لا شك أن التعليم فى مصر خلال السنوات القليلة الماضية قد شهد تطورا كبيرا.. سواء التعليم الجامعى او التعليم ما قبل الجامعى.. وكنت من أشد المعجبين ببرنامج تطوير التعليم الذى بدأ تنفيذه عام 2017 مع مراحل رياض الاطفال.. والذى اعتمد فى تنفيذه على إنفاذ الفكر والتفكير بدلاً من الحفظ دون فهم.. الذى كانت تفرضه المناهج القديمة ليحقق الطالب النجاح.. لقد أثارت المناهج التعليمية الجديدة الجدل فى بداية تطبيقها من قبل عدد كبير من أولياء الأمور لعدم قناعتهم بالاسلوب التعليمى الجديدة.. ومع مرور السنوات اعتقد ان اسلوب التعليم الجديد اثبت انه افضل كثيرا.. ويساعد الاطفال على استيعاب وفهم المنهج دون الاعتماد على الحفظ.. وهذا هو اسلوب التعليم الذى كانت تطبقه المدارس الدولية فى مصر منذ زمن بعيد.. ووفر للطلاب بهذه المدارس امكانات عديدة.. واكسبهم ايضا العديد من المهارات.. من بينها الاعتماد على التفكير كمنهج رئيسى فى الدراسة.. لقد اصبحنا نرى اطفالا صغيرة فى مراحل التعليم الابتدائى المختلفة تتشارك فى تنفيذ مشروع دراسى او كما يطلق عليه «بروجيكت».. حيث يشترك مجموعة من الطلبة او الطالبات فى تنفيذ بحث معين ولكل منهم دوره فى البحث.. وعقب الانتهاء منه عليه ان يقوم بشرح الجزء الذى اعده فى المشروع امام زملائه فى الفصل.. ويجيب على الاسئلة التى تطرح.. ومن خلال هذا يتم تقييمه ويحصل على الدرجة التى يستحقها.. وهناك اهداف كثيرة تتحقق من خلال تنفيذ مثل هذه المشروعات مثل اكساب الطلاب الثقة وحثهم على التفكير واكسابهم مهارة العمل الجماعى ومن خلال فريق عمل.
إن تطور التعليم لا يعتمد فقط على تطوير المناهج ولكنه يعتمد فى الجزء الاهم ايضا على المعلم.. وهو ما سعت الوزارة إلى تنفيذه من خلال تدريب المعلمين على المناهج الجديدة.. واسلوب التعليم الجديد.
والمتابع للعملية التعليمية، لابد ان يلاحظ حجم النمو فى عدد المدارس التى يتم بناؤها سنويا لمواكبة الزيادة السكانية التى تحتاج إلى اضافة مدارس جديدة سنويا، حيث بلغ عدد المدارس المصرية حاليا 61 ألف مدرسة.. واقترب عدد المعلمين من 930 ألف معلم.. ويقترب عدد طلاب المدارس فى العام الدراسى الحالى من 26 مليون طالب وطالبة.
إن التعليم هو مستقبل كل شيء.. وليس التعليم المدرسى فقط، ولكن التعليم الفنى ايضا.
وإذا تحدثنا عن التعليم الفنى، فينبغى أن نعلم ان التعليم الفنى ليس ما قبل الجامعى فقط.. ولكن هناك كليات فنية وهى ما تمزج بين التعليم النظرى.. والتعليم العملى من خلال اتاحة الفرصة للطلاب للدراسة العملية بأحد المصانع الى جانب التعليم النظرى..فيقسم العام الدراسى الى فصلين الاول دراسة نظرية والفصل الثانى دراسة عملية فى احد المصانع.. وقد شاهدت هذه التجربة فى اكاديمية سيمنز فى برلين، حيث تخرج هذه الاكاديمية مهندسين وفنيين.. حيث تم تنظيم جولة لنا داخل الاكاديمية وشهدنا مراحل التعليم المختلفة التى يحصل عليها الطالب.. وفى نهاية كل عام عليه ان يصمم بالاشتراك مع مجموعة من زملائه مشروع التخرج.. ليطبق من خلال التطبيق العملى ما درسه نظريا.. وقد فرحت عندما قابلت عدداً من الطلبة والطالبات من مصر.. وكان بينهما فتاتان من المنصورة.
إن اهتمام الدولة بالتعليم، أمر جيد ومطلوب ولابد من العمل على تحديث خطط تطوير التعليم بصفة مستمرة لنتمكن من تخريج اجيال متميزة يمكن ان تحصل على فرص عمل متميزة فى مصر او خارج مصر.
إن الحديث عن التعليم يطول ولن ينتهى، خاصة اذا اتيحت لنا ان نشاهد ونتابع عن قرب ما يجرى فى مختلف قطاعات التعليم المدرسى او الجامعى.. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية افتتاح العديد من الجامعات الدولية بمصر.. وبدلا من وجود الجامعة الامريكية فقط الى جوار جامعاتنا العريقة القاهرة وعين شمس والاسكندرية وغيرها من الجامعات المصرية.. اصبح لدينا الجامعات الالمانية والفرنسية والاوروبية والبريطانية والكندية وغيرها من الجامعات الدولية العديدة.. ومازالت مصر محط أنظار العديد من المستثمرين فى هذا المجال لإنشاء مزيداً من الجامعات بطول البلاد وعرضها.. ونأمل ان تستمر هذه الجامعات فى تقديم فرص للتعليم المتميز لأبنائنا وفقا لاحدث نظم التعليم الدولية.. وان تلبى مناهجها طموح ابنائنا فى الحصول على اعلى الدرجات العلمية.. اننا رغم ما نشهده من نمو فى عدد المدارس والجامعات، إلا اننا مع الزيادة السكانية المستمرة مازلنا فى حاجة مستمرة لإعداد مزيد من المدرسين.. ولبناء المزيد من المدارس والجامعات سنويا لاستيعاب الأعداد الجديدة من الاجيال الجديدة التى يجب ان تحصل على حقها فى تعليم متميز.. وان تنجح هذه الجامعات فى النهاية فى تأهيل الشباب لسوق العمل، من خلال التعليم المتميز والتدريب على اكتساب المهارات المهنية المختلفة.. وعلى الدولة تقديم كافة التسهيلات للمستثمرين للاقبال على تنفيذ مشروعات جديدة فى مجال التعليم.. وتحيا مصر.