سلط الدكتور عبدالشافى الشيخ أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم بجامعة الأزهر الضوء على التطور التكنولوجى مؤكداً فى حواره مع «الجمهورية» أن الدراسات القرآنية لابد أن تواكب هذا التقدم وتستفيد من كل ماهو حديث كما اشاد بدور مؤسسة الأزهر ووصفها بأنها منارة العلم والداعم القوى والحارس لكتاب الله عز وجل مضيفا أن القرآن صمام الأمان لشبابنا ولا غنى لطالب العلم عن دراسة المباحث المتعلقة بعلومه
> ماهو الفرق بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي؟
>> التفسير بالمأثور شرح وبيان مراد الله من الآيات وفق ماجاء فى القرآن ذاته ووفق سُنة الرسول أو ما أُثر عن صحابة النبي- صلى الله عليه وسلم- وتجاوز بعضهم وقال ما أُثر عن التابعين وهذا رأى ليس له الشهرة الكافية ولأنه باب أُغلق فى تفسير القرآن فُتح لنا التفسير بالرأى ويكون بإعمال العقل مع الأدوات المساعدة كالعلوم التى تساعد على فهم النص وهو أصل من أصول الأمة الإسلامية لأن الله سبحانه وتعالى قال «أفلا يتدبرون القرآن» والأمر بالتدبر ليس قاصرا على عصر النبوة أو الصحابة أو التابعين هو أمر ممتد منذ أن أنزل القرآن الكريم إلى يوم القيامة ولذلك فطن علماؤنا لهذا الأمر والإمام السيوطى له كتاب قيم بعنوان الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل بأن الاجتهاد فى كل عصر فرض.
> وأيهما أكثر تأثيراً فى الدراسات القرآنية اليوم؟
>> عمدة التفاسير فى المأثور هو الإمام ابن جرير له آراء قيمة واستنباطات دقيقة فى كتاب الله فهو جمع بين التفسيرين ولا يوجد كتاب على وجه الأرض من أوله لأخره مأثور أو بالرأى هما يتناغمان ويتجاذبان مع بعضهما لكن أيهما أكثر فطبعا التفسير بالرأى لأنه مواكب ويضمن لنا حيوية وحياة القرآن الكريم فيما بيننا ويضمن لنا تفعيل دور القرآن إلى يوم القيامة وإلا إذا وقفنا فقط عند ما أُثر فى التفسير عند ماقاله النبى والصحابة و التابعون لخسرنا خسارة فادحة فالقرآن مليء بالكنوز وكل عصر له كنز مخبأ يفتحه الله تبارك وتعالى عليه لمن يتدبر كلام رب العالمين.
> كيف أسهمت علوم القرآن الكريم فى تطوير فهم النصوص الشرعية؟
>> علوم القرآن هى المباحث المتعلقة بدراسة القرآن الكريم وهى كالأدوات المساعدة ولا يمكن لأحد أن يتجرأ على تفسير كتاب الله إلا بعد أن يهضمها جميعا وليس فقط يقرأ أو يدرس حتى لايفتى الناس بغير علم ويفسد فى استنباطاته فى القرآن لأن الذى يدخل فى كتاب الله دون هذه العدة يأتى بالعجيب والغريب فعندما وجدنا أناس يدعون حقهم فى تفسير القرآن أفسدوا علينا عقيدتنا وأفسدوا استقرار العقيدة عند شبابنا وأصبحوا يتخطفون ذات اليمن وذات اليسار إما متشددين وإما منفلتين فحذار لأن هذه العلوم العدة التى ينبغى للمفسر أن يتسلح بها.
> هل ترى أن هناك حاجة لتطوير مناهج تفسير جديدة تناسب قضايا العصر الحديث؟
>> قطعا فالاجتهاد لايبطل أبدا والقرآن الكريم لم ينزل فقط لعصر الصحابة هم اجتهدوا وخلفوا لنا تراثا نفخر به وتكتظ به المكتبة الإسلامية وهو عنوان حضارتنا لاننكره وضعوا لنا المنهج لكن معطيات الأن تختلف عن السابق والمستقبل وذلك من سنة الله- عز وجل- وبالنظر إلى علوم الشرع والقرآن الكريم وهو الخريطة والمنهج الذى ارتضاه الله نحن نبنى على ما قاله الصحابة ونستفيد منهم ومن كل من فسر كلام الله عز وجل لكن لابد أن يكون للمجتمع الحاضر بصمة صريحة فى فهم كتاب الله.
> كيف يمكن للمسلمين الاستفادة من تفسير القرآن فى مواجهة التحديات الفكرية والثقافية؟
>> القرآن الكريم كتاب بناء فرد ومجتمع وهو الضمان الوحيد لأن الذى خلقنا أدرى بما يشرع لنا بما يفيدنا فى الدنيا والآخرة فهل من المنطق أن الله يخلق، واستقى شرعا وفكرا من غيره سبحانه وتعالى قبل أن يخلقنا أعد لنا القرآن الكريم فلا تأخذنا التيارات شمالا ويمينا ونترك كتاب الله فسلحوا أولادكم بتفسير كتاب الله يضمن لهم ولكم عدم الانجراف وراء التيارات وصمام الأمان لشبابنا أن يتربوا فى أحضان القرآن الكريم لأنه ليس له أيدلوجية إلا نفعية الفرد والمجتمعات.
> كيف تسهم جامعة الأزهر فى تعزيز الدراسات القرآنية عالمياً؟
>> لقد من الله على العالم كله بمؤسسة الأزهر العريقة التى تضرب بجذورها فى أعماق الماضى الراقى ومن ضمنها جامعة الأزهر والتى تندرج تحت مظلة كبرى هى مشيخة الأزهر الشريف والجامعة منارة العلم الأن ولاينكر هذا إلا حاقد أو جاحد أو جاهل بالتاريخ فمؤسسة الأزهر تمتاز أنها تتبنى منهج الوسطى الأشعرى الرقراق الذى يُفهم به كلام الله عز وجل وقد ساهمت فى البلدان العربية بوضع خطط منهجية لدراسات شرعية ومازال طلابنا فى العالم العربى والإسلامى يتواصلون معنا لأخذ الخبرة والمعونة وهكذا العلم رحم بين أهله فالأزهر الداعم الاقوى إلا لم أكن مبالغا هو الحارس الأول لكتاب الله أن تميل به الطوائف لأنه يتبنى أيدلوجية الإسلام الصافية.
> ما هى أبرز المشكلات التى تواجه طلاب علوم القرآن اليوم؟
>> مشكلات الدراسة عامة من غلاء الكتب وعدم توافر الموسوعات بشكل جيد فلابد أن يكون فيه برنامج معد تقوم عليه الكليات ووضع مادة علوم القرآن الكريم فى كل البرامج الشرعية لأنها أساس الاستباط والفهم لكتاب الله حتى لو لم يكن متخصص فى التفسير أرى أن حقيبة علوم القرآن لابد أن تكون متواجدة فى كل المسارات الشرعية حتى لو أصول الفقه أو الحديث أو غير ذلك لانه لاغنى لطالب العلم عن دراسة المباحث المتعلقة بعلوم القرآن الكريم
> هل ترى أن التكنولوجيا الحديثة أثرت بشكل إيجابى أم سلبى على دراسة التفسير وعلوم القرآن؟
>> نعيش الآن حالة من التطور غير المسبوق المتلاحق شديد التغير وواجب على الدراسات القرآنية أن تواكب هذا التغير ونحن نستفيد من كل ماهو حديث فأصبح هناك المصاحف الإلكترونية وتطبيقات على الهواتف والأجهزة الحديثة وطلاب علوم القرآن الكريم يتناغمون دوما مع العصر لأن العلم يتناغم مع القرآن الكريم فالقرآن لايرفض العلم ولايتعارض معه أبدا فأينما وجد العلم ووجدت مصلحة الناس تجد القرآن الكريم وطلابه يستقون ويطوعون هذه البرامج الحديثة لخدمة كتاب الله ومن التكنولوجيا الحديثة بالطبع الذكاء الاصطناعى نضع له ضوابط ونستفيد منه بما لايؤثر على الثوابت المعروفة لدينا.
> كيف يمكن معالجة المفاهيم المغلوطة عن الإسلام من خلال التفسير وعلوم القرآن؟
>> ما يُعنى به التفسير وعلوم القرآن هو معالجة المفاهيم المغلوطة ولكن ننبه شبابنا بأخذ التفاسير عن علماء وسطيين تربوا فى مؤسسة تعليمية معلوم منهجها لا استقى الدين من أناس لاخبره ولاتاريخ ولا منهج واضح لهم فالمفاهيم المغلوطة عن الإسلام وفى الإسلام يصححها القرآن والتفاسير الصحيحة حول كتاب الله تعالى لأن العيب ليس فى النص ولكن فى فهم النص وكل مااخذ عن الإسلام من صفات سلبية واتهام بالإرهاب والتخلف والجمود ليس موجودا فى النص بل فى الفهم ونحتاج الى ثورة عظيمة لفهم النص المقدس فهما متطورا حديثا جديدا ماتعا يبين ويبرز صفات الإسلام.
> ما هى النصيحة التى تقدمها للمهتمين بتدبر القرآن الكريم وتفسيره بشكل صحيح؟
>> القرآن من أخص صفاته أنه كريم كلما أعطيته أعطاك وكلما أكرمته أكرمك، أكرمه وأعطه من وقتك وابحث عن مشايخ وعلماء مشهود لهم بالوسطية أكثر فعندما اتمرس فى قراءه القرآن وبعدها فى تفسيره واتدرج منها إلى تأويله وأزلف من تأويل القرآن إلى التدبر لماذا عبر بكذا ولم يعبر بكذا وهى مرحلة جميلة آخر مرحلة وهى أن يتجلى علينا القرآن بفيوض من عند الله تبارك وتعالى فنصيحة لابد من القرآن وعلموا أولادكم القرآن يعلمهم القرآن كل شيء.
> من أكثر المفسرين تأثيراً فى مسيرتكم العلمية؟
>> كمتخصص حصلت على الماجستير والدكتوراة وأستاذية فى التفسير لا أرتبط بمفسر واحد.. آخذ من جميع المفسرين وافهم عنهم المنهج ولا يعنينى المعلومة التى يقولونها بقدر مايعنينى المنهجية التى ساروا عليها فى استنباطى تفسير لكتاب الله عز وجل وأخذت المميز من كل مفسر لان لكل مفسر طابعا ومذاقا خاصا فأخشى أن أحدد تفسيرا بعينه فأنا استفدت من جميع التفاسير والمدارس التى مرت عليا.
> ما الذى يجعل شهر رمضان مميزاً بالنسبة لك؟
>> لأنه شهر القرآن والنفوس والقلوب تكون مهيأة لتلقى العلم ومدارسته فنحن ننشط أكثر من أى وقت آخر فى بث ونشر العلم ولى درس فى العصر والعشاء والفجر أحيانا لتفسير كتاب الله وتكون فرصة جميلة لنا كعلماء وللناس أن يلتفوا حولنا وهى روحانيات عالية نسأل الله أن يخرجنا من رمضان وقد غفر ذنوبنا
> وكيف تستعد لاستقبال شهر رمضان؟
>> أضع خطة لختم القرآن ختمة على الاقل تفسيرية اقرا القرآن مرة هذا يكفى ولاأحبذ أن يشدد الإنسان على نفسه ويقول أختم القرآن خمس أو ست مرات قد يكون مشغولا أو يقصر مع أسرته يكفيك أن تقرأ القرآن مرة واحدة لكن بتفسير لتدرك مراد الله سبحانه وتعالي.