تأملات فى ذكرى العاشر من رمضان تدق فى أذنى هذه الأيام وفى ذكرى انتصار المصريين فى العاشر من رمضان واستعادتهم لأرضهم وللكرامة العربية.. كلمات الشاعر سيد حجاب التى غناها المطرب الأصيل ماهر العطار: «ياما زقزق الإمرى على شجر الليمون» هذا الطائر الذى يعرفه أبناء الريف المصرى بصوته الناعم الذى يدغدغ مشاعر الفلاح الصبور بجهده الوافر وعطائه بلا حدود للأرض الطيبة وهو يحمل شقاء السنين بلا كلل أو ملل ولكنه يؤدى رسالة الخالق فى إعمار الأرض وتحمل المسئولية التى تنوء بحملها الجبال.
وتمضى كلمات الأغنية الشعبية الجميلة فى مقطع يقول: «شيل شيل يا جدع عمر الكتاف ما هتتخلع».
وأذكر فى ذكرى النصر العظيم مصر الشقيقة الكبرى لأشقائها العرب التى تتحمل وشعبها الأعباء وتواجه التحديات الجسام فى منطقتها بكل أمانة، وشرف ومسئولية، لا تتخلى مهما كانت الصعوبات عن مسئوليتها بحكم موقعها وكونها دولة محورية كبرى فى منطقة الشرق الأوسط، ينظر لها العالم وقادته صناع القرار باعتبارها القادرة على التصدى للمشكلات التى تحل على المنطقة وشعوبها تملك بيديها مفاتيح الأبواب التى تبدو موصدة مغلقة، يعقدون عليها الأمل قبل أن تتصاعد المخاطر وتهدد السلام وتلقى بظلالها على بلادهم، ومصالحهم الاقتصادية والسياسية فى العالم.
وكذلك يفعل الأشقاء العرب خاصة الفلسطينيين الذين يواجهون أطماع العدو الصهيونى الذى يبغى التوسع والهيمنة على أرضهم ومقدراتهم.. وينظرون لمصر الشقيقة الكبرى لكى تتحمل عنهم هذه الأعباء والتداعيات التى خلفتها حرب غزة وطوفان الأقصى بما أشعله من جنون وصلف وغرور حكومة اليمين المتطرف «الإسرائيلى» والإضرار الفادح بجهود السلام التى بذلت مصر فيها الغالى والثمين تضحيات جسام بدءا من الحروب التى خاضتها من أجل القضية الفلسطينية منذ نكسة 1947 وعلى مدار ثمانية عقود ممتدة.
>>>
ومازالت مصر حتى اللحظة فى هذه الأيام تتحمل أصعب المشكلات المطلوب من قادتها ورجال قواتها المسلحة ومؤسساتها السيادية ودبلوماسييها وفى المقدمة منهم القيادة السياسية الشجاعة المسئولة التى تواصل الليل بالنهار فى اتصالات ومبادرات وأفكار من أجل مواجهة مشكلات وحل معادلات عويصة وتقريب لرؤى وأفكار، بل وأحيانا سخافات ورزالات من أطراف صراع من هنا وهناك، لا يقدرون خطورة الموقف وحجم المسئولية للحفاظ على الأرواح وتحقيق السلام.
أتأمل قرارات القمة العربية الأخيرة وإعلاء صوت الحق أمام العالم دفاعا عن قضية العرب الأولى – القضية الفلسطينية – وتلك الجهود المبذولة لإغاثة الفلسطينيين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم درءا لخطر التهجير وتصفية القضية.. والحفاظ على استتباب الأمن والسلام وعدم إراقة دماء الفلسطينيين مرة أخرى وسط الأطماع الإسرائيلية التى لا تراوح مكانها ما بين القطاع والضفة والقدس المحتلة.. وها هى مصر تقدم خطة الإعمار البديلة لمخطط التهجير وتخاطب العالم من أجل إحياء الأفق السياسى مرة أخرى وحل الدولتين الذى يضمن السلام العادل والشامل فى المنطقة.
>>>
وفى أيام رمضان المباركة نتأمل ونتدبر ونحيى ذكرى العاشر من رمضان ونصر أكتوبر الذى أفاد العرب جميعا على كافة المستويات السياسية والاقتصادية وكان نصيب مصر من هذا العائد المادى لا يقارن بغيرها – ولكنها باقية على العهد بشرف وأمانة ومسئولية.. وهكذا هو قدر الرجال الذين يملكون الشجاعة والشهامة.. ولنردد بصبر وحب.. ورضا.. «شيل شيل يا جدع.. عمر الكتف ما هيتخلع».. حفظ الله مصر الشقيقة الكبرى.. وساعد الأشقاء على المشاركة فى التوحد والاصطفاف وتحمل المسئولية كأقل واجب فى هذه الظروف الصعبة الراهنة.