من المؤكد أن هناك محددات ثابتة للأمن القومى المصرى ولا يمكن الحياد عنها على ضوء الصراعات والتوترات الإقليمية من ناحية والعالمية من ناحية أخرى وهو ما يتطلب تحديدها والعمل على حمايتها.. ويعد «هنرى كيسنجر» وزير الخارجية الأمريكية هو الرجل الذى رسم الخريطة السياسية للعالم والسياسة الخارجية الأمريكية التى ما زالت سائدة حتى الآن بالرغم من تلك التقلبات والصراعات والتحولات «الجيوسياسية» التى تحدث فى منطقة الشرق الأوسط.. وفى مقال للباحث «سوليماى مردم» بعنوان «كيسنجر والعالم العربى ..الأساطير والحقائق» كتب يقول إن قرنا من الحياة قد يعد قصيراً فى تاريخ البشرية إلا أنه من المنظور الإنسانى يصير ملحوظاً لا سيما عندما يحظى به شخص قد عاصر هذه الأحداث خلال هذه المدة وأصبح بمكانة الأسطورة الحية ويقصد «هنرى كيسنجر» الذى جسد السياسة الأمريكية الخارجية فى أبهى صورها بالنسبة لمريديها ومعارضيها.. يؤكد الكاتب «ستيفن كوك» فى مجلة «فورين بوليسى» فى مقاله بعنوان «الأسطورة العظيمة الأخيرة عن مصر» قائلاً فى سبعينيات القرن العشرين كان «هنرى كيسنجر» مغرماً «بالرئيس السادات» لما يتمتع به من حكمة وشجاعة كرجل دولة، ومن خلال هذه الرؤية ترسخت تلك المجموعة من الأفكار حول دور مصر فى السياسة الأمريكية.. نفس هذه الرؤية لدى «كيسنجر» بالنسبة للرئيس» السيسى» عند اجتماعه به الذى وصفه بالشيق وبأنه يتمتع بفهم كبير لما يحدث مشيراً إلى علاقة الصداقة القوية معه هو شخصياً.. وفى رد «كيسنجر» على تساؤل حول الفرق بين الوضع فى المنطقة فى العام الماضى ولقائه بالرئيس السيسى فى هذا العام عقب هجوم السابع من أكتوبر قال إن الوضع فى المنطقة قد أصبح أكثر تعقيداً.. وقد صرح مصدر أمنى مصرى قائلاً بالرغم من تلك العلاقة القوية التى تربط «الرئيس السيسى» «بالرئيس ترامب» إلا أنه قد حرص على التأكيد على موقف مصر من التهجير وأكد المصدر أنه لن يذهب إلى واشنطن لإجراء مباحثات فى البيت الأبيض مادام جدول الأعمال يتضمن خطة التهجير للشعب الفلسطينى.. لقد تميزت العلاقات المصرية – الأمريكية بالتعاون الوثيق بين الولايات المتحدة ومصر وكانت بمثابة حجر الأساس للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط لعقود من الزمان منذ توقيع معاهدة السلام التى كانت بوساطة أمريكية بين مصر وإسرائيل لما يزيد على أربعة عقود.. بينما صرحت «هيلين أتش إيه» أحد الزملاء البارزين «بالمعهد الملكى للخدمات المتحدة» قائلة لا يوجد مورد يمكن مقارنته بالأمريكيين وأن مصر كانت حريصة دائماً بالحفاظ على هذه العلاقة لفترة طويلة إلا أن ذلك لن يكون على حساب مصلحتها الوطنية.