يأتى يوم الشهيد فى التاسع من مارس كل عام ليكون تذكرة متجددة بتضحيات أبطال مصر الذين بذلوا أرواحهم فداءً للوطن، ليتزامن هذا اليوم مع احتفالات العاشر من رمضان، ذكرى انتصار القوات المسلحة فى حرب أكتوبر المجيدة، ليجسد مشهداً وطنياً يعكس روح التضحية والفداء التى يتوارثها المصريون عبر الأجيال, ويحمل دلالة رمزية عميقة، حيث يتلاقى معنى التضحية والوفاء مع لحظة العبور والانتصار، ليؤكد أن النصر لا يتحقق إلا بدماء الشهداء وجهود المخلصين, ففى التاسع من مارس، نتذكر البطل الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، الذى استشهد فى الصفوف الأمامية للجبهة خلال حرب الاستنزاف، ليكون رمزا للفداء والقيادة الميدانية الحقيقية, وفى العاشر من رمضان، نتذكر كيف سطر أبطال الجيش المصرى البواسل واحدة من أعظم الملاحم العسكرية بتحطيم خط بارليف والقضاء على أسطورة الجيش الذى لا يقهر, ليعيد العزة والكرامة للأمة العربية.
لطالما كان الشعب المصرى هو الدرع الحامى خلف جيشه، حيث يمده بالرجال الأوفياء الذين يضحون بأرواحهم طواعية من أجل الدفاع عن الأرض والعِرض والحفاظ على حياة أكثر من 100 مليون مصري, فى سبيل الحفاظ على المقدرات والمكتسبات فى محيط إقليمى مشتعل على كافة الجبهات ونزاعات دولية ومخططات تقسيم لنهب ثروات الدول، ولكن دائماً وأبداً يظل الشعب المصرى واعيًا بحجم التحديات والمخاطر التى تواجه الوطن، ويقف داعماً لجيشه وقيادته، مدركاً أن الحفاظ على الأمن والاستقرار يتطلب التكاتف والتضحية, وأنه ليس بعد الوطن نعمة.
ولا يمكن إغفال دور الوعى الشعبى فى التصدى للمخاطر، خاصة فى ظل الحملات التى كانت ولا زالت تستهدف زعزعة الاستقرار وبث الفتن, من خلال نشر الشائعات والأكاذيب واستغلال الأزمات الاقتصادية, ولكن الشعب المصرى الذى خاض معاركه الكبرى بروح الصمود والإيمان، يدرك اليوم أن الحرب لم تعد فقط على الجبهات العسكرية، بل تمتد إلى الحروب الإعلامية والسياسية والاقتصادية, ومن هنا، فإن الوقوف صفا واحدا خلف الدولة المصرية وقيادتها هو السبيل الوحيد لعبور تلك الأزمات بأمان.
وفى يوم الشهيد والعاشر من رمضان، يبعث المصريون برسالة واضحة إلى العالم مصر لن تنكسر، وأبناؤها مستعدون للتضحية من أجلها فى أى وقت, فكما انتصر الجيش المصرى فى أكتوبر بروح الإيمان والعزيمة، فإنه قادر على مواجهة أى تهديد داخلى أو خارجى بنفس الروح القتالية, وتلك الذكرى ليست مجرد احتفال، بل تجديد للعهد بأن تبقى مصر آمنة مستقرة، محمية بسواعد أبنائها ووعى شعبها الذى لا يقبل المساس بوحدته, فى رباط الى يوم الدين, وستظل مصر بلداً يصنع التاريخ ببطولات أبنائه، وستظل دماء الشهداء نبراساً يضيء طريق المستقبل، ليمضى الوطن بعزم وثبات نحو التنمية والاستقرار، متسلحاً بإرادة لا تنكسر، وجيش لا يقهر، وشعب لا يهزم.. حفظ الله مصر.