يظل التعليم الأزهرى إحدى الركائز الأساسية فى الحفاظ على هوية الأمة الإسلامية حيث يجمع بين الأصالة والمعاصرة ويقدم نموذجًا فريدًا يجمع بين علوم الدين والعلوم الحديثة أكد د. رمضان حسان عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة فى حواره مع الجمهورية ضرورة تأهيل الطلاب وتأمين كوادر علمية قادرة على مواجهة التحديات الفكرية والتعليمية مشيدا بدور الأزهر فى تعزيز قيم التسامح والاعتدال الفكرى إضافة إلى مكانة القضية الفلسطينية فى الفكر الإسلامى وكيف يمكن للعلماء والدعاة إبقاءها حية فى وجدان الأجيال الجديدة.
– كيف ترون دور كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة فى دعم وتطوير التعليم الأزهري؟
كلية الدراسات تمثل حلقة وصل بين التراث الأزهرى العريق والاحتياجات التعليمية الحديثة حيث تسهم فى تخريج كوادر مؤهلة على دراية بالعلوم الإسلامية والتاريخية، ولديهم قدرة على التعامل مع قضايا العصر بمرونة وحكمة من خلال برامجها الدراسية المتنوعة، وتساعد فى تطوير المناهج التعليمية وتدريب المعلمين والطلاب على تكييف المحتوى الأكاديمى مع التحديات المعاصرة باستخدام تكنولوجيا التعليم وتطوير المهارات الفكرية كما تسهم كلية الدراسات الإسلامية والعربية فى تعزيز الحوار الثقافى والفكرى بين مختلف المدارس الإسلامية والمجتمعات مما يعزز من التنوع الثقافى والمعرفى فى التعليم الأزهري.
هل هناك خطط لتطوير المناهج الدراسية لتتماشى مع متطلبات العصر؟
بالفعل قامت الكلية بإعداد لائحة جديدة للمناهج الدراسية وتمت الموافقة عليها من المجلس الأعلى للأزهر ويبدأ تنفيذها من العام الدراسى الجاري، وكان أهم ما تم مراعاته فى هذه اللائحة الجديدة أن تتماشى المقررات والمناهج الجديدة مع متطلبات العصر
هل تعتمد الكلية وسائل تعليمية حديثة مثل التعليم الإلكترونى والمنصات الرقمية؟
الكلية تعتمد بشكل متزايد على وسائل تعليمية حديثة مثل التعليم الإلكتروني، والمنصات الرقمية وهذه الوسائل توفر مرونة أكبر للطلاب وتساعدهم فى الوصول إلى المحتوى التعليمى فى أى وقت ومن أى مكان وتنفيذ برامج تعليمية عن بُعد مما يتيح للطلاب فرصًا أكبر فى التعلم المستمر والتعليم الإلكترونى يعزز أيضًا من قدرة الأساتذة على استخدام الوسائط المتعددة مثل الفيديوهات والمحاضرات المسجلة لتوضيح المفاهيم بشكل أكثر تفاعلية كما أن المنصات الرقمية تقدم مميزات مثل المنتديات النقاشية والتفاعل المباشر بين الطلاب والأساتذة مما يسهم فى خلق بيئة تعليمية أكثر ديناميكية.
هذا يدفعنا للتساؤل.. كيف يساهم التعليم الأزهرى فى تعزيز قيم التسامح والاعتدال الفكرى لدى الطلاب؟
التعليم الأزهرى يلعب دورًا محوريًا فى التأكيد على وسطية الإسلام فالأزهر الشريف من خلال مناهجه التعليمية يبرز دائمًا القيم الإسلامية المرتبطة بالاعتدال والتسامح ووسطية الإسلام التى لا تعرف التطرف ولا العنف، فمناهج الأزهر تركز على شرح مفاهيم الرحمة والعدالة والمساواة بين الناس مما يساعد على ترسيخ مفاهيم التسامح فى عقول وسلوكيات طلاب الأزهر تجاه الآخرين، كما تساعد فلسفة مناهج الأزهر فى خلق حالة من التنوع الثقافى والدينى لأن الأزهر يتميز بإشرافه على تعلم الفقه الإسلامى بمختلف مذاهبه وهذا يعزز من قدرة الطلاب على فهم التنوع الفكرى داخل العالم الإسلامى مما يجعل لديهم انفتاح على أفكار وآراء الآخرين بما يعزز إدراكهم مفهوم أن «الاختلاف لا يفسد قضية المودة» ويعزز من قدرة التعايش السلمى مع مختلفى الأديان والمذاهب
تظل ثقافة الحوار بين أتباع الأديان جزء مهم من فلسفة الأزهر الشريف .. كيف يتحقق ذلك ؟
يعتبر الأزهر مركزًا للحوار بين الأديان والثقافات حيث يقوم بالعديد من الفعاليات الفكرية التى تجمع بين المتصدرين للتعامل مع الرأى العام ممثلة فى تنظيم مؤتمرات وندوات دولية تُعنى بالحوار بين الأديان ومعرفة الآخر، وهذا يساعد فى تدريب الطلاب على كيفية التعامل مع الأفكار المخالفة بروح من الاحترام والنقاش الهادئ بعيدًا عن العنف أو التعصب ولا يقتصر التعليم الأزهرى على نقل المعرفة الأكاديمية بل يولى اهتمامًا خاصًا بالقيم الأخلاقية، كما أن الأزهر يعتبر منبعًا للفكر المعتدل فى مواجهة التطرف من خلال تدريس الفقه والحديث والتفسير بشكل يتسم بالاعتدال حتى ينشأ الطالب فى بيئة فكرية ترفض التطرف والغلو، وهذا يعزز قيمة التفكير النقدى والبحث عن الحقيقة بشكل هادئ ومستنير.
– خلال الفترة الماضية كان للأزهر دور فى دعم ثوابت الدولة فى القضية الفلسطينية .. مكانة القضية الفلسطينية فى الفكر الإسلامي؟
بداية نؤكد وقوف جميع المصريين بمن فيهم طلاب وأساتذة الأزهر واصطفافهم خلف القيادة السياسية فى كل ما تتخذه من إجراءات ومواقف بشأن عدم تهجير الفلسطينيين من أرضهم والحل العادل للقضية الفلسطينية وهذا ما أثبتته القمة المصرية الطارئة التى عقدت فى القاهرة بتأييدها الرؤية المصرية فى رفض التهجير بما يؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية ، ولذلك فإن التاريخ الإسلامى الحديث أو القديم يؤمن بأن القضية الفلسطينية قضية محورية ولهذا فإن الأزهر حريص على تذكير الطلاب بقضية فلسطين والثبات على ثغورها الفكرية حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا بزوال الاحتلال الصهيونى الغاشم، لذلك فإن مناهج الأزهر تحرص على تدريس أبعاد القضية الفلسطينية تاريخيا وواقعيا ومستقبليا حتى لا نقع فى فخ النسيان للقضية وفق ما يصبو إليه أبالسة الاحتلال الصهيوني، كما تتجلى أهمية القضية الفلسطينية فى الفكر الإسلامى بتأكيد أن الدعم للقضية الفلسطينية يتجاوز البعد السياسى ليشمل البُعد الدينى والإنسانى فالفكر الأزهرى يشجع الطلاب على التعامل مع القضية الفلسطينية من منظور إسلامى يعزز من قيم العدالة والحق ويحافظ فى الوقت ذاته على المبادئ الإنسانية فى التعامل مع جميع الأطراف
– فى رأيك ما هو دور العلماء والدعاة فى إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة فى وعى الأجيال الجديدة؟
العلماء والدعاة لهم دور أساسى ومؤثر ويمكنهم التأكيد على البُعد الدينى للقضية الفلسطينية خاصة من خلال تعليم الشباب أهمية القدس والمسجد الأقصى فى الإسلام وتنظيم ندوات ومحاضرات ومؤتمرات لتوعية الأجيال الجديدة بتاريخ فلسطين ونقل صورة حية للظلم الذى تعرض له الفلسطينيون وكيفية صمودهم فى مواجهة الاحتلال، إضافة إلى استخدام المنابر الإعلامية الحديثة فى عصر الإعلام الرقمى ووسائل التواصل الاجتماعى ، فالعلماء والدعاة مسئولون عن نقل رسالة القضية الفلسطينية من خلال هذه الوسائل والتفاعل مباشرة مع الشباب وتوضيح الصورة الحقيقية للقضية الفلسطينية والتأكيد على أنها قضية عدالة وحق وأن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى هو دفاع عن الحق الإنساني
– ما المكانة التى يحتلها شهر رمضان فى الإسلام من حيث الروحانيات والعبادات؟
شهر رمضان فى الإسلام هو أقدس الأشهر وأكثرها مكانة حيث يحتل مكانة عظيمة فى قلب كل مسلم من حيث الروحانيات والعبادات فهو ليس مجرد شهر للصوم بل هو شهر للعبادة والتقرب إلى الله بطرق متعددة شهر رمضان إذًا ليس مجرد عبادة جسدية للصوم بل هو شهر للروحانيات العالية التى تجعل المسلم يزداد قربًا من ربه ويتجدد قلبه بالتقوى والصلاح هو فرصة للتغيير والتطهير ليس فقط للجسد بل للعقل والنفس أيضًا الصيام يعزز التواضع ويُحسن العلاقة مع الله ويُطهر النفس من الكبرياء والأنانية كما أن رمضان فرصة للمسلمين للتفكر فى نعم الله عليهم والشكر على ما رزقهم به
– كيف يمكن تحقيق التوازن بين العبادات والعمل أو الدراسة خلال شهر رمضان؟
يتطلب ذلك تنظيمًا جيدًا وإدارة للوقت بشكل فعال شهر رمضان هو فرصة كبيرة للعبادة والتقرب إلى الله ولكن فى الوقت نفسه لا يمكن إغفال أهمية الالتزامات المهنية أو الدراسية وأنصح بالتخطيط المسبق للوقت بحيث تخصص أوقاتًا محددة للعبادات (مثل الصلاة، قراءة القرآن، الذكر) وأوقاتًا للعمل أو الدراسة والاستفادة من الساعات الأولى من اليوم والأوقات الهادئة وتقليل الضغط وتبسيط المهام والمشاركة فى الأنشطة الروحية فى المسجد أو مع الأسرة مثل الذكر الجماعى وتبادل الدروس أو المحاضرات الدينية مما يعزز الروحانية ويخفف من ضغوط العمل أو الدراسة ويمكن أن تخصص جزءًا من وقتك لمساعدة الفقراء أو المشاركة فى الأعمال الخيرية مثل تحضير وجبات للإفطار أو توزيع الزكاة.