لتملأ القلوب بالإيمان
والنور والهدى
«يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم».. لقد استدار الزمان.. واستقبلنا شهر رمضان.. ونحن نقول له إن الأبصار إليك شاخصة.. تستشرف إلى رؤيتك.. وليكن مطلعك على الإسلام بالعزة والنصر كما كنت من قبل.. حين أعز الله المسلمين فى بدر.. ونصرهم فى يوم الفتح.. وفى عين جالوت وفى العاشر من رمضان.. أقبلت يا رمضان.. وليكن مقدمك على المسلمين رجوعاً للمجد.. يوم أن أقاموا دنيا العدل.. وحرروا الضمير الإنسانى ووقف قائدهم يناشد البحر.. أيها البحر لو علمت أن وراءك أناس من البشر لخضتك بفرسى هذا غازياً فى سبيل الله.
اقبلت يا رمضان حتى تتصل السماء بالأرض بروحانيات وتجليات وليكن مقدمك على مصرنا أمناً ورخاءً ونعمة.. وعلى العباد يمناً وإيماناً ومحبة.. وعلى الأرض نوراً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وظلاماً.. ولتمتلئ بيوت الله إيماناً وروحانية.. فلا تخلو المساجد معك من قائم أو راكع أو ساجد.. أو ذاكر أو قارئ.. فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.. يسبح له بالغدو والآصال.. رجال لا تلهيهم تجارة عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار.. ولتطهر قلوبنا من الغل والحقد والشحناء.. ولتملأ القلوب بالإيمان والنور والهدي.. ولتكن يا رمضان فرحة للمسلمين.. ينمو فيك الإيمان وتحببه إلينا وتزينه فى قلوبنا.. وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
جئت يا رمضان ومعك فريضة الصيام حتى يعلم الناس أن الإنسان ليس طيناً من الأرض وإنما جسده من طين وروحه من علياء السماء.. حتى يعلم من عاش على الأرض يأكل ويشرب ويتمتع.. ويسير فى ركب الشيطان.. ولا يعرف لماذا خلق.. أخلق للطعام والشراب وللمطامع الجسدية.. كلا ورب الكعبة.. فإن الحق تبارك وتعالى يقول فى كتابه العزيز وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون.. أقبلت يا رمضان حتى يعرف الإنسان مكانته.. وأنه مخلوق وسط.. فيه من الملائكة روحانيته.. ومن السباع بطشها.. ومن الحيوان شهوته..ولكى يعلم الإنسان أنه حينما يفقد الروح فإنه يفقد القيم..فلا يعرف للعدل طعماً.. ولا يقيم للحق وزناً.. وحينما تأتى يا رمضان تضع ميزان الحق مكان ميزان القوة.. وتضع قانون اللين والرفق والعطف والرحمة.. مكان البطش والقوة والقسوة.. وليتحول الإنسان إلى سيد.. حينما يتحكم فى شهوته وغضبه وبطشه تأكيدا لقول الصادق الأمين الصيام جنة.. فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق وإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إنى امرؤ صائم.
أقبلت يا رمضان لتشاهد تلك الأمة الممزقة.. والتى حاربت وتحارب بعضها البعض الأمر الذى جعلها مطمعاً لأعدائها رغم ان الله أراد لها أن تكون أمة واحدة.. تؤمن برب واحد.. وتتبع رسولاً واحداً.. وتقرأ كتاباً واحداً.. وتتجه لقبلة واحدة.. ولتقارن يا رمضان بين الواقع الذى نعيش فيه وبين قوله تعالى «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون».