لا يعرف الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الراحة.. جولاته المكوكية بين العواصم المختلفة لا تتوقف وكذا لقاءاته واتصالاته مع نظرائه فى كل قارات العالم.. فهو يحمل أمانة الدبلوماسية المصرية العريقة وترجمة رؤية القيادة السياسية والتعبير عنها بكل ما تتضمنه من ثوابت لا تتنازل عنها ورؤى لعلاقات متوازنة وانفتاح على الجميع ودفاع حاسم عن المصالح العليا لمصر وأمنها القومى
عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة يؤكد على التقدير الدولى الكبير لمصر وقيادتها الواعية وسياستها المتوازنة.. وفى حواره لـ«الجمهورية» يفتح الوزير كل ملفات السياسة الخارجية المصرية بداية من خطة الاعمار المصرية لقطاع غزة والتى اصبحت عربية واسلامية وفى طريقها إلى ان تكون دولية للاجماع الدولى على انها الانسب لتحقيق المعادلة الصعبة فى القطاع، لافتا ان المؤتمر الدولى للاعمار سيكون نهاية ابريل القادم ولن يكون مؤتمراً مصرياً وانما مؤتمر دولى، كما يكشف تفاصيل الدور المصرى المستمر فى دعم الاشقاء الفلسطينيين، سياسياً ودبلوماسياً وإنسانياً، وكذلك العلاقات بين القاهرة وواشنطن والثوابت التى تحكم هذه العلاقة عبدالعاطى يكشف أيضاً تفاصيل مهمة فى تصور مصر وواشنطن لشكل العلاقة خلال السنوات القادمة، كما يشرح بالتفصيل رؤية مصر للعلاقات مع الاشقاء فى القارة الافريقية والثوابت التى تقوم عليها، كاشفا ان الاساس الآن هو العلاقات التى تقوم على المكسب للجميع.
الوزير يتحدث أيضاً عن ملف مياه النيل والحسم المصرى فى حقوقنا التاريخية وعدم التفريط فى نقطة مياه واحدة
> كيف ترى تصريحات الرئيس الامريكى ترامب الاخيرة بشأن التراجع عن تهجير الفلسطينيين؟
>> هذا توجه جيد ومصر عبرت عن ترحيبها وتقديرها بهذه التصريحات بشكل رسمى والبيان المصرى كان واضحاً فى عدة نقاط اولها أن «هذا الموقف يعكس تفهما لأهمية تجنب تفاقم الأوضاع الإنسانية فى القطاع، وضرورة العمل على إيجاد حلول عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية».
والثانى هو «أهمية البناء على هذا التوجه الإيجابى لدفع جهود إحلال السلام فى الشرق الأوسط، من خلال تبنى مسار شامل يستند إلى رؤية واضحة تحقق الاستقرار والأمن لكافة الأطراف».
والثالث أن مبادرة الرئيس ترامب لإنهاء الصراعات الدولية وإحلال السلام بما فى ذلك فى الشرق الأوسط يمكن أن تمثل إطارا عمليا للبناء عليه والعمل المشترك لتحقيقه، وبما يراعى تطلعات الشعب الفلسطينى المشروعة، وعلى رأسها حقه فى إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».
فمصر واضحة فى موقفها ودعمها لأى خطوات ايجابية فى هذا الاتجاه ولهذا اكدت أيضا «التزامها الراسخ بدعم جميع المبادرات الجادة التى تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل فى المنطقة»، وليس هذا فحسب بل ندعو كافة الأطراف الدولية والإقليمية إلى تكثيف الجهود لدفع عملية التسوية السلمية، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة لان هذا مصلحة للجميع.
> هذا يجعلنا نسأل.. وماذا عن الرؤية والتصور المصرى بشأن إعادة إعمار غزة وإلى أين وصلت الآن؟
>> نعمل فى إطار توجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى وجهوده المخلصة لإنهاء الحرب فى غزة وإقرار الاستقرار فى المنطقة، مصر تتحرك فى هذا الملف برؤية رئاسية واضحة وأعدت خطة متكاملة- بالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية- بمراحل متعددة وفق توقيتات زمنية محددة تقوم مصر من خلالها بتقديم تصور شامل للتعافى المبكر وإعادة الإعمار بوجود الفلسطينيين فى وطنهم وعلى أرضهم،
الخطة تهدف إلى استعادة الحياة فى غزة. وخلال الفترة الماضية انتقلت الخطة المصرية من كونها خطة مصرية لتصبح خطة عربية بعد اعتمادها من القمة العربية غير العادية الأخيرة، كما تم اعتمادها من قبل الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى. وقد تلقينا على مدار الأيام الأخيرة دعمًا واسعًا من أطراف إقليمية ودولية للخطة العربية، فضلًا عن أن الخطة لقيت إشادة واسعة من العديد من دول العالم لأن التصور العام للخطة واقعى وقابل للتنفيذ. وتنقسم الخطة إلى ثلاث مراحل، الأولى، ستمتد لستة أشهر، وتتضمن إجراءات للتعافى المبكر وإزالة ما يقرب من 50 مليون طن من الركام وتحييد الذخائر غير المتفجرة، وسيتم خلال تلك المرحلة تقديم آلاف من البيوت المتنقلة والخيام والكرفانات لإيواء قرابة 1,2 مليون فلسطينى، فضلًا عن إصلاح 60 ألف منزل كانت قد تضرروا بشكل جزئى.. أما المرحلتان الثانية والثالثة فهما مخصصتان لإعادة الإعمار، لأنه من المستهدف بناء 400 ألف وحدة سكنية لاستيعاب 2,7 مليون فلسطينى، فضلًا عن البدء فى مشروعات للبنية التحتية، تشمل بناء ميناءين ومطار ومحطات للطاقة الشمسية ومركز إدارى حكومى ومستشفيات ومدارس وإصلاح شبكات الطرق. كما نقوم بالتنسيق مع الأمم المتحدة بعقد مؤتمر دولى للتعافى المبكر وإعادة الاعمار بمشاركة موسعة من الأطراف الدولية لحشد الدعم والتمويل اللازم.
> هل ترى أن خطة الاعمار ستتم كما هو مخطط لها؟
>> نتحرك بمنتهى الجدية والحمد لله ما قدمناه فى الخطة محل تقدير اقليمى ودولى فالخطة لم تعد خطة مصرية حيث نقول عليها الان هى خطة عربية اسلامية لان هناك 57 دولة اعتمدتها, ونحن نتحرك بالتوازى لحشد الدعم الدولى حتى تكون خطة دولية وليست عربية اسلامية، وهذا ما نتحرك فيه مع الاتحاد الاوروبى وهناك قدر كبير من التفهم، وسوف تكون هناك اتصالات للمجموعة الوزارية العربية مع الممثلة للسياسة الخارجية الاوربية، وأيضا مع الجانب اليابانى فهناك اتصال معهم بشكل سريع جدا وهم متفهمون لاهمية هذه الخطة وانها تاتى فى توقيت شديد الدقة، بالتأكيد فيما يتعلق بكيفية التخفيف من معاناة الشعب على الارض من خلال توفير مرحلة للتعافى المبكر السريع وتوفير مساكن مؤقتة لهم وعقب ذلك هذا سيقود إلى إعادة الاعمار بعد ذلك، وهنا لابد ان نؤكد انها ليست خطة فقط لمراكز ايواء فهذا جزء صغير من الخطة التى تتضمن اعمار وتنمية أيضا ومشروعات تنموية وحماية اجتماعية وخلق فرص عمل لسكان القطاع ومشروعات استثمارية وهناك دور للقطاع الخاص ودور أيضا للمجتمع المدنى والقطاع الخاص الفلسطينى والشركات الفلسطينية لها دور كبير جدا، فهى خطة متكاملة تشمل التعافى المبكر وإعادة الاعمار والتنمية بما فى ذلك الشق الاستثمارى فيها.
> وهل تحدد موعد المؤتمر الدولى للاعمار؟
>> نحن نتطلع ان نستضيف مؤتمر إعادة الاعمار وفى الغالب سيكون نهاية شهر ابريل المقبل حتى يكون هناك وقت للتحضير، وهناك اطراف اقليمية ودولية سوف نعطى لها صفة الرعاة الذين سوف يشتركون معنا فى استضافة وعقد هذا المؤتمر، فهذا المؤتمر لن يكون مؤتمر مصرى ولكنه دولى بالامتياز وهناك مؤسسات دولية بما فيها الامم المتحدة والبنك الدولى والاتحاد الاوروبى واطراف دولية ستكون مشاركة فى عقد هذا المؤتمر.
> كم استغرقت الخطة من الوقت لاعدادها؟
>> تم اعدادها فى فترة زمنية قصيرة بسبب انعقاد القمة والحاجة إلى طرح البديل، فحينما كلفنى السيد رئيس الجمهورية بأن اتوجه إلى العاصمة الأمريكية واشنطن والتقيت المسئولين الامريكيين كانت الرسالة من جانبهم اذا كنتم ترفضون الرؤية الخاصة بالتهجير فقدموا لنا البديل، وكان هذا هو البديل المناسب الذى لاقى قبولا وتقديرا من الجميع
> 53 مليار دولار القيمة الاجمالية للخطة فهل هى متوفرة فعليا؟
>> كما تعلم ان هذه الخطة فيها 3 مراحل التعافى المبكر ومرحلة اولى إعادة الاعمار والمرحلة الثانية من إعادة الاعمار، وبالتالى فنحن نتحرك بشكل طبقا لمراحل الخطة والتوقيتات الزمنية لها، وبالتالى العاجل الأن ان تتعامل مع التعافى المبكر، الامر الاخر ان هناك آلية تمويلية ممثلة فى صندوق إعادة الاعمار، والصندوق سيكون فى هيئة صندوق ائتمانى دولى والسلطة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية ستكون موجودة معنا وستكون احد الرعاة لهذا المؤتمر، وهناك وفد رفيع المستوى من الحكومة الفلسطينية يقوم بزيارة القاهرة الاسبوع الجارى وسوف ياتى بعد ذلك رئيس الوزراء الفلسطينى فى اطار التنسيق اليومى مع السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بوضع برنامج تنفيذى لهذه الخطة على ارض الواقع، هذه الخطة فيها مخطط عام وتقرير شارح والمرحلة القادمة ستكون وضع برنامج تنفيذى محدد لوضع هذه الخطة موضع التنفيذى على الارض.
> هل تم تحديد موعد لزيارة الوفد الوزارى العربى الاسلامى لعواصم الدول الكبرى؟
>> نحن بدأنا يوم الاربعاء الماضى باكورة هذه الزيارات إلى الدوحة والتقينا المبعوث الامريكى للشرق الاوسط وأيضا مع منسق الشرق الاوسط بمجلس الأمن القومى، وكانت لقاءات جيدة جدا وبناءة وصدر بيان مشترك عن هذا الاجتماع وتضمن الاشارة إلى خطة إعادة الاعمار فهى لم تعد خطة مصرية، فالان هى خطة عربية اسلامية وتم الاشارة انها قريبا ستكون دولية، وتم الاتفاق على التشاور والتنسيق حول هذه الخطة باعتبارها كأساس لإعادة الاعمار فى غزة وهى مسالة مهمة جدا.
> كيف سيتم تنفيذ الخطة ومازالت اسرائيل موجودة فى غزة؟
>> بالطبع هناك جوانب خاصة بحوكمة القطاع ومستقبله وقضية الأمن وهذه اسئلة مشروعة ونحن نتحدث فيها، نحن تناولنا هذه الامور، مثل من سيدير قطاع غزة، نحن نتحدث عن اللجنة الادارية التى ستدير قطاع غزة والتى ستكون مسئولة طبقا لاتفاق وقف اطلاق النار، والمفروض ان يكون هناك انسحاب اسرائيلى وفقا للجداول الزمنية، وبالتالى لابد من توافر بيئة مواتية لضمان تنفيذ هذه الخطة على ارض الواقع، فالامر الاول تثبيت اتفاق وقف اطلاق النار، الامر الثانى من سيدير القطاع وبالتالى الامور واضحة وضوح الشمس، لدينا لجنة هى من 15 شخصاً تتولى إدارة القطاع بشكل مؤقت لمدة 6 اشهر وبالتوازى يتم تمكين السلطة الفلسطينية حتى تستكمل انتشارها بشكل كامل على الارض فى قطاع غزة تجسيدا للارتباط الموضوعى والعضوى بين قطاع غزة والضفة الغربية،
الامر الثالث وهو موضوع الأمن وهو قضية مهمة جدا، من سيتولى حفظ الأمن والاستقرار فى قطاع غزة، نحن قدمنا أفكاراً كثيرة أهمها أولا هناك عناصر من الشرطة الفلسطينية وأن السلطة الفلسطينية تدفع مرتباتهم وهم موجودون فى قطاع غزة فعلى الاقل جزء منهم الذين يسمح لهم عنصر السن سيتم توفير قدر من التدريب لهم لنشرهم مباشرة فى القطاع، الامر الثانى تدريب وتجنيد عناصر جديدة وبالفعل لدينا مجموعة من الاسماء يتم عمل مراجعة امنية دقيقة لهم وتاهيلهم من جانب وزارة الداخلية ليتم نشرهم فى القطاع.
تحدثنا أيضا وهذا كان احد مخرجات القمة العربية عن انشاء قوة دولية فى القطاع وهذا امر مطروح وفقا لمرجعيات معينة ولشروط معينة وهذا امر سيكون جيداً جدا طالما ياتى فى اطار التأهيل لتجسيد الدولة الفلسطينية على الارض، وبالتالى هناك عناوين كثيرة ونحن نجتهد ونقدم اجابات لها لضمان نجاح الخطة.
> وماذا عن حماس؟
>> حماس اعلنت انه حدثت تفهمات حول اللجنة الادارية واعلنت دعمها لهذه اللجنة وانها لن تتصدر المشهد، وبالتالى هناك حوار فلسطينى فلسطينى يجرى ونحن نشجعه حتى يتم حسم هذه الامور الخاصة بالإدارة والحوكمة وقضية الأمن حتى لا نعطى ذريعة لاى طرف اقليمى أو غير اقليمى ليتحدث عن هذه المسائل حينما نتحدث عن تنفيذ خطة الاعمار.
> هناك تعنت اسرائيلى على مدار شهور لعدم نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل لقطاع غزة، كيف ترى ذلك؟
>> هذه نقطة مهمة.. مصر قدمت أعلى نسبة مساعدات انسانية واغاثية لقطاع غزة على مدار الحرب الاسرائيلية على القطاع، حيث وصل حجم المساعدات أكثر من 94 ألف طن من المساعدات الانسانية والاغاثية قبل التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار، أى بنحو 70٪ من إجمالى المساعدات الدولية، وهى نسبة كاشفة لحجم الدعم والتضامن المصرى مع الاشقاء الفلسطينيين فى غزة، وقامت مصر بعلاج آلاف الفلسطينيين الجرحى فى المستشفيات المصرية، كما ادخلت حوالى 600 شاحنة يومياً مُحملة بالمساعدات الانسانية والاغاثية بعد التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار، ونظمت مؤتمراً دولياً فى ديسمبر العام الماضى للاستجابة الانسانية فى غزة شهد مشاركة أكثر من 100 وفد دولى. كل هذه الجهود تعد تجسيداً صادقاً لحجم التضامن المصرى مع الشعب الفلسطينى ووقوفه إلى جانبه، والاصرار على الوقوف بجانبه فى مرحلة دقيقة من نضاله الوطنى. الا أن تعليق إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية مؤخراً يعد انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار والقانون الدولى الإنسانى، ومصر اكدت هذا بوضوح.
> جهود مصرية كبيرة للعمل على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، حدثنا عن هذه الجهود؟
>> النشاط الدبلوماسى المصرى الداعم لإقامة دولة فلسطينية نابع من قناعة راسخة بأنه لا سلام ولا أمن فى الشرق الأوسط بدون أن يُمنح للفلسطينيين حقهم فى تقرير المصير واقامة دولة مستقلة، وأى أطروحات أو مقترحات تبتعد عن هذه الرؤية أو تحييد عن هذا المنطلق لن يكتب لها النجاح وستؤدى إلى استمرار الانتكاسات والاخفاقات فى المنطقة. ومن هنا، تواصل مصر جهودها النشطة سواء على المستوى الثنائى أو متعدد الأطراف فى حشد المجتمع الدولى للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقمنا مؤخراً باستضافة اجتماع للتحالف الدولى لتنفيذ حل الدولتين، وهو تكتل دولى هام تم تشكيله فى سبتمبر 2024 يستهدف حشد الدعم الدولى لتسوية الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى استناداً لحل الدولتين. وهناك اقتناع متصاعد فى المجتمع الدولى بضرورة اقامة دولة فلسطينية، و اعتراف دول غربية مثل أسبانيا وايرلندا وسلوفينيا والنرويج بالدولة الفلسطينية خطوة هامة ومشجعة للغاية فى هذا المسار، يجب أن تتلوها بخطوات مماثلة من الأطراف الدولية الأخرى.
> ننتقل إلى ملف آخر.. كيف ترى العلاقات المصرية السورية بعد مشاركة احمد الشرع فى القمة العربية بالقاهرة.. وهل هناك رؤية لمستقبل هذه العلاقة؟
>> الرؤية واضحة اننا نقف قلبا وقالبا مع الشعب السورى ومع الدولة السورية هى مسالة مفروغ منها، فهذا هو موقف مصر مع أى دولة عربية شقيقة وبالذات سوريا لان لها خصوصية فى العلاقة معنا، ولا ننسى اننا كنا دولة واحدة على اقليمين وشعبين فى فترة تاريخية محددة، وبالتالى هذه مسائل لا تتغير بتغير الاشخاص ولا بتغير الانظمة، وكما ذكرت فمصر قولا واحدا تقف تماما مع الشعب السورى الذى يرغب فى الأمن والاستقرار وأيضا ان تكون هناك عملية سياسية شاملة تشمل كل الطوائف، وهذا موقفنا الواضح من اول لحظة ولا نزال على هذا الموقف ولم يتغير على الاطلاق.
القضية الأخرى وهى قضية الأمن وهى مهمة جدا وخاصة مكافحة الارهاب، والاحداث الاخيرة كانت كاشفة فيما يتعلق بالتعامل مع ظاهرة المقاتلين الاجانب، فلابد من التعامل مع هذه المسألة بشكل واضح وشفاف، ومرة اخرى نحن نؤكد على ان الدولة الوطنية هى الحل الاوحد من خلال عدم الاقصاء ومن خلال اشراك الجميع.
> هل مازال الموقف المصرية فيما يتعلق بضرورة الا تكون سوريا مصدراً لتصدير الارهاب أو ايواء للارهابيين، مع التأكيد على ضرورة إشراك الجميع فى العملية السياسية؟
>> هذه كلها مواقف مصرية ثابتة ونحن من خلال النصح مع الاخوة السوريين نشرح لهم هذا الامر حرصا منا على وحدة سوريا فى ظل ما تواجهه من تحديات خطيرة جدا، فلا ننسى العدوان الاسرائيلى والاحتلال الاسرائيلى وبالتالى نحن ننصحهم من واقع مسئوليتنا التاريخية تجاه الشعب السورى.
> كيف ترى الدعم المصرى للبنان؟
>> الموقف المصرى كان ومازال داعم بقوة للبنان الشقيق خلال الفترة الحرجة التى مر بها، وقدمت مصر كافة أوجه الدعم للبنان ومؤسساته الوطنية سواء على المستوى السياسى أو الانسانى، ولا شك أن انتخاب جوزيف عون لتولى منصب رئيس البلاد فى 9 يناير، وكذلك تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام تعد مسألة فارقة فى مسار الحياة السياسية اللبنانية وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب اللبنانى الشقيق ويحفظ للبنان سيادته ووحدته وأمنه واستقراره، واضعًا فى الاعتبار الدور الهام الذى لعبته مصر فى إطار اللجنة الخماسية من أجل المساعدة على تعزيز التوافق الداخلى فى لبنان والذى أفضى لإنهاء الشغور الرئاسى ثم تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. كما حرصت الدولة المصرية على دعم لبنان على المستوى الانسانى فى المرحلة الحرجة التى مر بها على إثر العدوان الإسرائيلى على جنوب لبنان فى الربع الأخير من العام الماضى، حيث بلغ حجم ما أرسلته مصر إلى لبنان من مواد غذائية وطبية وإغاثية 88 طنًا. وزيارتى الى لبنان ثلاث مرات خلال ستة أشهر، تنفيذا لتكليفات السيد الرئيس تأتى فى إطار الحرص على لقاء مختلف المسئولين وممثلى القوى اللبنانية للتأكيد على الدعم والتضامن مع لبنان.
كما تدعم مصر تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية فى جنوب لبنان، وتطالب بالانسحاب الفورى والكامل غير المنقوص للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، لتمكين الجيش ومؤسسات الدولة اللبنانية من تطبيق القرار 1701، والتطبيق الكامل والمتزامن لهذا القرار دون انتقائية، ونطالب بوقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية بكافة صورها.
> اسرائيل احتلت مناطق جديدة فى فلسطين و5 مناطق فى لبنان واحتلت أراضى سورية.. فهل يوجد توجه عربى فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ اجراءات تحفظ حق هذه الدول؟
>> هذه الامور مؤكدة والموقف الدولى واضح تماما ان كل ذلك احتلال غير شرعى ومناف تماما للقانون الدولى ويمثل انتهاكاً سافراً للقانون الدولى ولا يتمتع باى قدر من الشرعية، ولنا فى موضوع الاراضى الفلسطينية مسألة واضحة فى هذا الشأن رغم احتلال هذه المناطق منذ عام 1967 لكن قرارات الامم المتحدة واضحة ولا يمكن اضفاء الشرعية على اى شكل من أشكال الاحتلال غير المشروع، وبالتالى التحرك فى الامم المتحدة ومجلس الأمن وارد بالتأكيد لأنه لا يمكن على الاطلاق القبول أو اضفاء أى شرعية على اى احتلال غير قانونى، المواقع الخمس داخل لبنان هى اراض لبنانية خالصة ونحن نتحدث عن تنفيذ القرار «1701» واتمام الانسحاب بشكل كامل وغير منقوص وهو امر مهم جدا وحتى لا نعطى أيضا الذريعة لاى طرف يقول ان نحمل السلاح حتى نواجه الاحتلال، وبالتالى لابد من الانسحاب الكامل من جنوب لبنان وهذا الامر بالمثل فى فلسطين والموقف العربى واضح وكان من ضمن مخرجات القمة الطارئة بالقاهرة انه لابد من انهاء الاحتلال وأيضا التأكيد على إقامة الدولة على كل الأراضى الفلسطينية وخطوط 4 يونيو عام 67 وبالتالى بالمثل فى سوريا، كل هذه الانتهاكات والاعتداءات الاسرائيلية باطلة ولا يمكن ان يكون لها اى قدر من الشرعية وموقفنا واضح وسيستمر.
> ما تقييمك للعلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية؟
>> العلاقات المصرية – الأمريكية علاقات راسخة وممتدة تتجاوز أربعة عقود، تقوم على تعاون نشط وبنّاء بين المؤسسات فى البلدين، وتشهد الشراكة الاستراتيجية تعاوناً وثيقاً فى المجالات العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية والتعليمية والصحية وهى شراكة تحقق مصالح مشتركة ومنفعة متبادلة، وزيارتى لواشنطن جاءت بعد أربعة أسابيع فقط من بدء تولى الإدارة الجديدة المسئولية فى مؤشر لخصوصية العلاقات المصرية – الأمريكية.
وقد كان من المهم فتح قنوات التواصل بشكل مباشر مع أركان الإدارة الجديدة فى هذه المرحلة المبكرة من عمل الإدارة، والتأكيد على صلابة العلاقات المصرية – الأمريكية لأنها تشكل ركيزة أساسية لدعم الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، وقد شهدت لقاءاتى مع المسئولين الأمريكيين حواراً مهماً حول التطورات الاقليمية المتلاحقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وتبادلنا التقديرات بشأن التحديات الاقليمية وشملت التطورات فى السودان وسوريا وليبيا والقرن الأفريقى وأمن الملاحة فى البحر الأحمر وقضية الأمن المائى المصرى، فهناك رغبة مصرية- أمريكية مشتركة لتحقيق السلام والأمن بالمنطقة، ونتطلع دائما للتعاون مع الأصدقاء فى الولايات المتحدة لتحقيق المصالح المشتركة للبلدين.
كما تطرقت تلك الزيارة إلى سبل تطوير العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة والارتقاء بها إلى آفاق أرحب خلال الفترة المقبلة، حيث يتم حاليًا التنسيق لاستضافة «منتدى مستقبل مصر الاقتصادى» خلال العام الجارى فى القاهرة، بالتعاون مع الغرفة التجارية الأمريكية، بهدف تعزيز التبادل التجارى بين البلدين وزيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر، كما تم التأكيد أيضا خلال الزيارة على أهمية مواصلة انعقاد جولات الحوار الاستراتيجى المصري-الأمريكى بشكل دورى، بما يسهم فى دفع العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب.
ولا ننسى ان مصر لعبت دورًا رئيسيًا للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمحتجزين فى غزة، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية. وأثمن، فى هذا الإطار، الجهود الحثيثة التى قامت بها إدارة الرئيس «ترامب» للتوصل إلى هذا الاتفاق، ونتطلع إلى البناء على ما تحقق من نتاج هذا التعاون والجهد المشترك، وإلى استمرار التواصل والتفاعل بشكل إيجابى إزاء مختلف الموضوعات محل اهتمام البلدين.
> كيف رأيت وانت فى الولايات المتحدة الأمريكية رؤية الإدارة الأمريكية لمصر والعلاقة المصرية الأمريكية؟
>> هناك تقدير كامل من الإدارة الأمريكية
للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى كقيادة عظيمة ومحورية فى تحقيق الأمن والاستقرار فى هذه المنطقة المضطربة من العالم، وهناك تقدير كامل للطابع الاستراتيجى للعلاقة بين مصر والولايات المتحدة ورغبة فى البناء على ذلك لمزيد من تطوير هذه العلاقة فى كل ابعادها الاستراتيجية، العسكرية، الأمنية، الاقتصادية، الثقافية، التعليمية، ولمست التزاماً كاملاً بهذا الطابع الاستراتيجى لهذه العلاقة من الطرفين.
> وماذا عن ملف مياه النيل، وهل يمكن ان يكون هناك تدخل من الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة ترامب فى هذا الامر؟
>> نحن نتحدث مع المجتمع الدولى وكل الاطراف الدولية المعنية فى هذا الملف بوضوح، فهى قضية وجودية ولن نفرط فى قطرة مياه واحدة لانها حقوق تاريخية وحقوق للاجيال القادمة، والموقف المصرى واضح وتم اعلانه فى اكثر من مناسبة وهى ان الاطار التفاوضى وصل إلى طريق مسدود بسبب تعنت الطرف الاخر وبالتالى مصر تحتفظ بحقوقها كاملة فى الدفاع عن مصالحها المائية اذا تعرضت لأى ضرر وفقا لما يكفله القانون الدولى.
> ارتباطا بهذا.. كيف ترى العلاقات المصرية الأفريقية؟
>> هناك تحرك مُحكم ووفق رؤية شاملة لتنشيط علاقتنا فى القارة، وسيكون لمصر دور ملموس فى دعم عملية التنمية والتطوير فى إفريقيا. ويعتبر الشق الاقتصادى والتجارى ركيزة أساسية فى تحركاتنا فى القارة، حيث وصل حجم الاستثمارات المصرية فى إفريقيا إلى 14 مليار دولار، ونتوقع زيادته بشكل ملحوظ خلال الفترة المقبلة. واتخذت وزارة الخارجية ثلاث خطوات على مدار الشهور الماضية لتكثيف النشاط المصرى فى إفريقيا، سيكون لها أثر ملموس فى الارتقاء بمستوى التعاون المصري- الإفريقى.
أولًا، مضاعفة ميزانية الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التى تعتبر الذراع التنموية لوزارة الخارجية.
وثانيًا تخصيص الحكومة المصرية لـ100 مليون دولار لتنفيذ مشروعات تنموية فى دول حوض النيل الجنوبي؛
وثالثًا قيام الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمار فى إفريقيا بتوفير التمويل والضمانات للشركات الصغيرة والمتوسطة المصرية الراغبة فى العمل فى إفريقيا.
> نلاحظ انك منذ ان توليت هذا المنصب وهناك اهتمام شديد بالتوجه الافريقى من خلال زيارتك واتصالاتك المستمرة، ما هى فلسفة هذا التوجه المصرى نحو افريقيا بهذا الكم؟
>> هذا التوجه ليس توجه شخص ولكنه توجه دولة وتقوم به كافة مؤسسات الدولة لان هناك قناعة كاملة بان مستقبل مصر هو فى افريقيا وبالتاكيد لنا مصالح وجودية واقتصادية وجغرافية واستراتيجية فى القارة الافريقية، نحن نفخر اننا ننتمى لهذه القارة العظيمة، و السيد الرئيس السيسى حريص على دعم كل ما من شأنه دعم علاقاتنا مع الاشقاء الأفارقة، وقام رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى باصدار القرارات التنفيذية المطلوبة من خلال خلق اليات جديدة لتكثيف التواجد المصرى فى افريقيا خاصة على المستوى الاقتصادى، وهناك وكالة مصرية لضمان الصادرات والاستثمار فى القارة الافريقية وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة المصرية على الاستثمار فى القارة الافريقية وبراس مال يصل إلى 600 مليون دولار، لدينا أيضا الية تمويلية جديدة تم ابتكارها برأس مال يصل إلى 100 مليون دولار بهدف تمويل مشروعات مائية وتنموية فى دول الحوض الجنوبى لمياه النيل طالما ان هذه المشروعات لا تسبب ضرراً على مصر، وحينما نتحدث على الحوض الجنوبى فهو يضم الدول المطلة أو المشاطئة للنيل الابيض لانها لا تمثل ضرراً على مصر، وأيضا نتحدث الان عن دعم القطاع الخاص المصرى والشركات الحكومية المصرية لها باع طويل فى افريقيا ولها وجود قوى جدا فى القارة، وبالتالى نحن نشجع على الشراكات بين القطاع الخاص والقطاع العام فى افريقيا، ونشجع أيضا على كل ما من شأنه تكثيف التواجد المصرى خاصة فى المجالات التى تمتلك مصر فيها تميزا والشركات المصرية لديها خبرات كبيرة فى قطاعات الانشاءات والاسكان والبنية التحتية والطاقة وخاصة الطاقة الجديدة والمتجددة, وأيضا الزراعة ونحن لدينا افكار كثيرة جدا للزراعة ونسعى ان تكون هناك شراكات عامة وخاصة مصرية فى دول افريقية لانتاج محاصيل مهمة تحتاجها الدولة المصرية ويكون بناء على مبدأ تحقيق المكاسب للجميع فهناك بعض المحاصيل فى دول نركز عليها بسبب شح المياه هنا مثل الارز والذرة والصويا والقمح فكل هذه محاصيل استراتيجية، نحن نعمل شراكات هذه الدول بحيث تستفيد ونحن نستفيد أيضا.
نتحدث أيضا عن قطاع مثل الادوية، فمصر لها باع طويل فى قطاع الصناعات الدوائية وعندنا شركات يشار لها بالبنان، وبالتالى نحن لدينا استعداد الآن للشركات العامة والخاصة ليس فقط لتصدر الدواء ولكن أيضا لتصنع وتنقل تكنولوجيا تصنيع الدواء إلى هذه الدول.
> أول مرة اشاهد وزير خارجية يتحدث عن الزراعة والصناعة والادوية فهل هذا تغير فى فلسفة الدبلوماسية المصرية.. وماذا عن دور الدبلوماسية المصرية وحماية الأمن القومى فى ظل حزام النار الذى يحيط بنا بهذا الشكل؟
>> قولا واحدا لا توجد سياسة خارجية بمعزل عن السياسة الداخلية واى سياسة خارجية ناجحة لاى دولة محترمة لابد ان تكون امتدادا للسياسة الداخلية وهذا امر مفروغ منه وبالتالى السياسة الخارجية تركز على عدة محاور وطنية، والسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى وضع لنا التوجه العام وهو مبدأ الاتزان الاستراتيجى الذى يقوم على عدة محاور رئيسية تمثل المؤشر لنا فى تحركاتنا الخارجية، اولها عدم الاستقطاب التى تعنى ان اتفاعل مع كل دول العالم ومع الفاعلين الدوليين دون ان اتحالف مع دولة ضد دولة اخرى، وأيضا تعنى مكافحة سياسة الاحلاف وهذه عقيدة موجودة فى السياسة الخارجية المصرية بشكل دائم، وتعنى أيضا ان البوصلة التى تحكمنا هى المصلحة الوطنية المصرية، وبالتالى أيضا الاتزان الاستراتيجى يعنى ان الدور الاساسى للسياسة الخارجية هو الدفاع عن المصالح الوطنية المصرية، وحماية الأمن القومى المصرى باعتبار اننا فى الخارج نمثل خط الدفاع الاول عن الأمن القومى المصرى، ويعنى أيضا بطبيعة الحال ان نعمل لمصلحة المواطن المصرى واولويات الدولة المصرية، واذا كانت اولويات الدولة المصرية هى جذب الاستثمارات من الخارج وفتح أسواق للمنتجات المصرية فهذا هو الدور والاختصاص الاصيل للسفارات المصرية فى الخارج وان يكون على رأس أولوياتها تحقيق الاولويات التى تضعها الدولة والحكومة المصرية وهو ما نعمل عليه فى الوقت الراهن، وهناك مجموعة من السفارات المصرية فى القارة الاسيوية أو أمريكا اللاتينية، كان نصف أو 70 ٪ من عملهم قبل ذلك يركز على الموضوعات السياسية لكن الآن الوضع اختلف واصبح نحو 80 أو 90 ٪ من عملهم هو التركيز على فتح أسواق والسعى لدخول أى منتج مصرى إلى أسواق هذه الدول وكيفية ان يتواجد رجال اعمال مصريون هناك ودعم الاستثمار بين البلدين وأيضا الترويج للاقتصاد المصرى.
> علاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية؟
>> بالتأكيد وهذه هى لغة الدبلوماسية المصرية ولغة العالم الآن، مبدأ تحقيق المكاسب للجميع، ان الكل يكسب، فلم يعد من الممكن ان تستند إلى تاريخ أو شعارات عامة دون ان يعكس ذلك مصالح مشتركة، وبالتالى اذا كان التاريخ والرصيد التاريخى بين الدول يمثل ارضية صلبة للعلاقات لكنه لا يكفى فلابد ان ننطلق فى عمل شراكات وبناء علاقات على مبدأ تحقيق المكاسب للجميع.
> نريد منك عنواناً يلخص الدبلوماسية المصرية فى هذه المرحلة؟
>> الدفاع عن المصلحة الوطنية المصرية بشقها الأمنى والاقتصادى والتجارى والاستراتيجى.
> ما نسبة نجاحنا فى هذه المهمة؟
>> هذه عملية متراكمة ومتحركة ومتطورة ومستمرة ونحن بتوجيهات السيد الرئيس السيسى نعمل على تنفيذ كل هذه التوجيهات أولاً بأول واعتقد اننا نقف على ارضية صلبة، وهنا نؤكد أن الشعب المصرى لديه ثقة كاملة فى القيادة المصرية وفى مؤسسات الدولة المصرية لانها تعمل بمنهج ورؤية هدفها المصالح العليا لمصر وتحقق نجاحا كبيرا فى هذا الاتجاه
> ماذا تستشعر فى العالم الخارجى وانت تتعامل معه ورؤيته للقيادة المصرية سواء على المستوى الدولى أو المستوى الاقليمى؟
>> بالتأكيد هناك تقدير كبير للقيادة السياسية المصرية، يرون السيد الرئيس قيادة رشيدة ومتنورة وقيادة تعمل فقط فى اطار فى اتجاه التعمير، البناء، الاستقرار، السلام، فالكل ينظر لنا نظرة اعجاب وتقدير واشادة بالقدرة المصرية على المبادرة، والخطة المصرية لإعادة الاعمار التى تمت بجهد كامل للدولة المصرية بكل مؤسساتها خير دليل على رؤية الدولة المصرية، وقد لاقت احترام الجميع الذين يرونها خطة قابلة للتنفيذ وخطة رشيدة وعملية.
> اسرائيل لا تتوقف عن حملات الانتقاد لمصر، وميليشيا الاخوان الارهابية يواصلون سيناريو التشويه، فهل هذا يؤثر على دور المؤسسة الدبلوماسية؟
>> نحن لا نتوقف عند هذه الامور، ولن تعطلنا عن مسارنا الذى رسمه لنا الرئيس السيسى، نحن لدينا رؤية ننفذها، نتواصل مع الجميع ومرة اخرى نحن لدينا معاهدة سلام مع اسرائيل ونحن نحترمها بشكل كامل طالما الطرف الثانى أيضا يحترمها.
> هل ترى أن الأمم المتحدة قد انتهى دورها وقد تم اضعافها خاصة فى حرب غزة؟
>> لا شك أن منظومة العمل متعدد الأطراف تواجه فى الوقت الراهن تحدياً لا يجب الاستهانة به والمتمثل فى قدرة المنظمة على تنفيذ والحفاظ على ميثاق الأمم المتحدة، نظراً لازدواجية المعايير التى يتم انتهاجها إزاء القضايا والأزمات الاقليمية، ولكن هذا لا يعنى أن الأمم المتحدة انتهى دورها.
بل على العكس… يجب علينا جميعاً مضاعفة الجهود لدعم الأطر متعددة الأطراف التى تعزز احترام القانون الدولى استناداً إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتى تشكل المرجعيات التى أقرت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وفى إقامة دولته المستقلة. وأستذكر هنا الآراء الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية والتى رسخت تلك الحقوق غير القابلة للتصرف، وتستمر المجموعة العربية وغيرها من الدول متشابهة الفكر فى الدفع بتلك المبادرات فى إطار المنتديات السياسية والقضائية بالأمم المتحدة، خاصة الجمعية العامة أو محكمة العدل لصيانة هذه الحقوق، وتنفيذ تلك الواجبات.
وعلينا أيضاً ألا ننسى أن العمل الأممى يتجاوز ما يعرف بمنظمة الأمم المتحدة ليشمل منظومة الأمم المتحدة، التى تشمل الوكالات الدولية المتخصصة، والتى تمارس دوراً محورياً فى العمل التنموى، وكذلك العمل الإنسانى الذى يتعاظم دوره فى أوقات الأزمات. ومن هذا المنطلق، ترفض مصر المحاولات التى تستهدف تقويض دور الأونروا التى تعتبر بمثابة شريان الحياة للشعب الفلسطينى، كما تثمن دور الوكالات الأممية التى تعمل فى قطاع غزة منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب مثل برنامج الأمم المتحدة للغذاء ومنظمة الصحة العالمية وغيرها، والتى تعمل على رفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى وتخفيف وطأة الأزمة الانسانية التى يشهدها القطاع على مدار الأشهر الماضية، ولا يزال.
إذن فمصر لا تدخر جهداً فى دعم منظومة العمل متعدد الأطراف، وعلى رأسها الأمم المتحدة، لمواجهة التحديات العالمية والإقليمية بما يراعى شواغل كافة أعضاء المنظمة الأممية، ومنها القضية الفلسطينية التى طالما حظيت بأولوية على جدول أعمال الأمم المتحدة، لحين تحقيق تلك الحقوق المشروعة.
> كيف ترى مواصلة مسيرة العمل والانجاز لتعزيز التواصل مع المصريين فى الخارج وإيجاد آليات جديدة لتحسين قنوات التواصل مع المواطن؟
>> هناك اهتمام مكثف بالوزارة على تطوير الخدمات القنصلية وتيسير الإجراءات للمواطنين فى الخارج، حيث تقوم بتنفيذ مشروع طموح من شأنه أنه يحقق نقلة نوعية فى تفاعل المواطنين المصريين مع سفارتنا وقنصليتنا بالخارج، وتطوير الخدمات القنصلية لتصبح سريعة وناجزة، وبصورة تيسر على المواطنين إنجاز معاملاتهم القنصلية المطلوبة. على سبيل المثال، نجحت الوزارة فى تطبيق منظومة جديدة لاستخراج وتجديد جوازات السفر، مما قلل الفترة الزمنية اللازمة لإتمام هذه العملية إلى أيام معدودة بعد أن كانت تستغرق شهوراً، وجارى العمل بالتعاون مع مصلحة الاحوال المدنية لتطبيق منظومة مشابهة من أجل تخفيض الفترة الزمنية لاستخراج شهادة الميلاد لأول مرة للمواليد المصريين فى الخارج وهى أحد المستندات المطلوبة بشدة من ابناء الجاليات المصرية فى الخارج، خاصة انه يتم الاستناد اليها لاستخراج جواز السفر للمولود الجديد. كما تعمل الوزارة بالتنسيق مع الجهات المعنية على إنشاء المركز المجمع للأوراق الثبوتية، والذى سيمكن المصريين بالخارج من استخراج بطاقات الرقم القومى والمستندات الرسمية بسهولة وفى وقت محدود.
من جهة أخرى، تعمل الوزارة على التيسير على المواطنين الراغبين فى التصديق على مستنداتهم فى مكاتب التصديقات المختلفة حيث يتم التواصل مع المحافظات المختلفة للتوسع فى فتح مكاتب تصديقات جديدة كما تم توقيع بروتوكول مع الهيئة القومية للبريد بحيث أصبح فى استطاعة المواطن تسليم المستند المطلوب التصديق عليه لأقرب مكتب بريد على أن يتولى المكتب تسليم المستند لمكتب التصديقات وإعادته مرة أخرى للمواطن بما يساهم فى التخفيف عن المواطن ويحد من التكدس فى مكاتب التصديقات.. إلى جانب ذلك، تواصل الوزارة جهودها لتعزيز التواصل مع الجاليات المصرية بالخارج من خلال عقد لقاءات عبر وسائل التواصل الاجتماعى ولقاءات دورية أخرى مع أعضاء الجاليات لمناقشة احتياجاتهم والاستجابة لمطالبهم، كما أحرص على لقاء الجاليات فى زياراتى الخارجية فى انعكاس واضح للحرص على التواصل المباشر مع الجاليات، كما تنظم الوزارة مؤتمرات دورية مثل «مؤتمر المصريين بالخارج» الذى يعقد سنوياً، ويتيح لهم عرض مقترحاتهم ومشكلاتهم أمام الجهات المعنية. وتسعى الوزارة إلى تقديم الدعم المستمر للمصريين بالخارج، مع التركيز على رقمنة الخدمات القنصلية وتعزيز ارتباطهم بالوطن عبر مبادرات استثمارية ومزايا اقتصادية مخصصة لهم.