الأزمات الإقليمية والدولية تفرض على البلدين العمل لتعزيز الشراكة الإستراتيحية
أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، حرص مصر على استمرار الشراكة الإستراتيجية التى تجمعها بالولايات المتحدة الأمريكية، منوهًا بتعدد أوجه ومجالات التعاون القائمة بين البلدين على أساس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، مؤكداً فى الوقت نفسه العلاقات الوثيقة بين الجانبين على مستوى الكونجرس الأمريكى بحزبيه الجمهورى والديمقراطى على حد سواء.
أعرب رئيس الوزراء عن انفتاح واستعداد مصر لاستمرار التشاور الوثيق مع الإدارة الأمريكية إزاء مختلف جوانب الأزمة فى غزة، استنادًا إلى رؤية مشتركة بحتمية التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية بناء على حل الدولتين ودعم حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير واستقلال دولته على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
جاء ذلك خلال لقاء الدكتور مصطفى مدبولي، أمس بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة مع وفد من أعضاء لجنة السُبل والموارد بمجلس النواب الأمريكى يضم ممثلين عن الحزبين الجمهورى والديمقراطى برئاسة جيسون سميث رئيس اللجنة، وبحضور المستشار علاء الدين فؤاد وزير شئون المجالس النيابية، والسفيرة هيرو مصطفى جارج سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى مصر، والسفير الدكتور حازم فهمى مساعد وزير الخارجية للشئون الأمريكية، والسفيرة دينا الصيحى مساعد وزير الخارجية للشئون البرلمانية، وعدد من مسئولى السفارة الأمريكية فى القاهرة.
قال الدكتور مصطفى مدبولى إن التداعيات الاقتصادية للأزمات الإقليمية والدولية تفرض جميعها على البلدين العمل من أجل تعزيز هذه الشراكة الإستراتيجية وتكثيف جميع صور التنسيق والعمل المشترك بهدف إحلال السلم والأمن مثلما نجح البلدان فى القيام به على مدار العقود الماضية.
أعرب عن ترحيب مصر الدائم بتعزيز العلاقات مع أعضاء الكونجرس الأمريكى بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم الحزبية، منوهًا بأهمية الدور الذى يضطلعون به لخدمة العلاقات المصرية ـ الأمريكية المشتركة.
خلال الاجتماع، عرض رئيس الوزراء تداعيات الأزمات الإقليمية والدولية المتلاحقة على الاقتصاد المصرى بما فيها أزمة جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية وأخيرًا الحرب الجارية على قطاع غزة والتطورات فى البحر الأحمر، موضحًا أنه قبل نشوب هذه الأزمات المتوالية كانت مؤشرات أداء الاقتصاد المصرى إيجابية للغاية.
أضاف أنه إلى جانب هذه الأزمات فإن مصر تواجه تداعيات الأزمات التى تمر بها بعض دول الجوار، لافتاً إلى أن مصر تتحمل الضرر الأكبر جراء الصراع فى منطقة البحر الأحمر، لا سيما أن هذه الأحداث تسببت فى تراجع إيرادات قناة السويس إلى ما يزيد على 50٪ من إيراداتها السنوية، مشددًا على حتمية وقف الحرب فى غزة منعا لاتساع نطاقها.
أوضح أن الجهود المكثّفة التى تبذلها الحكومة المصرية من أجل الحفاظ على صلابة ومرونة الاقتصاد الوطنى فى مواجهة مثل هذه الصدمات الخارجية بما فى ذلك مواصلة العمل على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التى تستهدف زيادة الإنتاج والصادرات من مجالات ذات أولوية بالنسبة للدولة المصرية فى قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن الإجراءات التى يتم تنفيذها لإفساح الطريق أمام القطاع الخاص وتوسيع نطاق مساهمته فى النشاط الاقتصادي، وفقًا لما تتضمنه وثيقة سياسة ملكية الدولة، وقواعد الحياد التنافسي.
أشار مدبولى إلى أنه فى إطار الجهود التى تبذلها الحكومة المصرية لتعزيز فعالية الاقتصاد الوطنى بما يتسم مع المعايير الاقتصادية العالمية نجحت فى التوصل إلى اتفاق تمويلى مع صندوق النقد الدولى بقيمة 8 مليارات دولار، ووقعت بشأنه اتفاقًا على مستوى الخبراء، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق هو بمثابة شهادة ثقة من مؤسسة دولية كبرى مثل صندوق النقد الدولى بأن الاقتصاد المصرى قادر على تحقيق مؤشرات أداء إيجابية.
لفت إلى التعاون القائم مع مجموعة البنك الدولى والشركاء الدوليين مثل الاتحاد الأوروبى لدعم الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، والخطط التنموية التى تستهدف تمكين القطاع الخاص.
استعرض المشروعات الكبرى الجارى تنفيذها فى مصر، مؤكدًا أن هذه المشروعات تستهدف وضع أسس لحياة أفضل للشعب المصري، وايجاد فرص عمل خاصة للشباب وتطوير البنية الأساسية اللازمة لجذب وتشجيع الاستثمارات.
أكد أن مصر تولى أهمية كبيرة لمشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، ونجحت بالفعل فى عقد الكثير من الشراكات الدولية فى هذا المجال، ومن بينها مشروعات مع شركات أمريكية، مشيرًا فى هذا الصدد إلى أن مصر تستهدف تصدير الكهرباء ووقود الهيدروجين إلى البلدان المجاورة، ومنها بلدان القارة الأوروبية.. معربا عن تقديره للدعم الذى تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لمصر فى المجال الاقتصادي، وتطلعه لمواصلة هذا الدعم والتعاون المشترك خلال الآونة المقبلة.
خلال اللقاء تناول الدكتور مصطفى مدبولى تطورات الأوضاع فى قطاع غزة والآثار المأساوية التى خلفتها الحرب على أهالى القطاع، مؤكدًا حتمية التوصل لوقف فورى لاطلاق النار بالقطاع وضرورة زيادة نفاذ المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أن مصر تبذل قصارى جهدها من أجل التوصل إلى وقف اطلاق النار بصورة فورية.
تطرق إلى جهود مصر والتنسيق المستمر مع الجانب الأمريكى اتصالاً بقضية تغير المناخ، خاصة منذ تشكيل مجموعة العمل بين البلدين فى هذا المجال والتى تم اطلاقها رسميًا فى فبراير 2022 كأحد مخرجات الحوار الإستراتيجي، وهو ما أسهم أثناء رئاسة مصر لمؤتمر تغير المناخ (COP27) فى شرم الشيخ فى اطلاق العديد من المبادرات خاصة فى مجال التخفيف والتكيف ومن بينها إنشاء عدد من المشروعات للمساعدة فى دفع تحول مصر إلى الطاقة النظيفة، وأبرزها المشروعات التى جاءت فى إطار المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء والعمل المناخى «نوفي»، فضلاً عن التوصل إلى اتفاق تاريخى لإنشاء صندوق الخسائر والأضرار لدعم البلدان النامية المعرضة بشكل خاص للآثار الضارة لتغير المناخ.
خلال الاجتماع، تقدم جيسون سميث رئيس لجنة السُبل والموارد بمجلس النواب الأمريكى بالشكر لرئيس الوزراء على حسن استقباله والوفد المرافق له، معربًا عن تطلعه إلى أن يسفر هذا الاجتماع عن حوار مُثمر يمكن البناء عليه من أجل مزيد من التعاون بين الجانبين.
أكد أن أعضاء اللجنة يتطلعون إلى تعزيز مسارات العمل المشترك بين مصر والولايات المتحدة فى مختلف المجالات، لا سيما فى المجال الاقتصادى والتجارى والاستثماري، معربًا عن تقديره للدور الحيوى الذى تقوم به مصر للتعامل مع الأزمة الحالية فى قطاع غزة.
خلال الاجتماع دار نقاش بين رئيس الوزراء والنواب الأمريكيين تضمن عددًا من الأسئلة المهمة من قِبل النواب الأمريكيين حول أداء الاقتصاد المصري، وسبل دعم مجالات بعينها مثل الطاقة والهيدروجين الأخضر، والتعاون فى مجال الأمن الغذائى بين مصر والولايات المتحدة، وأسئلة حول التجربة المصرية فى استصلاح الأراضى الصحراوية وترشيد استخدام المياه، والتعاون فى مجال التعليم، وقام رئيس الوزراء بإعطاء نبذة مختصرة عن هذه الملفات التى تهتم بها الحكومة.
فى ختام الاجتماع، أعربت السفيرة الأمريكية عن تقديرها لرئيس الوزراء لاستقباله وفد مجلس النواب الأمريكي، مشيرة إلى أنها ستعمل على متابعة بعض الأفكار الخاصة بالتعاون بين الجانبين المصرى والأمريكى مع الجهات المعنية.