انشغل الجميع بمشهد لقاء ترامب ونائبه مع زيلنسكي في المكتب البيضاوى، وتباينت التفسيرات واختلفت التحليلات سواء حول إهانة ترامب للرئيس الأوكراني، أو من يحكم البيت الأبيض، ترامب أم نائبه، وتأثير ما حدث على العلاقات الأمريكية الأوروبية، وشكل النظام العالمي الجديد.
- وهل ما حدث تمثيلية أم موقف أمريكي مختلف؟
- وهل هذا هو نموذج عملى لشكل العلاقات الدولية الفترة القادمة؟
- وكل هذه تحليلات مهمة ومحترمة، وتستحق أن نقرأها بعمق.
لكن ما استوقفنى أكثر هو الرقم الذي كانت الأزمة بسببه.. الـ350 مليار دولار التي منحتها أمريكا لأوكرانيا دعمًا لها في حربها مع روسيا.
رقم يستحق الحديث والتأمل، لأنه كاشف بالفعل لمأزق الإنسانية العالمية، وأن الأطماع السياسية والصراعات دمرت كل ما له علاقة بالإنسانية والأخلاقيات.
هذا الرقم الضخم في ثلاث سنوات كان يكفى لعلاج كل مرضى العالم، وكان يكفى للقضاء على الفقر في شتى القارات، وكان يكفى لدعم الدول التي تواجه الخطر بسب التغيرات المناخية وكان يكفى لدعم دول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التي تواجه أزمات اقتصادية كارثية.
هذا المبلغ كان يمكن أن يجعل الولايات المتحدة تحكم قلوب شعوب العالم، لو وجهته لقضايا إنسانية واجتماعية، لكنها اختارت أن توجهه إلى إشعال حرب هدفها السيطرة.
هذا ما يجب أن يناقشه المجتمع الدولي بشكل أكثر وضوحًا وصراحة، كم ينفق العالم على الخراب والدمار، وكم ينفق على البناء والتنمية ودعم السلام الواضح تماما أن المعايير والملفات الإنسانية لا تشغل الكبار، أمريكا كدولة عظمي لا تفكر في فقراء العالم، وتنفق ميزانيات ضخمة على الصراع، وبالطبع عندما نضيف إلى ما أنفقته أمريكا على أوكرانيا وما قدمته أوروبا لكييف أيضا، وما قدمته واشنطن لإسرائيل في حربها الوحشية ضد غزة قد يصل الرقم لأكثر من نصف تريليون دولار، ولو تخيلنا أن هذه المليارات ستوزع على دول العالم الثالث والأكثر فقرا، فسيكون نصيب كل دولة على الأقل من 6 إلى 10 مليارات دولار، وهو رقم يمكن أن يغير الكثير في هذه الدول.
قطاع غزة الذي تم تدميره تمامًا والخطة المصرية بإعادة الإعمار تقدر التكلفة في خمس سنوات بنحو 53 مليار دولار، وهو تقريبا 15 بالمائة مما قدمته واشنطن لأوكرانيا، لكنها لا تفكر أبدًا في هذا الأمر ليس فقط لأنها منحازة لتل أبيب وإنما أيضا لأن الأولويات الإنسانية ليست ضمن أولوياتها، رغم أن قرارًا مثل دعم إعمار غزة يمكن أن يغير صورة ترامب والإدارة الأمريكية كلها في المنطقة.
نفس الأمر فى مناطق كثيرة في العالم تحتاج عشرة بالمائة مما أنفق على أوكرانيا وإسرائيل لتغيرت أحوالها.
السؤال.. هل يمكن أن يتحرك العالم ليناقش دوره الإنساني بجد وأن يكون لنا جميعا حلم أن تتوقف الحروب وتصمت أصوات البنادق في أنحاء العالم، وبدلا من أن ننفق على القتل والدمار، تفكر جميعا كيف ننفق على الحياة والتنمية والعمران، هكذا يتمنى الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن تتوقف الحروب وأن تنفق أموالها على التنمية والبناء..
- فهل يمكن أن يحدث ذلك.. نتمنى.