توجه الحكومة الآن نحو زيادة الاحتياطى الإستراتيجى من السلع الأساسية ..واستيراد غير المتوفر منها محليا وزيادة المعروض منها لإتاحتها للمواطن بالأسعار العادلة.. من أجل تحقيق التوازن وضبط الأسعار.. هى مهمة أساسية للحكومة ..وهذا ليس تراجعاً على الاطلاق عن تشجيع ودعم القطاع الخاص.. ولكن إجراءات حاسمة لردع الجشع والاحتكار والمغالاة.. لذلك نجاح الحكومة فى هذه المهمة أمر ضرورى وحتمي.. بل ان مصداقية الحكومة على «المحك» وربما تكون فرصتها الأخيرة حتى تشعر المواطنين بحجم النجاحات الهائلة التى تحققت سواء فى إنهاء أزمة (الفجوة الدولارية) واستدامة التدفق من العملات الصعبة بفضل ما تم إنجازه من استثمارات واتفاقيات وفرص واعدة.. لذلك لا يجب ان نسمح لقوى الشر المتربصة بهذا الوطن ومرضى الجشع والانتهازية أو معدومى الضمير ان يفسدوا علينا نجاحاتنا غير المسبوقة.
الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى تواجه بحسم تحديات كثيرة وأزمات متكررة ومعاناة عميقة امتدت لعقود طويلة.. الهدف هنا هو القضاء النهائى على هذه الأزمات واقتلاع جذورها وضمان عدم تكرارها وقد حدث ذلك على مدار 10 سنوات… فلم نعد نرى مشاهد الطوابير الطويلة للحصول على الخدمات والسلع والاحتياجات الأساسية سواء الخبز أو البنزين والسولار والبوتاجاز ودائماً تحرص الدولة على وجود وفرة من هذه السلع وزيادة المعروض.. وبات الاحتياطى الإستراتيجى من السلع الأساسية يغطى لشهور طويلة.. لكن أهم وأخطر أزمة قررت الدولة المصرية القضاء عليها وعدم تكرارها فى سابقة تاريخية وكعادة الدولة المصرية الحسم فى مواجهة المشاكل وهى القضاء على الفجوة الدولارية نهائياً وعدم تكرارها من خلال حلول عديدة ومتنوعة سواء فى استغلال نتائج 10 سنوات من العمل والبناء والتنمية من خلال توفير احتياجاتنا أو الجزء الأكبر منها محليا.. وبالتالى تقليل وخفض الاستيراد.. فعلى سبيل المثال الإنجاز الكبير الذى حدث فى قطاع الزراعة وإضافة 4 ملايين فدان ومساحات أخرى خلال العام الجارى والقادم أدى إلى توافر الكثير من الحاصلات الزراعية ووصلت نسبة التصدير إلى معدلات قياسية غير مسبوقة تصل إلى 6.5 مليون طن من الحاصلات الزراعية وبما يقترب من 8.5 مليار دولار صادرات وبالتالى تحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض الحاصلات وكذلك زيادة الرقعة المنزرعة من الحاصلات التى تعتمد بنسبة كبيرة على استيرادها مثل الخفض التدريجى لنسبة استيراد القمح بالتوسع الأفقى والرأسي.. كذلك التوسع فى زراعة الحاصلات التى تدخل فى صناعة الزيوت مثل الفول الصويا والذرة وعباد الشمس أيضاً.. توطين الصناعة وزيادة المكون المحلى وتعميق التصنيع المحلى واحداث طفرة صناعية من شأنها خفض فاتورة الاستيراد وأيضاً زيادة الصادرات الصناعية إلى أسواق العالم وهناك هدف هو الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات.. مع ترسيخ سياسات ترشيد الانفاق وإدارة الهدر ومع الاكتشافات غير المسبوقة فى مجال الغاز والبترول وفرت مليارات الدولارات التى كانت تنفق على الاستيراد.. وأيضاً صادرات الغاز التى صنعت الفارق وخفضت من دفع نفقات طائلة على الاستيراد.
التجربة المصرية فى مجال البناء والتنمية لا شك خلقت فرصاً ثمينة فى كافة المجالات وأقامت بنية تحتية وأساسية فى جميع القطاعات مثل السياحة وتكنولوجيا المعلومات.. وأيضاً الموانئ والمدن الجديدة وشبكة الطرق والمنطقة الاقتصادية وتوفير كافة المقومات العصرية لجذب استثمارات عالمية كبيرة بدأت تتدفق على مصر.. وتنمية مدينة رأس الحكمة كأكبر استثمار مباشر فى تاريخ مصر بالشراكة مع الإمارات الشقيقة هو نموذج مثالى أتاح لمصر الحصول على 35 مليار دولار وتدفقات تصل إلى 150 مليار دولار خلال سنوات ومراحل تنفيذ المشروع العملاق.. بالإضافة إلى حصة تصل إلى 35٪ وهناك المزيد من الاستثمارات فى هذا الإطار خاصة فى ظل الموقع الإستراتيجى الفريد على شاطئ البحرين الأحمر والمتوسط وفى ظل توافر كافة مقومات الاستثمار الناجح وأبرزها البنية التحتية والأساسية العصرية ومناخ الاستقرار الشامل الذى تحظى به الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسي.. وهناك استثمارات صينية عملاقة وأخرى يابانية وكورية وعربية وتركية فى ميناء جرجوب بالساحل الشمالي.. وهناك الكثير أيضاً فى هذا المجال وبأرقام واستثمارات غير مسبوقة.. والحقيقة ان الفضل فى ذلك هو حجم الفرص الغزيرة والثمينة التى خلقها أكبر وأضخم وأعظم تجربة بناء فى تاريخ مصر.. ولذلك هناك المزيد من الاستثمارات الضخمة التى ستصنع الفارق على كافة الأصعدة سواء فى توفير التدفق الدولارى وباقى العملات الصعبة بما يقضى تماماً على هذه الفجوة واحداث استقرار اقتصادي.. وأيضاً على مستوى فرص العمل وهو ما يتطلب الاستعداد للاستجابة للانضمام إلى فرص عمل حقيقية بمعايير ومتطلبات العصر وامتلاك المهارات التى يحتاجها سوق العمل فى ظل هذه الاستثمارات.. أيضاً فإن المنطقة الاقتصادية استقبلت استثمارات تقترب من 3 مليارات دولار.. وهناك مجال الطاقة النظيفة (الجديدة والمتجددة) والهيدروجين الأخضر الذى سوف يشهد استثمارات هائلة بسبب الاستعداد المبكر من قبل الدولة بناء على الرؤية الرئاسية ووضع يد البلاد على منافذ جديدة لجذب موارد إضافية واستثمارات مهمة.. وهى أمور لم تكن موجودة قبل الرئيس السيسي.
وفى إطار الإنجاز التاريخى فى تحويل أزمة الفجوة الدولارية التى تسببت فى أزمة اقتصادية خانقة وتأكيد الرئيس السيسى انها ستكون من الماضى والتاريخ.. نجحت مصر فى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولى يمثل شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى وأيضاً استعادة الثقة فى الاستثمار فى مصر.. الاتفاق مع صندوق النقد الدولى يضخم تمويلات بـ8 مليارات دولار ثم الاتحاد الأوروبى بـ7.4 مليار يورو والبنك الدولى 6 مليارات دولار.. بالإضافة إلى تعظيم الصادرات المصرية وترشيد الانفاق وخفض فاتورة الاستيراد.. وتوفير البدائل محلياً.
هنا ينتهى الحديث عن القضاء على الفجوة الدولارية وتوفير سيولة وتدفقات غير مسبوقة وضمان عدم تكرار أزمة نقص الدولار بشكل نهائى مع استدامة التدفقات من العملات الصعبة.. لكن الغريب أنه رغم كل هذا النجاح التاريخى الذى حققته الدولة المصرية إلا أن المواطن مازال لم يشعر بالمردود الكافي.. ومازالت الأسعار كما هى لم تتراجع أو تنخفض ومازال التجار متمسكين «بأسعار الأزمة» التى سبقت هذا النجاح.. فالمفروض أنه فى انتهاء أزمة الدولار سواء فى التدفقات الدولارية أو توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية.. وعودة تحويلات المصريين إلى طبيعتها وتعامل المواطنين من حملة الدولار والعملات الصعبة مع البنوك ينعكس ذلك على انخفاض الأسعار.. وتحقيق رضا المواطن إلا أن ذلك لم يحدث بعد.. ومازال أباطرة الجشع والاحتكار والمغالاة يصرون على تعذيب المواطن ومفاقمة معاناته.. وحرمانه من الفرحة والسعادة جراء نجاحات الدولة.
الرئيس عبدالفتاح السيسى استشعر معاناة المواطنين.. وهو الحريص دائماً على متابعة أحوالهم وأوضاعهم وظروفهم المعيشية.. لذلك تحدث بحسم فى هذا الموضوع.. فإذا كانت الدولة تشجع القطاع الخاص.. وتدعمه وتمهد الطريق إلى الارتفاع بمشاركته بنسبة ٥٦٪ من الاقتصاد ورغم أن الدولة توفر الدولار بأرقام كبيرة للمستوردين وللإفراج الجمركى عن البضائع فى الموانئ حتى وصل إنفاق الدولة على هذا الأمر ما يقارب ٣١ مليار دولار منهم ٣ مليارات دولار عقب صفقة رأس الحكمة.. وتوفير الدولار للمنتجين.. إلا أن هذه البضائع والسلع تذهب إلى تجار الجشع والمغالاة وتعذيب المواطنين.. لذلك قال الرئيس السيسى فى احتفالية المرأة المصرية «الحكومة تدخل وتشترى بـ٢ أو ٣ مليارات دولار سلع أساسية.. لضبط السوق وتحقيق التوازن فى الأسعار».
الحقيقة أن التعويل على سياسات العرض والطلب فى ظل استهداف الدولة المصرية.. ومحاولات تأليب الناس عليها.. ووجود بعض أباطرة الجشع والاحتكار.. لا يصلح فى مثل هذه الظروف على الإطلاق.. وترك «الحابل على النابل» يهدد نجاح الدولة فى تحقيق طفرة اقتصادية لم يجن ثمارها المواطن بعد بسبب الجشع.. لذلك لابد من إجراء تدخل فورى وحاسم يمكن المواطن من الحصول على السلع بأسعار أقل من أسعار الأزمة.
الحكومة بدأت بالفعل فى تنفيذ توجهات الرئيس السيسى فى شراء السلع غير المتوفرة محلياً وزيادة رصيد الاحتياطى الاستراتيجى من السلع الأساسية بنسبة ٠٢٪ لتحقيق التوازن.. وضبط الأسواق والتصدى الحاسم للجشع والاحتكار.
إجراءات الحكومة فى شراء وتوفير السلع الأساسية ليست على الإطلاق ضد مفهوم تمكين القطاع الخاص.. ولكن من مهامها الأساسية هى التدخل لضبط السوق وتحقيق التوازن فى حالة الانحراف عن المسار الصحيح أو الطبيعى.. فكان من المتوقع فى ظل هذه الوفرة الدولارية أن تحدث عملية تراجع فى الأسعار.. لكن ذلك لم يحدث.. الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء.. أكد أن بعض الوزراء المعنيين سيقومون بتحديد السلع المطلوب توفيرها.. وهذا جيد لكن لابد من البحث من الآن عن آلية لتوزيعها أو بيعها للمواطنين.. وبشرط ألا تذهب وتعود إلى تجار الجشع والاحتكار والمغالاة.. أو الذين أحدثوا فوضى ومعاناة خلال الفترة الماضية.. وأيضاً يسهل على المواطن الحصول عليها.. وهى فرصة ثمينة لإجبار السوق على التراجع وخفض الأسعار وبيعها بأسعارها الحقيقية بعد حل أزمة الفجوة الدولارية.. كما أن الضرب بيد من حديد وإنزال أشد العقاب على المتاجرين بقوت الناس.. والمتلاعبين فى الأسعار.
الحقيقة لابد أن نتوقف بالإجلال والتحية والتقدير للرئيس السيسي.. فعلى مدار ١٠ سنوات لا توجد أزمة ورثناها أو طرأت إلا تم القضاء عليها من الأساس.. فخلال تصاعد الفجوة الدولارية.. وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على مصر.. الرئيس أكد أن هذه الأزمة ستكون من الماضى وقد كان.. وطوفان من الأزمات المتراكمة والطارئة انتهت بلا رجعة.. لذلك فإن المواطن هو أهم أولوياته.. ودائماً يعمل من أجل تخفيف الأعباء عنه.. وتخليصه من المعاناة.. وتحسين ظروفه وأحواله المعيشية بكافة الوسائل.
الحكومة ليس أمامها أى طريق آخر سوى تحقيق النجاح فى هذه المهمة.. بعد توجيه الرئيس السيسى بتوفير المبالغ الدولارية المطلوبة.. وهى أمام اختبار حقيقى أمام المواطنين.. لذلك لابد أن تجتهد فى البحث عن آليات الحصول على السلع بأسعار عادلة للمواطنين.. وأيضاً ضمان عدم وصولها إلى تجار الجشع.. وترسيخ الحزم.. لأن لسان حال المواطنين يقول إن الحكومة قالت ووعدت كثيراً ولم يتحقق شيء.. لذلك أقول إن الحكومة لابد أن تحمى مصداقيتها.. ولابد أن تفرض سيطرتها على الأسعار.. سواء فى أفكار جادة وخلاقة أو ردع حقيقي.. وعلى جميع المنوط بهم ضمان وصول السلع بأسعار عادلة إلى الناس التواجد لمتابعة هذه المهمة.. من الأجهزة الرقابية والمحافظين.. والمسئولين فى المحافظات وحماية المستهلك وغيرها من الجهات.. لابد أن يشعر المواطن بنجاحات غير مسبوقة.. وأن الأزمة الأساسية انتهت بلا رجعة والحقيقة أن المواطن لا يعانى من أى شيء سوى ظاهرة الأسعار فقط.. فالسلع متوفرة.. ويعيش فى أمن وأمان واستقرار.. ويؤمن بشكل عميق أن الوطن يتقدم إلى الأفضل.. ويحقق نجاحات وإنجازات غير مسبوقة.. لكن يبقى ضبط الأسعار حتى تكتمل الصورة الجميلة.. ويشعر المواطن بهذا النجاح.. ولذلك لابد من الحسم فى مواجهة الجشع والاحتكار.. وأرى أن قضية ضبط الأسعار وخفض معدلات التضخم هى تحد مهم للغاية.. النجاح فى هذه المهمة هو أحد مقومات وركائز تماسك الجبهة الداخلية.. ولابد أن يكون هذا الأمر أهم أولويات الفترة الحالية وأن تحشد الحكومة كافة أجهزتها وجهودها من أجل النجاح فى هذه المهمة التى ستفرق كثيراً فى حالة الوصول إلى ضبط وخفض الأسعار.. من أهم الآليات التى تؤدى إلى ضمان الاطمئنان على جهود الحكومة وأموالها المتابعة والتفتيش المستمر والمفاجئ.. ووضع قاعدة بيانات بكل سلعة.. فالحكومة تعرف بكم اشترت السلع.. وبكم تبيعها.. وما هو هامش الربح الذى لا يرهق المواطن.. لذلك ليس عيباً وضع تسعير استرشادى أو إجبارى.. أو ربما إقامة أو استمرار معارض رمضان فى أماكنها.. وزيادة الضخ من السلع لمنافذ الدولة خاصة الجيش والشرطة.. وتحريك أسطول المنافذ المتحركة.. وربما إقامة معارض أو منافذ دائمة فى مؤسسات ومشروعات الدولة كثيفة العمالة.. وما أكثر المساحات غير المستغلة.. وعدم التسامح فى مخالفة الأسعار.. فلا يصح أن تنفق الحكومة مليارات الدولارات فى توفير السلع للمواطن.. وتذهب عوائد ومكاسب وأرباح مبالغ فيها إلى جيوب الفاسدين والجشعين والمحتكرين.. لذلك هذه المرة.. وبعد الإعلان عن اتجاه الحكومة لا سبيل إلا النجاح.. وأن يلمس المواطن التغيير وتراجع الأسعار بشكل ملموس وواضح.. وإلا ستكون الحكومة فى موقف صعب.. وأن يصل المواطن لمقولة «مفيش فايدة».. هى فى النهاية معركة بين الحكومة وأباطرة الجشع والاحتكار.. لابد أن تنتصر فيها الحكومة ولا خيار آخر أمامها لأن رضا المواطن سيفرق «كثيراً».. وسوف تنتهى حالة الجدل.. والحديث عن ارتفاع الأسعار بلا رجعة.. كما أن البحث عن حلول قريبة ومتوسطة وبعيدة أمر مهم.. مثل زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي.. أو الاستثمار فى الثروة الحيوانية والدواجن.. وصناعة الأعلاف.. والتوسع فى زراعة قصب السكر والبنجر.. ومتابعة حصادها مع المزارعين.. وإلزامهم بالتوريد بأسعار عادلة وجاذبة فى نفس الوقت.. وأتوقع أنه مع إضافة الـ ٤ ملايين فدان للرقعة الزراعية خلال العامين الجارى والقادم سوف تتراجع مثل هذه الأزمات.. لكن تبقى قضية إنهاء ظاهرة التخزين والاحتكار إلى الأبد.. والقادم أفضل.