة مع القرآن واعتماده فى الإذاعة
بعد اعتماده بالإذاعة عين قارئا بمسجد عين الحياة بشارع «مصر والسودان» وسكن قبالة المسجد فى شقة بالايجار قبل انتقاله إلى مسجد الرفاعى وبعدها فى مسجد الحسين.. وكان معروفاً عنه أنه يملك صوتا يؤدى إلى تهليل الجمهور من مستمعيه.
وفى مسجد الأحمدى بطنطا الذى استقر فيه فترة طويلة وكأنه يحقق دعاء أمه صغيرا عندما صحبته وشقيقته ودعت الله أن يكون خادما للمسجد البدوى وظل لمدة ربع قرن يقرأ كل يوم جمعة فى السيد البدوى وكان يستأنس بالجلوس مع الشيخ محمد متولى الشعراوى فكان صديقه وأوصى الشيخ الشعراوى بالصلاة عليه.
علاقته مع الملك فيصل والشيخ زايد
تصادف أن كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فى زيارة للقاهرة واستمع إليه واعجبت بصوته ودعاه لإحياء حفلات ومناسبات فى الإمارات حتى وفاته.. وأيضا ارتبط بعلاقة مع الملك فيصل الذى طلب منه تسجيل القرآن مرتلا للإذاعة السعودية.
أحمد رشدى فى منزله
قريته بجوار منشأة عاصم بلد وزير الداخلية الأسبق زكى بدر وكان الشيخ محمود يرتبط بعلاقة قوية مع اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية الأسبق وكذلك الوزير محمد عبدالحليم موسى وكان اللواء رشدى يزوره فى المنزل عدة مرات فى القرية التى تضم عدداً كبيراً من العلماء والمسئولين بينهم المرحوم اللواء أحمد مختار محافظ الوادى الجديد السابق كما تضم شخصيات مهمة وكثيرة فى حفل الصحافة والإعلام.. ومنها الشيخ سيد الوكيل مدير مكتب شيخ الأزهر الراحل عبدالحليم محمود والصحفى بهجت الوكيل ومنها القارئ محمد حماد والعزبة وشبراباص قريبة من ضريح سيدى شبل أحمد الصحابى فى كفر عشما.. وبمجهود محمود على البناء أقيم بها معاهد دينية ومدارس لكل مراحل التعليم.
الوفاة
فى أحد أيام 1985 كان الشيخ محمود على البنا قد أحيا ليالى شهر رمضان فى دولة الإمارات العربية المتحدة وبعد عودته من أبوظبى استقبل الطائرة عائدا إلى مصر وكان مرهقا وبعد عودته طلب الذهاب إلى مستشفى السلام الدولى لإجراء بعض الفحوصات الطبية وكانت المفاجأة أنه مصاب بمرض شديد وحجز فى المستشفى أسبوعين.. وقبل وفاته بأيام جمع أبناؤه وزوجته وأوصاهم على مسألة الميراث بشرع الله للبنين والبنات وأبلغ الأسرة أنه ليس مدينا لأحد.. ونصحهم بدوام الحب والود.
كتب نعيه بنفسه
عندما جمع أولاده فى المستشفى طلب ورقة وكتب فيها «توفى إلى رحمة الله تعالى الشيخ محمود على البنا عن عمر يناهز 60 عاما وطلب من أولاده ارفاق صورته فى النعي».. وقال عايز أشوف الشيخ الشعراوي.
أخر جلسة مع الشعراوي
جلس الشيخ محمود البنا مع الشيخ الشعراوى قرابة 3 ساعات هى الأخيرة بينهما.. وكانا معا فى الغرفة بدون أحد وخرج الإمام الشعراوى «باكيا» وقال فى سكرات الموت «أنا إيه اللى معطلني» ونظر إلى باب الغرفة وهو على سريره يخاطب شخصا يقوله «اتفضل» أهلاً اتفضل وسعوا له.. كل هذا قبل وفاته ثم فاضت روحه إلى بارئها فى 20 يوليو 85.
وحضر جنازته جميع القيادات الشعبية والتنفيذية بالمنوفية ونقابة القراء ورجال العلم والعلماء فى شبراباص وأم صلاة الجنازة عليه الشيخ الشعراوي تنفيذا لوصيته.
وبوفاته ودعت مصر قارئا مميزا ومرتلا ومجودا كان سفيرا للقرآن الكريم فى قارات العالم.. وعاش ومات خادما للقرآن الكريم طوال حياته وكرمته الدولة فى عام 1990 فى حفل بليلة القدر بوسام العلوم والفنون.