ردت حماس مجدداً على قرار إسرائيل إرجاء تسليم أكثر من 600 أسير فلسطينى كانت قد وافقت على الإفراج عنهم، حيث قال المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم أمس إن تأجيل إطلاق سراح الأسرى «خرق لاتفاق وقف النار، موضحاً أن الحركة أبلغت الوسطاء بضرورة الإفراج عن الأسري، ونأمل أن يتم ذلك خلال الساعات المقبلة. وأشار إلى إن الحركة مستعدة للتجاوب مع طروحات الوسطاء بشأن تسليم الرهائن. وحماس ملتزمة بكل بنود اتفاق وقف النار.
كما أضاف أن الحركة أنجزت كل ما هو مطلوب منها فى إطار الصفقة، مؤكداً أن الحركة مستعدة لبدء مفاوضات المرحلة الثانية، مشيراً إلى وجود اتصالات مكثفة مع الوسطاء بهذا الشأن.
يأتى هذا فيما أكد المتحدث باسم حركة حماس عبداللطيف القانوع، أن هناك مؤشرات إيجابية للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. وتابع: إن الحركة أكدت للوسطاء جاهزيتها لمفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة، ومستعدة لتسليم الأسرى دفعة واحدة فى حال وقف العدوان نهائياً، وانسحاب الاحتلال كليًّا وبدء إعادة الإعمار.
واعتبر القانوع أن عدم التزام الاحتلال الإسرائيلى بالإفراج عن أسرى الدفعة السابعة من عملية التبادل فى الموعد المتفق عليه، يمثل خرقاً فاضحًا للاتفاق. وأضاف: إنه فى الوقت الذى تجاوبت فيه الحركة مع جهود الوسطاء لإنجاح عملية التبادل، يواصل مجرم الحرب نتنياهو سلوك التسويف والمماطلة ويؤخر الإفراج عن الأسري.
دعا الوسطاء وضامنى الاتفاق لممارسة الضغط على الاحتلال لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ بنوده دون تسويف ومماطلة.
فى الوقت نفسه، استنكر عضو المكتب السياسى لحركة حماس، عزت الرشق بشدة قرار الاحتلال الإسرائيلى تأجيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. وقال فى بيان أصدرته الحركة إن التأجيل يكشف مجدداً مراوغات الاحتلال، وتنصله من التزاماته، وتذرع الاحتلال بأن «مراسم التسليم مهينة» هو ادعاء باطل وحجة واهية تهدف للتهرب من التزامات الاتفاق.
وأضاف: إن هذه المراسم لا تتضمن أى إهانة للأسري، بل تعكس التعامل الإنسانى الكريم معهم، مؤكداً أن الإهانة الحقيقية هى ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون خلال عملية الإفراج، من تعذيب وضرب وإذلال متعمد حتى اللحظات الأخيرة، لأن الأسرى الفلسطينيين يتم إطلاق سراحهم وهم مقيدو الأيدى ومعصوبو الأعين، كما يتم تهديد ذويهم بعدم إقامة أى احتفالات لاستقبال أبنائهم المحررين.
كانت إسرائيل قد أرجأت لأجل غير مسمى تسليم الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، الذين كان من المقرر الإفراج عنهم السبت، بالتزامن مع تسلُّم 6 محتجزين اطلقت حماس سراحهم فى نفس اليوم.
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إرجاء إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين؛ لضمان الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين المتبقين دون ما وصفه بـ»المراسم المهينة». وأوضح أنَّ إطلاق سراح سجناء فلسطينيين تأجل بسبب انتهاكات حماس المُتكررة.
قالت مصادر اعلامية إنَّ قوات الاحتلال أعادت الأسرى الفلسطينيين إلى داخل سجن «عوفر» وأغلقت البوابات، وانتشرت آلياتها العسكرية باتجاه السجن. وأوضحت أنَّ عائلات الأسرى الفلسطينيين، حضرت إلى محيط سجن عوفر انتظارًا للإفراج عن ذويهم، لكن قوات الاحتلال فرضت حواجز أمنية وأعادت الأسرى إلى الزنازين مرة أخري، وأكدت أنَّ الاحتلال يربط الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بإطلاق سراح جثث المحتجزين الإسرائيليين القتلي.
كان من المقرر أن تفرج سلطات الاحتلال عن الدفعة السابعة من الأسري وتضم 602 أسير، منهم 50 من المحكومين بالمؤبد، و60 من ذوى الأحكام العالية، و47 من الأسرى المُعاد اعتقالهم فى صفقة «شاليط»، و445 من أسرى قطاع غزة، اعتقلتهم قوات الاحتلال خلال عدوانها على القطاع.
على صعيد منفصل، كشف طبيبان بريطانيان من الذين عملوا فى مستشفيات قطاع غزة لصحيفة «ذا جارديان» البريطانية عن توقعات مأساوية بشأن مستقبل الصحة العامة للفلسطينيين، إذ أكدا أن تداعيات الحرب الحالية ستمتد لعقود مقبلة، مُحذرين من أن عدد الوفيات قد يتضاعف إلى أربعة أضعاف العدد الحالي؛ نتيجة انهيار النظام الصحى وتفشى الأمراض وسوء التغذية الحاد الذى يضرب القطاع.
فى تفاصيل صادمة كشف عنها البروفيسور غسان أبوستة، الجراح البريطاني-الفلسطينى المتخصص فى جراحة العظام، الذى عمل فى مستشفيى الشفاء والأهلى العربى فى مدينة غزة، أن الوضع الصحى فى القطاع، وصل إلى مستويات غير مسبوقة من التدهور، موضحًا أن مستويات سوء التغذية بين الأطفال، بلغت درجة من الخطورة تجعل التعافى الكامل مستحيلاً بالنسبة للكثيرين منهم، مما سيؤثر على صحتهم طوال حياتهم.
فى سياق متصل، كشفت تقديرات علمية أن إجمالى الوفيات المتوقعة نتيجة الحرب على غزة قد يصل إلى 186 ألف حالة وفاة، وهو رقم يتجاوز بأربعة أضعاف العدد الحالى المسجل البالغ 46,700 حالة وفاة، وفقًا لإحصاءات وزارة الصحة فى غزة.
يؤكد البروفيسور نظام مامود، الجراح البريطانى المتقاعد من هامبشاير الذى عمل فى مستشفى ناصر جنوب غزة، أن هذه الأرقام قد تكون متحفظة، مشيرًا إلى أن عدد الوفيات غير المرتبطة بالإصابات المباشرة قد يتجاوز هذه التقديرات بكثير
ويواجه القطاع الصحى فى غزة تحديًا فوريًا يتمثل فى حاجة 13 ألف فلسطينى إلى تدخلات جراحية عاجلة؛ بسبب إصابات الحرب، كما يؤكد الأطباء أن حجم وتعقيد هذه الإصابات سيستنزف النظام الصحى لجيل كامل. ويشير البروفيسور مامود إلى أن حوالى 70٪ من المرضى الذين أجرى لهم عمليات جراحية كانوا من الأطفال، وكثير منهم فقدوا عائلاتهم بالكامل.
ويُحذر الخبراء من أن الآثار النفسية للحرب، التى استمرت 15 شهرًا، ستظهر بشكل أوضح فى الأشهر المقبلة. ويتوقع مامود أنه مع تراجع ضغوط البقاء اليومية، ستبدأ الصدمات النفسية فى الظهور بأشكال متعددة، مما يضيف عبئًا إضافيًا على النظام الصحى المُنهك.