خطابات الرئيس عبدالفتاح السيسى دائما تأتى فى أوقات مهمة وتحمل عبارات ورسائل بالغة الأهمية، وتتسم دائما بالحزم الشديد وتصيب أهدافها بدقة، وفى طياتها تحذيرات غير مباشرة بذكاء سياسى مخابراتى عبقرى لأى طرف يلعب بالنار، ففى زيارة مفاجئة للرئيس السيسى للأكاديمية العسكرية فى توقيت لا يمكن تجاهله كانت الرسالة واضحة جداً لمن يفهم لغة القوة والتحذيرات غير المباشرة.. وهنا يثور السؤال المهم.. لماذا هذه الزيارة بهذا التوقيت؟!
الرئيس السيسى وبنبرة صوت هادئة جدا تنم عن الثقة التى تعبرعن الجاهزية الكاملة فى التدريب، والاستعداد، والتسليح، وجاهزية فى الاقتصاد أيضا، وجه كلامه لطلبة الأكاديمية قائلا: «مدير الأكاديمية بيطلعنى على أحوالكم بشكل دورى وأحياناً بشكل يومى» فى رسالة واضحة وصريحة «للجانب الأخر» ان خير أجناد الأرض على أهبة الاستعداد وقواتنا المسلحة فى أعلى جاهزية لها، ونحن نتابع كل التفاصيل عن قرب، فلا تراهنوا على عنصر المفاجأة، وفى رسالة أخرى قال «أى صراع عسكرى ممكن يخرج عن السيطرة نتيجة خطأ فى التقدير بما يترتب عليه قرار خاطئ» والرسالة هنا أن هناك من يراوغ ويماطل لكننا نرى ونرصد وأى خطأ فى الحسابات قد يؤدى إلى قرار مصيرى لن يكون فى صالح الذى يراوغ ويماطل أبدا، بالإضافة الى رسائل أخرى كثيرة وتحذيرات كانت أقوى من أى وقت مضى، لكنها جاءت بذكاء شديد دون أن تترك مجالاً لأى تأويل خاطئ، فى وضع يقترب من نقطة اللاعودة وكل الخيارات مفتوحة، وأعتقد ان الرسائل قد وصلت، ولكن يقينى ان القرار المصرى سيظل دائماً فى الوقت المناسب وبالطريقة التى تفرض الهيبة المصرية.
الثابت ان مصر مازالت تخوض حـرباً سياسية ودبلوماسية شرسة ووضعت العالم فى مواجهة الحقيقة وفضحت المؤامرة الصهيونية، واتبعت سياسة حافة الهاوية وهى تدرك تماما كارثة الوضع الأمريكي- الإسرائيلى، وتدرجت فى المواقف بحرفية كبيرة، فعلى الرغم من الجاهزية الكاملة لكل الاحتمالات، الا ان خيارها الأساسى هو السلام، وكلام الرئيس السيسى مع طلبة الأكاديمية عن ان السلام هو الأفضل للجميع كان واضحا، وشارحا بالتفصيل ان حتى المنتصر فى الحرب سوف يخسر كثيرا، وان الأفضل لنا ان ما سوف يتم صرفه فى الحرب ان يتم صرفه فى البناء والتنمية ورفع مستوى المعيشة، وهذا يعنى ان هناك طرفا ما يلوح للخيار العسكرى، وبالتالى كانت تحذيرات الرئيس السيسى موجهة لهذا الطرف.
الأمر المهم أيضا ان الرئيس السيسى ركز على المواقف المشرفة للمصريين فى مواجهة التهديدات الأمريكية، وكانت تلك المواقف بمثابة الصدمة لقوى الشر المعادية لأنهم لم يتخيلوا ان تكون درجة الوعى والتماسك الشعبى ووحدة الصف وصلابة الجبهة الداخلية بهذا الشكل، والحقيقة أن المصريين يعيشوا حاليا مرحلة اصطفاف وطنى عظيمة فوق أى وصف، والخلاصة ان خطاب الرئيس ولقاءه بطلبة الأكاديمية هام جدا وفى توقيت أهم ويعبر عن الجاهزية الكاملة لأى احتمال وكذلك يطمئن المصريين.
كلمة فاصلة :
ببساطة.. الجذور العميقة تصمد أمام الرياح مهما كانت عاتية، ومصر لديها قيادة واعية وقوية للغاية ولديها شعب ذكى بالفطرة ولا أحد يستطيع أن يفرض عليها أمرا واقعا، وأصل الحكاية ان السعى الدءوب للرئيس السيسى من أجل استكمال بناء القوة الشاملة يثير الرعب فى قلوب الصهيونية العالمية وأذيالها ووكلائها فى الشرق الأوسط، وهم يرصدون منذ عشر سنوات ماضية حركة البناء والتنمية والأصلاح فى دولة 30 يونيو، والتى لا زالت مستمرة فى بناء عناصر قوتها الشاملة، وسوف تصبح باذن الله أحد القوى العظمى المؤثرة بالعالم، ومع بلورة التقارب المصري- الروسي- الصينى سوف تكتب نهاية هيمنة الحقبة الأمريكية المريرة.. حفظ الله مصر وأهلها.
