عندما احتدم النقاش بين الرئيس ترامب وزيلنيسكى فى البيت الأبيض حول ضمانات وقف إطلاق النار التى يطالب بها الرئيس الأوكراني، رد الرئيس الأمريكى بقسوته المعتادة «ليس لديكم أوراق لعب يمكن استخدامها فى حربكم مع روسيا فليس من حقكم وضع أى شروط هنا»، انتبهت جيدا لهذه العبارة شديدة الأهمية، فالأمريكان يعرفون جيدا ما تملكه كل دولة من أوراق يمكن استخدامها فى المناورة والتحرك السياسي، وكل دولة عليها أن تعرف ما لديها حاليا من ورق لعب وما يمكن ان تضيفه من أوراق جديدة نتيجة تحركات محسوبة تخلق وضعا جديدا وحقائق جديدة وبالطبع أوراق جديدة، ونحن فى مصر كان لدينا أوراق لعب كثيرة تمثل نقاط ارتكاز تتحرك عليها السياسة الخارجية المصرية بثبات وحرية.
>>>
ومع التحولات الكبرى التى صاحبت فوضى الربيع العربى بعثرت الأوراق وتمزق بعضها ودخلت الدولة فى دوامة معارك البقاء وإعادة الدولة الوطنية مجددا، لن ادخل فى تفاصيل تاريخية لكننى سأنظر فقط إلى اللحظة الراهنة، فنحن بالفعل لدينا حزمة من الأوراق التى تُمكًّن صانع السياسة الخارجية من التحرك لتحقيق الأهداف المطلوبة، وأضافت مصر أوراقاً أخرى على مدار عشر سنوات من الكفاح، لكننى هنا أبحث عن أوراق جديدة بخلاف الأوراق الموجودة، وأرى ان إحدى هذه الأوراق التى يمكن إيجادها بسهولة هو ضرورة ان نكون جزءاً أساسياً من مرحلة بناء وتدريب وترتيب المؤسسات الفلسطينية على حدودنا الشرقية فى قطاع غزة.
>>>
فكل ما سيحدث فى غزة يجب ان يكون عبر القنوات المصرية دون نقاش فالأمن القومى المصرى مرتبط ارتباطا وجوديا بما يجرى فى غزة، ثانى الأوراق التى يمكن الحصول عليها هو تطبيع العلاقات مع إيران والقيام بدور مشترك فى ترتيبات الأمن الإقليمي، وإيران ومصر ليس بينهما حدود مشتركة وليس بينهما ما يدعو للقطيعة والبرود السياسي، وإذا كان الأمر مرتبطاً بمواقف إيران من الأشقاء فى الخليج فهذا مردود عليه لأن الأشقاء أقاموا العلاقات وتبادلوا الزيارات، لذلك نتساءل عن البطء فى إعادة العلاقات المصرية ــ الإيرانية إلى المستوى الدبلوماسى المطلوب، ثالث هذه الأوراق هو ضرورة خلق إطار تعاون حقيقى مع دول حلف شمال الاطلنطي.
>>>
هذا الحلف يمر بظروف شديدة التعقيد بسبب تصريحات وقرارات الرئيس الأمريكى ترامب والتى دفعت الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو إلى البحث عن بدائل دفاعية جديدة حال خروج أمريكا من الناتو، بالتأكيد ستعود ألمانيا مجددا لتلعب دورا أوروبيا قياديا خاصة مع صعود اليمين المتطرف فى الانتخابات الماضية، ومعلوم ان الناتو يضم بين صفوفه تركيا وهى من أكبر الدول المؤثرة عسكريا داخل الحلف، هنا ادعو إلى البحث عن افكار جديدة ومبتكرة ومقبولة لبناء علاقة أقوى بين مصر وحلف الناتو وفق قواعد جديدة تماما تجعل مصر تتميز بما تتميز به تركيا داخل الحلف دون ان نكون جزءا رسميا منه، أيضاً هناك أوراق جديدة يجب ان نعمل على اقتناصها.
>>>
فالدور المصرى فى السودان وليبيا واليمن يجب ان يتحول إلى أوراق لعب أمام المجتمع الدولى حتى نكون ليس جزءا فقط من المعادلة ولكن تكون مصر هى صانعة هذه المعادلة، ويمكن لمصر ان تصيغ مشروعا إقليميا جديدا يضم الدول الفاعلة فى الإقليم مثل إيران وتركيا والسعودية للتحرك الجماعى وفق منظومة المصالح الإستراتيجية التى تحقق أمن الإقليم.