انتشرت إعلانات المطاعم خلال الايام الماضية على وسائل التواصل الاجتماعى بصورة كبيرة لتقديم أفضل عروض عزومات الشهر الكريم.. وفى الحقيقة ان ما جعلنى أتوقف أمامها انها كانت متميزة سواء من حيث الشكل أو المضمون ومتنوعة ومختلفة من ناحية المكونات أو حتى الاسعار فهذا يقول» إفطار رمضان عندنا هو المعنى الحقيقى للكرم المصري! أطباق سخنة، طعم يخليك تاكل وانت مبتسم، سعر يخليك تكرر الزيارة كل يوم.. مستنى إيه؟ احجز إفطارك معنا قبل ما الأماكن تتملي!» يقول «صوانى رمضان وصلت.. مش هتحتاج تفكر عزومة رمضان فين.. وباسعار تبدأ من 750 جنيهاً وكمان طاجن رز معمر بالحمام هدية مع كل صينية والأهم طعم مش هتلاقيه فى مكان تانى وثالث يرفع شعار «أهو جه يا ولاد.. أهو جه يا ولاد.. رمضان جه بخيره ولياليه الحلوة كل سنة وأنتم طيبين.. وجهزنا أحلى تنوع وجبات هاتلاقى فيها طلبك أكيد».
بالطبع ليتوقف صراع العزومات على المطاعم بل دخل إلى المنازل أيضاً للتفاخر والتباهى ؛فاتعبت الاسر وأرهقت الأب مالياً والأم جسدياً.
السؤال «الذى اطرحه على نفسى»، هل هذا الشهر الكريم للأكل ام للعبادة؟!
الحقيقة التى نعلمها جميعا وان نفينا ذلك للأكل»»الا من رحم ربى» فالاكثرية ترى فى رمضان شهراً للطعام، فهو يصبر طوال العام على ما تقدمه زوجته ولا يستطيع ان يحتج أو يرفض أو يعارض؛ ومنذ اليوم الأول من الشهر الكريم يبدأ يشترط ويحدد ويختار ويعترض..فهو صائم من صلاة الفجر وحتى أذان المغرب ولابد ان يعوض الصمود والصبر على مائدة «محترمة» بها ما كان محروماً منه.
الأغلبية فى الشهر الكريم لا يبحثون عن صلاة التراويح وأداء متميز لقارئ القرآن أو أين سيكون التهجد وهل سيعتكف؛ بل عن «المحمر والمشمر» وايه عروض جديدة ومطاعم متميزة أو طرق جديدة للطبخ.. وتعقد الاجتماعات وتستمر المداولات والمناقشات بين أفراد الأسرة «التى لا تجتمع فى أغلب الحالات» لتحديد الأنواع التى ستكون على السفرة العامرة؛ بل كما ان البعض ينظم جدولاً منذ بداية الشهر ؛ حتى لا تتداخل العزومات وتضيع عليه عزومة هنا أو هناك.
الأمر لا يتوقف على عزومات الإفطار بل ينافسه بقوة عزومات السحور والتى تحولت من الفول والبيض والزبادى إلى الكباب والكفتة والحمام والسمان وهكذا يتحول الشهر الفضيل من شهر عبادة وصحة روحية وجسدية إلى شهر للأكل بنهم والبلع والتخمة ومشاهدة التليفزيون.
أين شهر رمضان شهر العمل والبذل والعطاء والتقرب إلى الله وفعل الخير.. اتركونا من العزومات والاكل والمسلسلات وتوجهوا إلى فعل الخيرات والعفو والكرم.
يقول رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم»، قال لى جبريل: «رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عليه رَمضانُ لَـمْ يُغْفَرْ له، فقلتُ: آمينَ».