ذهبوا بعيدا عنه، فقرر ان يذهب اليهم، عاملوه على أنه من الماضي، فقرر أن يعيش معهم الحاضر، أنه بهجت الانصاري، وكيل الوزارة السابق، والذى خرج على المعاش وقرر ان يتفرغ لرعاية حفيديه بعد وفاة أبيهما (ابنه) فى حادث أليم هو وزوجته، وهكذا يبدأ الرجل حياته من جديد، مع جيل جديد، له افكار ومعايير مختلفة، ولا يحب مناقشتها إلا مع أمثاله، وهو ما اصبح مشكلة الجد الذى قام بدوره (يحيى الفخراني) فى مسلسل (عتبات البهجة) المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب أبراهيم عبد المجيد، والذى تحول إلى مسلسل من 15 حلقة تولى الكاتب مدحت العدل الإشراف على تحويله الى قصة وسيناريو وحوار مع مجموعة جديدة من كتاب وكاتبات ينتمون الى (ورشة حواديت)، وأظن هذا التفاعل هنا ضرورى فى ضوء قضية صراع الاجيال أو، تلاقيها، وهو ما رأيناه، وقدمه المخرج مجدى ابو عميرة بقدر كبير من الفهم للتفاعلات بين الاجيال، فى البيت الواحد والشارع، وصولا الى المدرسة أو السنتر الذى واجه الاستاذ بهجت فيه بنات وأولاداً أدهشتهم رغبته فى الحديث اليهم، ولكنه أستطاع أن يجذبهم اليه بحديثه الجميل، وافكاره التى لامست بعض مشاكلهم فى علاقاتهم بآبائهم وأمهاتهم، والتى عبرت عن بعض ما يفكرون فيه ولا يجدون له اجابات، وهنا أتسعت مساحة التجربة لدى الفريقين، الطلبة، والمدير بهجت الذى زادته مقابلتهم أحساسا بأنه مازال قادرا على التفاعل مع أجيال مختلفة، فقرر ان يقتحم حياة (عمر) حفيده الشاب (الممثل خالد شباط) الذى بدأ يغيب عن البيت ويقوم بأشياء غير مفهومة ويرفض مصارحته، اما حفيدته جميلة (الممثلة بسنت ابو باشا) فخافت ان تصارحه بمشاعرها تجاه شاب عرفته، ولأن الجد رجل مهم فى موقعه السكني، يعمل له جيرانه الف حساب، فإنه اصبح أيضا هدفا لكثيرين لديهم مشاكل، بداية من صديقه وعشرة عمره عرفان (صلاح عبد الله) وزوجته علية (سما إبراهيم)التى تبكى دائماً بعد ابنهما لهجرته لأمريكا وتريد السفر اليه والزوج يرفض، والجارة الصديقة لبنى (صفاء الطوخي) التى تبكى وحدتها واصرار ابنتها المهاجرة على ان تذهب هى اليها، ووصولا الى نعناعة صاحبة كشك المرطبات تحت العمارة (چومانا مراد) ، ومشاكلها هى وأختها فلة (هنادى مهنا) وزوجها عطية (علاء مرسي)، وغيرهم، وليصبح (بهجت الأباصيري) هو رمانة الميزان للكل، يحظى بالثقة، ويقدم كل ما عنده لاجل مساعدتهم ودعمهم، ويتوق للحظات من الصمت والحوار مع النفس فيهرب إلى مكانه المفضل، بجانب النيل يتأمله ويناجيه، أو يأخذ حفيدته إلى الحديقة القريبة طمعا فى بعض البهجة وهو يتابع معها الصغار وأمهاتهم.
ماذا يريدون منا؟
من جهة أخري، يطرح علينا المسلسل أسئلة عن العلاقة بين القريب والغريب، بين افراد البيت الواحد كالجد وأحفاده، وأفراد العمارة، وأفراد حتى الشارع الذى اصبح جزءاً من حياة البطل وبقية السكان، وصولا للعلاقة الاكبر مع طلبة وطالبات السنتر الذى أسسه مدرس جشع بحثا عن المال فقط وبدأ يتخلى عنه بعد مشروع تجارى اكثر ربحا وهو ما دفع زوجته للجوء الى الاستاذ بهجت لادراكها قيمته (هشام إسماعيل ووفاء صادق) وليتحول اللقاء الصعب بين الطلبة ومدرسهم الاول إلى لقاء ملئ بالقلق مع بداية التعامل مع مشرف جديد، عجوز، وكل منهم يقول لنفسه (ماذا يريد منا هذا الرجل)، لكنه، وبالتدريج، يسحب القلق، ويضيف اليهم الأمان والثقة، وخبرات جديدة تدفعهم لمزيد من الاسئلة، فى نفس الوقت الذى أدرك فيه حفيده الذى وقع فى مشكلة مع شخص أغراه بعمل تجارى عبر موقعه، أدرك ان جده قد يدعمه لو تورط، وهو ما حدث، بل ان اصدقاء الجد ساهموا بجهد اضافى للدفاع عنه ولتنتهى الحلقات بالجد، الاستاذ، وهو يكمل دوره، كما رآه، برسالة يوجّهها إلى الجميع، عبر الانترنت، وصفحة يلجأ اليها يوميا فى المساء، يقول ما لديه، ويعبر فيها عن محبته للجميع، فى نهاية من اجمل نهايات الأعمال الدرامية الجديدة، إنه عمل يستحق التقدير رغم بعض الثغرات القليلة.