نستقبل شهر رمضان الكريم وتمر الأمة بمنعطف خطير، خاصة فى فلسطين، وقدمت مصر دعمًا كبيرًا لفلسطين وقضيتها العادلة، سواء على المستوى السياسى أو الإنسانى. كانت مصر دائمًا فى طليعة الدول الداعمة لحقوق الشعب الفلسطينى، وساهمت فى تقديم مساعدات إنسانية متنوعة تشمل الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، ولعبت مصر دورًا محوريًا من أجل ايقاف العدائيات فى قطاع غزة، وعارضت ورفضت بكل قوة مقترح وخطة التهجير ووضعت الحلول والخطط المنطقية من أجل إعادة إعمار غزة مرة أخرى والحفاظ على أهلها وحقهم فى العيش على أرضهم.
رمضان عبر التاريخ شهر للانتصارات العظيمة التى غيرت مجرى التاريخ الإسلامى. ففى السابع عشر من رمضان وقعت غزوة بدر، التى كانت أول انتصار عسكرى للمسلمين، وأثبتت أن النصر يأتى من عند الله وليس بعدد الجنود أو قوة العتاد.
فى معركة عين جالوت، التى دارت رحاها أيضًا فى رمضان، تمكن المسلمون بقيادة سيف الدين قطز من كسر شوكة التتار وإنقاذ العالم الإسلامى من خطر داهم كان يهدد وجوده. أما معركة حطين، التى قادها القائد صلاح الدين الأيوبى، فقد كانت فتحًا مبينًا أعاد القدس إلى أحضان المسلمين، بعد أن ظلت تحت الاحتلال لعقود طويلة.
لا يمكن أن ننسى الانتصارات الحديثة، ففى العاشر من رمضان عام 1973، سطرت الجيوش العربية ملحمة عظيمة باستعادة الأراضى المحتلة، ما أعاد للأمة كرامتها وأثبت أن الإرادة القوية قادرة على كسر قيود الاحتلال.
رمضان ليس فقط شهر الصيام، بل هو شهر الأمل والصبر والانتصارات. وفى ظل التحديات التى تواجهها الأمة اليوم، يبقى هذا الشهر فرصة سانحة لاستعادة القوة الروحية والوحدة الإسلامية، وتجديد العزم على تحقيق النصر والعدالة لكل المظلومين، وعلى رأسهم أشقاؤنا فى فلسطين.
يطل علينا شهر رمضان المبارك كل عام بروحانيته الخاصة، ليكون فرصة لتجديد وتعزيز قوة الأمة. من أقصى المغرب إلى إندونيسيا والصين ، إلى جنوب افريقيا، يجتمع المسلمون على مائدة الإفطار بعد يوم من الصيام، ليؤكدوا على معانى التضامن والتآخى. هذا الشهر الفضيل ليس فقط محطة للعبادة، بل هو كذلك رمز لقوة الأمة الإسلامية، التى تشعر بمعاناة أى جزء منها وكأنها جسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
انتقل بكم إلى نقطة أخرى فى رمضان وهى رمضان فى مصر «حاجة تانية» فى إحدى المناسبات الرمضانية، التقيت أحد ممثلى السفارات الأجنبية فى مصر، وكان يتحدث العربية بطلاقة. وقف على المنصة وقال: «الآن أصبحت على يقين مما سمعته فى كل الدول العربية التى زرتها، حيث كانوا يقولون لى جملة فهمت معناها الآن، وهى: «رمضان فى مصر حاجة تانية». هذه الكلمات تعكس عمق الأجواء الرمضانية الفريدة التى تعيشها مصر، والتى تجعل كل من يزورها فى هذا الشهر يشعر وكأنه فى عالم رمضانى خاص.
رمضان فى مصر هو تجربة فريدة تجمع بين الروحانية والاجتماعية، بين التراث والحداثة. بل هو احتفالية كبرى تعكس ثراء الثقافة المصرية وروح الشعب المصرى. من الفوانيس المضيئة إلى أصوات المسحراتى، ومن موائد الإفطار الجماعى إلى التجمعات العائلية، رمضان فى مصر هو احتفال بالحياة والألفة والمودة. فلنحتفل بهذا الشهر الكريم بقلوب مفتوحة، فكل رمضان فى مصر فيه ذكرى لا تُنسى لكل من يعيشها.