الحقيقة أن ما يواجه الدولة المصرية هو أمر غير مسبوق ومن لا يرى المشهد بتفاصيله وضغوطه وتحدياته وتهديداته ومخططاته، فهو مصاب بالعمى ربما لا تحتاج أن نعرف ما يدور فى الكواليس والغرف المغلقة، فأعراض المشهد الإقليمى، تكشف بجلاء ووضوح حجم المخاطر والصراعات، ونوايا ومخططات الشيطان الصهيونى، ومن يدعمه دوليًا وإقليميًا، وسوف يكشف التاريخ الدور المصرى العظيم فى الدفاع عن وجود وشرف ووحدة هذه الأمة.. وفى خضم هذه التحديات والتهديدات وما يدور فى الكواليس من ضغوط رهيبة، لا أملك إلا أن أقول كان الله فى عون الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يتحمل أكبر من طاقة البشر لكنه قادر وأهل لهذه المسئولية الوطنية ومن حسن ترتيب الأقدار وجود قيادة فى حكمة ورؤية وإرادة الرئيس السيسى تحفظ لمصر قرارها وثوابتها ومواقفها ويرسخ لها أمنها واستقرارها وقلت من قبل ان مصر استشرفت المستقبل منذ أكثر من عشر سنوات، وتوقفت هذه التداعيات والمخططات الخطيرة وأنها الهدف المباشر من كل ذلك، لذلك تقف صلبة متماسكة، قوية وقادرة فى مواجهة شياطين الأنس الذين يريدون التهام حقوق مشروعة، وأراض موثقة بختم التاريخ والجغرافيا، لكن مصر تقف بالمرصاد فى مواجهة مشروع صهيونى حيث يعمل على اغتيال أمة بأكملها وبأمجادها.
أعظم ما فى مصر قرارها الوطنى المستقل فهو لا يباع ولا يشترى مهما كان الثمن والتضحيات ولا يتغير أو يتبدل حسب الظروف أو حتى المصالح، فهو قرار يعبر عن عظمة وشرف هذا الوطن، وثقته فى نفسه وإرادة شعبه.
القرار المصرى هو أعز ما يملك هذا الوطن، يعنى السيادة المطلقة التى لا تحتمل أى تدخلات أو ضغوط أو إملاءات أو انتهاكات فقط مصالح الدولة المصرية، وشعبها هى بوصلة القرار، ولعل الجميع يرى الآن بأم رأسه، قدسية استقلال القرار الوطنى المصرى، بل وصلابة هذا القرار، والحقيقة لديه ما يحفظه ويحميه، وأبرز مقومات التحصين هو هذا الشعب العظيم الذى يرى أن العزة والكرامة والشموخ والشرف هى أغلى ما يمكن التضحية من أجلها لذلك يعتبر المصريون أن الأرض هى العرض وأن التضحيات مهما بلغت تهون من أجل الوطن، وعندما يدرك الشعب أن هناك خطرًا أو تهديدًا لا يرى أى قضية أخرى سوى درء ودحر هذا الخطر، الأمر الثانى المهم ويتمثل فى قيادة وطنية شريفة مدركة لحجم التهديدات والمخاطر التى تواجه مصر لذلك واصلت الليل بالنهار من أجل بناء القوة والقدرة والردع لحماية القرار الوطنى والقوة الشاملة ليس قوة وقدرة الجيش المصرى العظيم ومؤسسات الدولة ولكنها معادلة ومنظومة تتضافر فيها قوة اصطفاف وإرادة ووعى الشعب وقدرة وحكمة القيادة السياسية، لذلك فإن مصر تقف على أرض صلبة.
قوة مصر، نابعة من المصداقية والشرف والوفاء والتمسك بالأخلاق والانحياز للحق، والالتزام بالقوانين والمبادىء والمواثيق، وأيضا نابعة من مكانة ودور وقيادة للمنطقة، وعلاقات مختلفة ومتعددة من كافة دول العالم والقوى الكبرى.. فمن من دلالات استقلال القرار الوطنى وقدسيته وقوته، هو حرص مصر على بناء علاقات شراكة استراتيجية مع كافة القوى الكبرى فى العالم، حتى وأن وصلت علاقات هذه القوى مع بعضها البعض إلى الصراعات والحروب والمنافسات فمصر لا تبحث إلا عن مصالحها ولا تستطيع أى قوة أن تفرض عليها ما لا تريده لذلك فإن مصر تحتفظ بعلاقات شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة والصين وروسيا، وأوروبا والقاهر ليست تابعة لأحد، ولكن قرارها نابع من إرادة شعبها، ومصالح ومصلحة الدولة المصرية.. أيضا من أعظم مؤشرات استقلال القرار الوطنى اتخاذ مصر وتبنيها لسياسة استراتيجية تنوع مصادر السلاح وهو ما يعنى حرية مطلقة فى اختيار نوعيات التسليح ومصادره، وأيضا هذا التنوع يضمن الاحتفاظ بتوهج استقلال القرار الوطنى، خاصة فى ظل ما أفرزته أحداث فوضى يناير 2011 ومحاولات بعض القوى الدولية التى كنا نعتمد بشكل كبير عليها فى الحصول على أسلحتنا لذلك مصر لا تضع أصبعها تحت ضرس أحد.. «نحصل على ما نريد من الدول التى نريد» ولذلك فإن قضية استقلال القرار الوطنى المصرى لا فصال فيها وهناك مواقف كثيرة تؤكد عظمة مصر واستقلال قرارها الوطنى، لكن ليس كل ما يعرف يقال والدول لها أسرارها التى يحبذ إعلانها لكن هذه المواقف تكشف عظمة وشرف الدولة المصرية وقيادتها.
مواقف مصر الثابتة والشريفة، لا تقبل التراجع على الاطلاق، مهما كانت الضغوط والتهديدات والتحديات والإغراءات، وعلى مدار 17 شهرًا من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، لم تتزحزح مصر عن موقفها الثابت تجاه العدوان الصهيونى سواء بضرورة وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن وادخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين فى قطاع غزة، والرفض القاطع والحاسم لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير سكان القطاع بشكل عام وبالأخص على حساب الأراضى والأمن القومى المصرى وهذه خطوط حمراء مصرية، وعلى المستوى الاستراتيجى فى التعامل مع القضية الفلسطينية فإن مصر تؤكد أن حل الدولتين، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية، هو السبيل الوحد لعدم تجدد الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين وأيضا ضمان أمن واستقرار وسلام المنطقة وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى فى كلمته خلال افتتاح القمة العربية الطارئة التى استضافتها مصر الثلاثاء الماضى بأنه لا سلام بدون حل القضية الفلسطينية وهو أقوى وأهم تصريح لأنه جاء حاسمًا وتجسيدًا للموقف المصرى والعربى والحقيقة أن القمة الطارئة من وجهة نظرى حققت نجاحًا كبيرًا للغاية، فالعبرة بالجوهر والمضمون والنتائج والتى جاءت معبرة بشكل شامل عن الرؤية والموقف المصرى.
تحيا مصر