مع مشاهدة عدد كبير من مسلسلات رمضان أصبحت «السوشيال ميديا» مليئة بتعليقات الجمهور على قصص المسلسلات والأداء التمثيلى للفنانين، وأصبح السؤال الملح هو : هل هناك علاقة بين الدراما والواقع الاجتماعى الذى نعيشه ؟.. والحقيقة أن العلاقة بينهما قوية لأن القصص والشخصيات التى يقدمها المؤلفون فى المسلسلات مستلهمة من الحياة الاجتماعية فى البيئات المصرية المختلفة سواء فى المدينة أو فى الأرياف، لكن المخرج والممثلون يضيفون مايمكن تسميته «الصنعة» وتكون النتيجة هى ما نشاهده من مبالغات تجعل المتفرج يرفض مايراه على الشاشة ويقول إن هذا ليس حقيقيا ولا يحدث فى الواقع.
أتذكر عندما قابلت المخرج الراحل حسن الصيفى بعد عرض فيلم «أيام السادات» كان تعليقه أن أداء الفنان الكبير أحمد زكى كان «أضبط» من السادات نفسه !! وعندما اندهشت من كلامه شرح لى الفرق بين التمثيل والحقيقة، وقال أن أنور السادات كان يظهر أمام الكاميرات بشخصيته الحقيقية وبأداء طبيعى خال من الاضافات، لكن أحمد زكى يؤدى الشخصية مضافا اليها «الصنعة» وفيها بعض المبالغة الضرورية لخروج الفنان من شخصيته الحقيقية الى شخصية الرئيس السادات.
نعود الى مسلسلات رمضان ونشاهد الفنانة روبى تقوم بدور فتاة تعيش فى حى شعبى وتعمل على سيارة أجرة لتصرف على أخواتها البنات، وهنا كل ما تهتم به روبى هو إقناع المشاهد بأنها فعلا هذه الفتاة المكافحة وبالطبع لن يخلو الأداء من بعض المبالغة، كذلك فعل الفنان مصطفى شعبان وهو يقوم بدور رجل ثرى من أعيان الصعيد، وكذلك يفعل المؤلف والمخرج الجميع يحرصون على الاضافات التى تبرز «الصنعة» مع بعض المبالغات التى تجذب المشاهدين لمتابعة أحداث المسلسل خاصة فى ظل المنافسة الشرسة بين عدد كبير من الأعمال فى رمضان.
من ناحية أخرى تؤثر الدراما على كيفية تصورنا للواقع من حولنا وذلك من نواح كثيرة، أهمها التأثير الثقافى ومعرفة القيم التى تحكم حياتنا ونظرتنا للرجل والمرأة والحب والأسرة والقانون والضمير والأخلاق، وهنا تكون الشخصيات السلبية من المجرمين أو الخارجين على القانون أكثر تأثيرا من الشخصيات الطيبة التى تفعل الخير، ولكن نهاية المجرمين على الشاشة تكون مأساوية ويأخذ المشاهد من ذلك الموعظة التى تجعله يتجنب طريق الانحراف والجريمة وهذه فائدة كبرى من فوائد الدراما.
كذلك تعيد الدراما تقديم أحداث وقعت سواء فى الماضى البعيد أو القريب من أجل استخلاص دروس الحياة التى تتوه من المشاهد فى الزحام.. إن اعادة تقديمها وتسليط الضوء عليها يجعلها تعمل على ترسيخ القيم النبيلة التى تعكس تضحيات شبابنا فى سبيل الدفاع عن الوطن، أو تصوير كفاح الشرفاء للقضاء على الجريمة.. وفى جميع الحالات لابد من منح المبدع الحرية والمساحة الكافية ليقدم مهاراته فى «الصنعة» والتى هى ضرورية ليصبح العمل الفنى جذابا لأكبر عدد من المشاهدين.