أيها القارئ ..»العزيز».. قد وعدنا من قبل .. «بذكر».. ثلاث حالات تاريخية عقائدية.. «للوهن».. وقد ذكرنا حالة .. «فرعون مصر وقومه».. كمثال لأول تلك الحالات بزمن الحياة الدنيا.. «من بعد طوفان نوح».. وحاولنا بيان شدة اكتمال كفر الوهن .. «بها».. وهو الأمر الذى اقتضى تدخل مباشر من .. «الله».. فى القضاء عليها .. «بآية إغراق فرعون وجنوده أجمعين».. وفيما هو آت سنحاول ذكر وبيان الحالة الثانية.. بإذن ومشيئة الله العليم بعدد حالات الوهن وترتيب إحصائها.
ولكن.. وقبل ذكر الحالة الثانية.. فعلينا أهمية الإحاطة العلمية.. ببعض الأمور التى منها ما هو آت.. (1) العبودية قهر أو اختيار .. «كابتلاء».. لا تحق قط إلا لله سبحانه .. (2) من حق مفهوم العبودية .. «على أى مخلوق».. هو الإيمان الاعتقادى المطلق.. فى أن الله هو .. «المالك المطلق للملك».. وهو المقدر لملكوت ملكه.. بحكمة إحكام كل أسمائه الحسنى .. «فهو العليم بما خلق».. وهكذا لا تفويت ولا تفريط فى .. «ملكه.. (3) الله سبحانه وتعالى .. يخلق ما يشاء مما يشاء لما يشاء.. فماذا وقد خلق الجن من أشد أنواع النار .. «قوة وقدرة».. ثم خلق من .. «الطين».. الآدمى الإنسان بما .. «يبدو ظاهره».. بمحدودية القدرة.. ثم جعل بينهما رباطاً عبودياً اختيارياً.. حين جعل عبادة كل منهما .. «ابتلائية بالاختيار الحر».. بمقتضى ما رتله تنزيلا منه على رسله.. «لهما».. من هدى حق علم.. (4) ما سبق من ذكر ..يطرح على من لا يؤمن بالله .. «ويسلم له إسلام الطاعة الكاملة».. ألف سؤال وسؤال .. وأهم تلك الأسئلة هو .. ما هى .. «ماهية».. حق عدل احكامات الله ..فيما شاء وأحق من عبودية ابتلائية .. «وخاصة على الإنسان».. بينما لا يوجد قط مخلوق يمكنه الإحاطة .. «بنوعية وكمية وكيفية احكامات الله».. فهل المستهدف هو .. «الطاعة العمياء التى لا اختيار فيها».. ودون ذلك احقاق العذاب.. «حريقا فى جهنم».. للجن والإنس معا.. وذلك لا يبدو عدل قط.. ؟؟ .. (5) الله سبحانه هو .. «العدل».. ولم يخلق ليعذب إلا بحق وعدل.. يسبقهما أنه غافر غفار غفور ..بل وعفو كريم.. بل وكتب على نفسه الرحمة.. «فصار هو الرحمن».. وبذلك أعد لعباده .. «جنة».. عرضها السماوات والأرض .. «جنة هى جنات مقامات».. بل ومن عباده من يطمعون فيما هو .. «أعظم من الجنات».. فكيف ذلك .. وما هو أعظم من الجنات .. «وكيف البلوغ إليه».. (6) يصبح الابتلاء .. «عسيرا».. إذا اعتمد .. «تفكره وتدبره واعقاله».. بمادية احتساب وقياس .. «السمع والبصر».. فقط.. أما إن تعدى احتساب المادية السمعية والبصرية .. «بإخضاعهما لقلب فؤاده».. سيخر ساجدا مسبحا باكتمال كمال .. «وجمال».. نور السماوات والأرض ..الذى احتضنه .. «برحمة».. لم يخلق وصف لوصفها .. «وهنالك يسلم نفسه لها».. وهو ممتلأ بالرضا لقيادتها العملية .. «طوعا».. فى الأرض والناس .. «وذاك».. ما أحتسبه عابدا لله أولى بأس شديد .. فبأسه ليس منه بل من مولاه .. «الله».. والعلم والحكم لله.
والآن ..نهبط للأرض .. فنتذكر أن الإنسان ..خلق ضعيفا بل وكان ظلوما جهولا منذ أن .. «عصى أمر ربه وأكل من الشجرة المحرمة».. نعم.. منذ أن غافلته .. «نفسه ووسوسة الشيطان».. نعم.. منذ تفكر طمعا فى العلو بملك الأرض .. «الفانى».. نعم.. منذ أن نسى ما ألزم نفسه به.. (121/ طه) منذ غفل فنسى .. فأصابه .. «الوهن الكامن».. كمكون من مكونات نفسه.. وراح يشارك بجهالته الله فى ملكه.. ويأمر وينهى بذلك .. «الشرك والإشراك سياسيا».. حتى باتت سياسة عالمه .. «مجرد مخلوط من مكر السوء وسوء المكر».. وذلك من دون .. «علم الحق وحق العلم المنير».. مع الأسف هذا .. «حالنا».. ولا أزكى نفسى من ظلمة ذلك .. «فالله يزكى من يشاء» ..وحينئذ.. اعتقد أن ما تم ذكره الآن.. منذ هبطنا للأرض .. هو مقدمة .. «الحالة الثالثة للوهن».. وقد فرضت نفسها علينا.. مستبقة ذكر الحالة الثانية.
«الحالة الثانية للوهن».. والتى أرى والرؤية الحق لله ـ أن بدايتها كانت بخليل الله وإمام الناس .. «إبراهيم».. الذى أتى الله .. «بقلب سليم».. نعم ..إبراهيم الذى كان من شيعة .. «نوح».. نعم.. بداية هدى نورها كان بما أتاه الله لإبراهيم من ..»صحف».. نعم.. بداية راحت تكملها بدايات ..كل منها تكمل ركنا .. «وقائما».. من اكتمال قوامة الحياة الدنيا وتكامليتها .. «زمانا ومكانا وما بينهما من أغيار».. حتى تمت بمشيئة الله كما أرادها ..حينذاك .. أرسل الله .. «لأهلها».. نبى آخر الزمان وخاتم الرسل .. «محمد».. بكتاب قرآنى بلسان عربى مبين.. نعم.. كتاب مهيمن على كل كتاب ومكتوب إلى ..«يوم الدين».. نعم ..كتاب فيه مثل كل شىء ..ولكل شىء وأمر ..«مثال ومثل».. حتى لا يكون للناس على الله حجة..
وإلى لقاء إن الله شاء.
ملاحظة هامة
دون استشراف المستقبل بمقتضيات .. «الذكر الحكيم».. فلن ندرك لحظة ..«الحاضر».. والشاهد على ..«وهننا».. هو الماضى…