مصر هى الضامن لأمن المنطقة
عشية الإعلان عن موت ستة من الأطفال حديثى الولادة فى قطاع غزة متجمدين من البرد الشديد، بسبب السياسات الإجرامية للحكومة الإسرائيلية، ومنعها إدخال المساعدات الإنسانية ومواد الإيواء لسكان القطاع، طل برأسه يائير لابيد،زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق، محاولا تّوريط مصر فى فخ استراتيجى بمقترح عرضه على كبار المسئولين بالبيت الأبيض وأعضاء مجلس الشيوخ فى مؤتمر نظمه معهد الأبحاث FDD بواشنطن، قال لابيد أنه مقترحه يأتى مكملا لخطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لليوم التالى للحرب فى غزة،ويقترح لابيد أن تقوم مصربفرض وصاية مؤقتة على قطاع غزة لفترة تتراوح بين 8 إلى 15 عامًا، بزعم ضمان الأمن على الحدود الجنوبية لإسرائيل، وإعادة إعمار القطاع بعد إزالة حركة حماس من الحكم، مقابل منح مصر حوافز سياسية وأخرى مالية أبرزها سداد ديونها.
اخترت أن أبدأ بخبر موت الأطفال الستة من البرد لأدحض مزاعم لابيد وغيره حول رغبتهم فى السلام والتهدئة، فكيف لقتلة الأطفال أن يبحثوا عن السلام؟!
مقترح لابيد خبيث كسائر أفكار «كوهين» الاستعماري، الفكرة ببساطة إنه يريد أن تتحمل مصر مسئولية قطاع غزة فى مواجهة إسرائيل، وهذا فى حد ذاته استهداف واستنزاف أمنى وعسكرى للجيش المصري، مع احتمالات الدخول فى مواجهات مع الفصائل الفلسطينية،لأن تنفيذ الخطة من المكن أن يفتح بابا للاعتراضات السياسية والضغط الداخلى المتزايد، لا سيما أن مقترح لابيد يشمل إلزام مصر بنزع سلاح المقاومة، والإشراف على تشكيل حكومة تكنوقراط، والبدء فى إعادة إعمار القطاع، ويعفى الاحتلال من أى التزامات قانونية تجاه القطاع ويحول مصر من طرف وسيط إلى طرف شريك فى الصراع و الهدف الخبيث يكمن فى محاولة الضغط على الموقف المصرى الرافض لمقترح التهجير والمتصدى الأكبر لتنفيذ مخطط الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.
قبل أن نفند الرفض المصرى القاطع لهذا المقترح، قد يطرح السؤال نفسه، لماذا الآن ظهرلابيد بمقترحه الخبيث؟، والإجابة ببساطة أن السبب فشل إسرائيل فى السيطرة على غزة وتحقيق أهدافها فيها، وحاول لابيد أن يجد رابطا بين مقترحه و خطة الرئيس ترامب لغزة، لكننى أتصور أن الأخيرمن الصعب أن يتبنى مقترح لابيد أويدعمه، لعدم توافقه مع المعطيات السياسية الحالية.
الحقيقة أن لابيد يعلم جيدا أن القاهرة سترفض خطته وستعرفها بمفهومها الصحيح، أنها مؤامرة جديدة، لكن هذا لا يمنعه من المحاولة، أولا حتى يظهر فى الصورة أمام الرأى العام الإسرائيلى و يكتسب نقاط على حساب نتنياهو مجرم الحرب، وثانيا لمغازلة الرئيس الأمريكى و الإشارة إلى أنه يعمل على دعم خطط ترامب فى المنطقة.
أكدت مصر رفضها القاطع لأى مقترحات تلتف حول ثوابت الموقف المصرى والأسس السليمة للتعامل مع جوهر الصراع والتى تتعلق بانسحاب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية المحتلة واقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفى هذا الصدد، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن المقترحات المتداولة بشأن مستقبل غزة تعتبر «أنصاف حلول» وتسهم فى تجدد حلقات الصراع بدلاً من تسويته بشكل نهائي، وشددت الخارجية المصرية، على الارتباط العضوى بين قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية باعتبارها أراضى فلسطينية تمثل إقليم الدولة الفلسطينية المستقلة ويجب ان تخضع للسيادة والإدارة الفلسطينية الكاملة.
حين نقول أن مصر وأمنها مستهدفين، قد نجد من يجادلنا ويشكك فى كلامنا ويتهمنا بأننا نقيس كل الأمور بحسب «نظرية المؤامرة»، لكن الحقيقة أن المؤامرة قائمة بالفعل، فإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة تدركان جيدا أن مصر هى الضامن لأمن المنطقة وهى التى تقف ضد مخططاتهم لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء تماما على مبدأ «حل الدولتين»، لذلك يعتبر زعزعة الموقف المصرى و التشكيك فيه هدف واضح تعمل عليه إسرائيل وتدعمها أمريكا.
تؤكد مصر دائما أن الشعب الفلسطينى سيد قراره، وهو وحده الذى سيتولى إدارة قطاع غزة فى اليوم التالى للحرب وله قيادة رسمية متمثلة فى السلطة الفلسطينية وهى المسئولة عن إدارة القطاع، ومصر مواقفها ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن تتخلى عنها والقرار المصرى لايباع ولا يشتري.
أما يائير لابيد الذى حاول الصيد فى الماء الأسن فنقول له بالعامية المصرية «إلعب بعيد يا لابيد».