كنت أظن ان المسلسلات الجديدة التى تعرض على الشاشات التى نراها هى كل اعمال رمضان الجديدة، لكننى اكتشفت مسلسلات اخري، على شاشات اخري، مصرية ايضا، ويقوم بطولتها نجوم كبار مثل حسين فهمى وميرفت امين وجمال سليمان، «اضافة للظهور فى الإعلانات»، كما اكتشفت عرض مسلسلات سورية على قنوات مصرية وبالطبع مسلسلات مصرية على قنوات سعودية أنتجتها أو شاركت فى الانتاج، باختصار، اصبح شهر رمضان موسم الدراما الاهم بعد سنوات طويلة من بدايته، وبرغم كل المنصات التى لم تكن موجودة وقتها وتكاثرت الان لأجل ان تتقاسم النجاح مع الانتاج التليفزيونى، وهو ما حدث فى بعض الاعمال وليس كلها، ونجح تحديدا فى تخفيض عدد حلقات العمل الدرامى الى العدد الأقل اثباتا لنظرية ان طول المسلسل يتعلق بما يقدمه من قصص وسيناريو معبر عن الحياة وليس تقديمه لقصة لشخصية واحدة، مهما كانت ثرية، ومن هنا وصلنا فى موسمنا الدرامى الآن الى تغيير كبير ملخصه ان مسلسلات النصف شهر – اى ذات الخمس عشرة حلقة – هى النظام الجديد للمسلسلات، «اكثر من ثلاثين عملا 15 حلقة وعشر فقط فى 30 حلقة هذا الموسم»، وهذا يعنى، على مستوى آخر، أعمال تهتم اكثر بالقضايا الحياتية الأكثر فاعلية ووضوحا وتأثيرا على حياتنا الآن من القضايا الوجودية المعبرة عن التاريخ الاجتماعى والسياسى للمصريين من زمن لآخر مثلما قدم أسامة انور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ فى «ليالى الحلمية» ومثلما قدم محفوظ عبد الرحمن وإنعام محمد على فى «أم كلثوم»، أما محمد فاضل فقدم مع أسامة عكاشة ايضا «الراية البيضا» الذى يصلح لكل الأزمنة، فى الماضى والحاضر، ومن هنا علينا ان نتساءل ما الذى تقدمه مسلسلاتنا الجديدة التى نراها الآن، والكثير منها سوف يودعنا بعد 15 حلقة تنتهى يوم السبت القادم ليبدأ عرض مسلسلات اخرى، جديدة، قد تتفوق على الاولي، أو تبقى الاولى هى الاكثر أهمية وقيمة بالنسبة إلينا، وهو ما سندركه بالطبع مع نهاية الشهر، وربما قبل النهاية، ولكن التوقف عند بعضها، سواء انتهت أو استمرت حتى نهاية الشهر، مهم، حتى تظهر ملامح الصورة كاملة لجهد كبير قام به آلاف من العاملين فى الفن المصري، بداية من الإنتاج الذى تتصدره المتحدة للخدمات الإعلامية وعشرات الشركات الاخري، وبعضها جديد، ثم التأليف الذى يتصدره الان مؤلفون جدد، وايضا الاخراج، وكل عناصر العمل الدرامى وبينها بالطبع التمثيل الذى يفاجئنا هذا العام بمزيج من الحضور المتفوق للنجوم القدامى والجدد معا، فأبناء التفوق من فصيلة واحدة، مهما اختلفت أعمارهم، وأدوارهم.
فى مسلسل «النص» يفاجئنا الزمن الماضى، والتعبير عنه بالصورة والأجواء اللونية والمكانية، والملابس، وكأننا عدنا الى تاريخ يعيدنا لقرن ماضى أثناء الثورة المصرية على الاستعمار الإنجليزي، وكيف يتواطأ المواطن عبدالعزيز النص الذى بدأ حياته نشالا «بأداء أحمد أمين» مع الضابط المصرى «صدقى صخر» ويتعاونان فى إقلاق جنود وضباط الاحتلال ومعهم كثيرون فى اطار دراما كتبها أربعة من خلال ورشة هم عبدالرحمن جاويش وسارة هجرس وشريف عبدالفتاح ووجيه صبرى ومن إخراج مخرج قدير هو حسام على وفيه نرى كيف تتحمل أصعب الأفكار إضافة عنصر الكوميديا من خلال البناء الدرامى للعمل، اما مسلسل «ولاد الشمس» للكاتب محمود عزت والمخرج عصام عبدالحميد فيستمر فى تقديم كل ما تحتاجه فكرته التى تعتمد على قضية الأيتام ورعايتهم وحياتهم تحت رعاية صاحب دار الرعاية، أو «بابا – بأداء محمود حميدة» كما يفرض هو، وكيف تتدخل الرعاية الإلهية، لتنير أرواحهم بالمحبة والتواصل، وهو ما يحدث مع الشابان اللذان كبرا فى الدار وأصبحا أخان لا يفترقان «بأداء احمدمالك وطه دسوقى» وشعورهما بالمسؤولية تجاه اخوتهم الاطفال ورفض سلوكيات صاحبها العقابية تجاههم، وهو ما يجذبنا للمشاهدة والتفكير والتفاعل مع عمل يستطيع جعلنا نفكر فى امور مهمة جدا لم تكن ضمن اهتماماتنا، اما مسلسل «اخواتى» للكاتب مهاب طارق والمخرج محمد شاكرخضير فيطرح علينا إضافات غنية لرحلة الشقيقات الأربعة المليئة بالمعاناة وايضاً بالمفاجات من خلال بحث كل منهن عن ذاتها وعن تحققها من خلال العمل وايضا عن حياة آمنة وسعيدة مع أخواتها وأزواجهن، وفى مسلسل مثل «أشغال شاقة جدا» تأليف شيرين دياب مع خالد دياب الذى اخرجه ايضا، تتحول حياة بطليه «هشام ماجد وأسماء جلال» الى لوحة يتعقبها آخرون بأعمال مزعجة، برغم انها غير مقصودة، وفى «قلبى ومفتاحه» مسلسل المخرج تامر محسن الذى كتبه بمشاركة مى الوزير، تزداد أزمة عزت، وميار، بعد تركه العمل مع زوجها السابق الذى يحاصرها حتى لا تذهب لرجل آخر، وتضاف اليهما ازمة خال عزت «آسر ياسين ومى عز الدين وأشرف عبدالباقى» بينما تزداد قوة الزوج والمعلم الخصم «بأداء ديابى وهو يقوم بأخضاع الكل. لإراداته بكل ما يمتلكه من مال ونفوذ فى أطار دراما تكشف الكثير من السلوكيات المريضة.