فى إحدى مدارس محافظة الشرقية، كانت «الأبلة شيرين»- كما يناديها طلابها- تقف أمامهم بابتسامتها التى اعتادوها، تلقى دروسها بحب، رغم أن قلبها كان يخوض معركة قاسية مع المرض، لم يكن أحد يدرك أن خلف تلك الابتسامة المتعبة، قلب ينبض بصعوبة، ولكن تبقى الإرادة والأمل هما الدرس الوحيد الذى لم تتوقف عن التمسك به.
كانت شيرين تعانى من مشكلات خطيرة فى القلب، وأكد الأطباء حاجتها الماسة إلى عملية قلب مفتوح لتغيير صمامين رئيسيين «الميترالى والأورطى» وإصلاح الصمام الثلاثى بسبب انسداد الشريان السباتى، ولكن القدر كان له رأى آخر، إذ أصيبت بجلطات فى المخ جعلت الجراحة مستحيلة فى الوقت الحالي، وهكذا، تحوَّلت حياتها إلى جدول صارم من العلاج المنتظم والراحة التامة، انتظارًا لتحسن حالتها الصحية بما يسمح بإجراء الجراحة.
ورغم قسوة المرض، كان هناك بصيص أمل.. فقد منحتها منظومة التأمين الصحى إجازة طويلة متجددة، بناءً على التقارير الطبية التى تؤكد استحالة مزاولتها للعمل فى هذه المرحلة الحرجة، شعرت بالامتنان لأن هناك مَنْ يراعى حالتها الصحية وتخفف عنها، ولكن لم يدم هذا الشعور طويلا، إذ جاءها قرار مفاجئ من التأمين الصحى بفاقوس يطالبها بالعودة إلى العمل، وكأن الألم وحده لم يكن كافيًا!
كيف يمكن لمريضة لا تقوى على الحركة أن تواجه صخب الفصول الدراسية؟ كيف لمن لا تحتمل مشقة الوقوف أن تعود إلى للوقوف مرة أخرى فى مكتبة المدرسة والتعامل مع التلاميذ وحالتها الصحية لا تحتمل؟.
وصل صوت شيرين إلى من يسمع وتبنّت «الجمهورية» قضيتها ووضعتها أمام أعين المسئولين، فكان التجاوب سريعًا من الهيئة العامة للتأمين الصحي، التى لم تخذل مواطنيها كما اعتادت دائمًا، استجابت الهيئة ووعدت بحل المشكلة، وأكدت أنها لن تترك مريضة فى مواجهة الألم دون دعم، فتم تحديد لجنة طبية لدراسة حالتها، والتأكد من حصولها على التسهيلات اللازمة التى تضمن راحتها، ومتابعة وضعها الصحى بشكل دقيق.
وبعد هذا القرار، تواصلت شيرين مع الجمهورية مجددًا، ولكن هذه المرة لم يكن صوتها حزينًا يملؤه القلق، بل كان ممتنًا ومطمئنًا، فقد شعرت أخيرًا أن هناك من يستمع، من يراعى ظروف المرضي، ومن يقف إلى جانبهم فى معاناتهم.
ورغم هذا التجاوب الإيجابي، لا تزال شيرين تنتظر حلاً مباشرًا ونهائيًا، كما اعتادت من التأمين الصحى أن يكون دائمًا سندًا للمرضى ومصدر طمأنينة لهم فى أصعب لحظاتهم.
كل الشكر والتقدير للهيئة العامة للتأمين الصحى على تفهمها وإنسانيتها، وعلى استجابتها السريعة، وننتظر منها حلاً نهائيًا يُطمئن قلب معلمة أفنت حياتها فى خدمة طلابها، وتحتاج اليوم إلى من يكون عونًا لها فى أزمتها.