على مدى عقود طويلة، أشجع النادى الأهلي.. ومنذ تفتحت عيناى على الدنيا وأذكر فى جميع قرى مصر كما فى قريتى سواء فترة الإذاعة أو عصر التليفزيون والفضائيات ظل الأهلى مع الزمالك يشكلان نغمة خاصة فى كرة القدم سواء فى لقاءاتهما أو فى بطولتى الدورى والكأس، والفريقان انتشرت تجربتهما فى جميع الدول العربية تجد ناديين هما أصحاب الجماهيرية الأكبر.. صحيح على مدى عقود كثيرة كانت تحدث خلافات حادة وانسحاب واعتراض على هدف، لكن ما حدث الثلاثاء الماضى يجعلنى أقف طويلاً، بينما الجماهير تملأ الاستاد، لكن لا أحد يستطيع أن يؤكد ان المباراة ستقام، هذا المشهد المرتبك يسيء- للمنظومة الكروية فى دولة عريقة «مصر».. حقيقة، المسألة تحتاج لمراجعة شاملة فى مسيرتنا الكروية، فقد كان سؤال كل المصريين قبل الإفطار هل ستقام المباراة، والاستاد يمتلئ والشباب يزحفون على طريق صلاح سالم أملاً فى ليلة كروية تليق بحجم أكبر ناديين فى أفريقيا وبينهما نادى القرن بسجله الحافل أفريقياً ودولياً.. صورة مرتبكة على مباراة كرة القدم من هو المسئول عن هذا الارتباك، هل هو الاتحاد أم الرابطة أم حجة الدولار للحكام الأجانب، أم افتكاسة الذكاء الاصطناعى بجدول الدورى الذى أعلن فى «ريبة» غير مفهومة ومواجهات بهذا المستوى مبكرة، هل ما حدث هو تراكمات لأننا لم نعالج مثل هذه المشاكل الصغيرة التى تضخمت ووصلنا إلى أن نكون حديثاً كروياً فى كل شاشات العالم، ليس لأن الأهلى أو الزمالك ناديان كبيران فقط.. لا أعتقد، بل لأن هذه هى مصر الدولة العريقة التى تستعد خلال فترة قليلة لافتتاح أكبر متاحف العالم فى بلد تمتلك ثلث آثاره.. لم أصدق نفسى وصديقى الأجنبى الذى يقيم فى الخارج وقال لى هل هذا وقته افتعال أزمة بلا أزمة؟!.. حقيقة، لم أجد كلاماً دقيقاً للرد لكن ما أثارنى أن الموضوع استلزم رجلاً مهموماً بالسياسة الدولية والشرق الأوسط يتصل ليسأل على مباراة كرة.. هذا يعنى أن الرياضة والكرة المستديرة باتت صناعة، يهتم بها الجميع.. وبالتالى علينا اختيار قيادات تزن الأمور بكل شيء، لأن الرياضة قوة معنوية مهمة لا تقل أهمية عن الثقافة والفن والسياحة وكلها مع عباقرة الدول تنعكس على مكانة الدولة.. والسؤال الذى يطرح نفسه، لماذا لا نهتم بالحكم المصرى وما هو الاختلاف بينه وبين الأجنبي.. إن الحكم لا يحكم مباراة فقط، بل يراقب من «الفيفا» لكى يشارك فى كأس العالم وتاريخه الكروى يهمه، وهو يقوم بدور القاضى العادل فى التحكيم ويصنع اسمه.. إن استقدام حكام أجانب، بقدر ما هو جانب سلبى ضد الحكم المصري، لكن لا تقف عند ذلك، وعلى المسئولين تطوير منظومة حكامنا الذين كانوا فى يوم ما يشار لهم بالبنان فى لجان الحكام أفريقياً وإقليمياً.. وهنا بعد هذا المشهد «السريالي» فى ليلة رمضانية والناس فى صلاة التراويح يسألون بين الركعات، المباراة أقيمت ولا لا؟!، وكل المصلين إما أهلاوى أو زملكاوى حتى لو كان يشجع نادياً آخر بحكم الجغرافيا كالمحلة والمصرى والاسماعيلى مثلاً.. المطلوب وهذا سؤال صريح لابد من المحاسبة لأن مصر أكبر من أن تكون مادة على حساب «مباراة».
فى النهاية، الفائز فريق مصرى وفى إنجاز كروى كلهم مشاركون فى منتخب مصر قارياً وعالمياً.
لا يمكن لدولة- كما قال الكاتب الصحفى أحمد أيوب- تقوم بمعجزة تنموية وتقدم صورة ذهنية يتحدث عنها العالم، وتأتى مباراة وقيادات غير مدركة تماماً لما حدث يوم الثلاثاء وتوابعه على صورة مصر الدولة العريقة والقديمة، وبعد 48 ساعة من الاحتفال بذكرى الانتصار المجيد فى العاشر من رمضان ويوم الشهيد.. المحاسبة مطلوبة ولا تحتاج للانتظار.. إن ما حدث ليلة «الثلاثاء الحزين»، يستحق الحساب الكل مسئول فى اتحاداتنا الكروية.. ومحاسبة من أرادوا هذه الفتنة الكروية ضرورة .