كل عام وفى هذا الوقت لاسيما فى شهر رمضان المبارك تثار قضية قديمة ومتجددة وهى (ميكرفونات المساجد) ففى الوقت الذى يحكم البعض بعاطفته أنها بأصواتها و انتشارها إحدى العلامات المميزة لشهر رمضان المعظم. يرى آخرون أنها تسبب ازعاجا لطلاب العلم والمرضى لاسيما أن معظم البيوت تقريبا فيها أبناء فى المرحلة الجامعية والمعاهد علاوة على آلاف آخرين فى مراحل التعليم المختلفة ابتدائى واعدادى وثانوى ونعود الى الرأى الذى أميل اليه وهو أننا بداية نريد ان نستمتع بروحانيات الشهر الكريم صياما وصلاة وتهجدا وقراءة للقران الكريم والتقرب الى الله تعالى فى جو تسوده البهجة السكينة. وفى تقديرى أن التلوث لايقف عند حدود التلوث البيئى وانما يمتد الى التلوث السمعى وهو يحدث نتيجة طبيعية لارتفاع الأصوات فى الأفراح والمناسبات المتعددة ويمتد الى أصوات الميكرفونات التى تتداخل فى المساجد مما يسبب ازعاجا للعقول ناهيك عما يحدث من تداخل لأصوات أئمة المساجد فى صلاه التراويح والتهجد. الاسلام يا سادة الدين يدعو الى الاعتدال والتوسط والترشيد فى كل شئ وهو يرسخ للقيم الأخلاقية والسلوك النبيل ولا يمكن لأحد من كان أن يزايد على العاطفة الجياشة للمصريين على مر الزمان والمكان والتى قد تصل الى حد الأخذ بالأحوط ظنا منهم أن المزيد من الأصوات وارتفاعها وتداخلها فى شهر رمصان من ميراث الأزمنة الوارفة واليانعة وهذا فهم خاطئ فقد كنا حتى وقت قريب نرفع الأذان ونؤدى الصلوات الخمس وغيرها دون مكبرات للصوت وكان الناس يعيشون حالة من السكون والطمأنينة وراحة البال دون ضجيج ولم يخرج علينا أحد العوام ليقول إن وزارة الاوقاف تمنع الميكرفونات فى المساجد. والمفترض أن الوعى يزداد عندنا ولاينقص كما هو الحال الان. ويكفى ان تقام الشعائر فى السماعات الداخلية للمساجد دون ضجيج الميكروفونات وان يرفع الاذان عبر المكبرات الخارجية ستظل هذه القضية القديمة تتجدد كل عام لاسيما فى أيام شهر رمضان الفضيل الا أن وعى الناس وحرصهم على ابراز الصورة المثلى للإسلام وكونه دين ينشد الاعتدال والتوسط والابتعاد عن الافراط او التفريط لقد عاش المسلمون فى عصورهم الزاهرة واليانعة ولم تكن هناك سماعات أو ميكرفونات وكنا صغارا ننتظر سيدنا وهو يرفع أذان المغرب من ربوة مرتفعة وكان الاسلام غضا طريا يومها كان الآباء والأجداد يعبدون الله على طهر لايبحثون عن المظاهر والمعالم و كانوا على قلب رجل واحد فى الاخلاص والبعد عن الجدال الذى لا يؤتى بثمر. فهل نعود الى أزمانهم أم أننا سنظل نمارى ونجادل فى سفاسف الأمور والتى لا صلة للإسلام بها بل هو منها براء وكل عام وجميع المصريين بألف خير وهناء وسعادة.