ليس هناك نعمة أغلى من نعمة الوطن.. والأمن والاستقرار.. وما أعظم أن يتشارك الجميع فى حمايته والحفاظ عليه.. وهو أمر يتطلب الوعى الحقيقي.. والاصطفاف الوطنى وأن يكون الجميع على قلب رجل واحد.. وهو ما يمثل صمام الأمان لمواجهة التحديات والتهديدات والأزمات وحملات الأكاذيب والأباطيل.. وفى مصر الدولة تبذل جهوداً مكثفة لتحقيق آمال وتطلعات المواطنين وقادرة على مواجهة أى تهديد خارجي.. لكن تظل قوة الداخل.. ووعى ووحدة وتكاتف الشعب القوة التى تستطيع هزيمة أى تهديدات خارجية وأى تحديات داخلية لذلك يبقى تماسك الجبهة الداخلية هو حجر الزاوية وأساس البقاء والخلود والعبور والنصر.
ما حدث فى سيناء ليس عدواناً ولكنه كان يستهدف حماية ٠٠١ مليون مواطن مصري، فالإرهاب الأسود الممول والمدعوم ضد مصر، كان يستهدف تدمير كل شيء فى الوطن، تدمير الدولة ومستقبلها والكنائس والمساجد، هذا ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى احتفالية يوم المرأة المصرية، والحقيقة أن العبارة تحمل حقائق ودلالات كثيرة ومواقف وبطولات وتضحيات وثمناً باهظاً وغالياً دفعته مصر فى حربها ضد الإرهاب والتكفير والفوضى ومحاولات تركيع وهدم وإسقاط الدولة المصرية، الإرهاب لم يكن مجرد عمل إجرامى تتبناه وتنفذه جماعة أو جماعات إرهابية، ولكن كان عدواناً كاملاً وحرباً شاملة ضد الدولة المصرية، بل هى معركة بقاء ووجود، ربما كانت الجماعات الإرهابية بقيادة الإخوان المجرمين والمتآمرين على الوطن تنفذ الجرائم ضد مصر وشعبها على الأرض لكن خلف الكواليس كانت هناك دول كبرى وأجهزة مخابرات معادية من قوى الشر تدعم بالمال والسلاح والتخطيط وتوفر الملاذ الآمن والإعلام الذى يطلق العنان للأكاذيب والشائعات بل وتحويل الإرهاب إلى معارضة كل ذلك تجمعوا فى سيناء بل وكافة ربوع البلاد من أجل تركيع مصر وابتزازها وإسقاط الدولة، ومؤسساتها.. لكن مصر قررت خوض المعركة المقدسة التى هى معركة مقدسة، دافعت فيها عن حق الوجود والخلود، عن حق الحياة والبناء والتقدم، عن حق الأمن والاستقرار، عن حق الاعتدال والتسامح والوسطية، عن حق وشرف الدفاع عن الأرض التى أرادوها مقسمة تخضع لمخططاتهم وأهدافهم الخبيثة.
الإرهابى محمد البلتاجي، قالها وكشف بها أبعاد المخطط والمؤامرة، وقبل أن أتعرض لما قاله هذا الإرهابي، أذكر أن الإخوان المجرمين هم مجرد أداة فى تنفيذ المؤامرة ضد مصر، فقوى الشر، سعت لإبقاء حكم الإخوان لتنفيذ أهدافهم، فى تنفيذ مخطط اختطاف سيناء وتحويلها إلى وطن بديل للفلسطينيين، وبالتالى تنتهى وتتم تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأراضى المصرية فى سيناء والأمن القومى المصري، وهذا ما كشف عنه الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن وأعلنه أمام وسائل الإعلام، وأن الرئيس المعزول محمد مرسى وافق على التفريط فى سيناء طبقاً للمخطط «الصهيو ـ أمريكي» لذلك دعموا ومولوا، وساندوا الإخوان، ولعل ما قاله الإرهابى البلتاجى إن هذا الذى يحدث فى سيناء «الإرهاب» سوف يتوقف فى اللحظة التى يعود فيها محمد مرسى العياط إلى قصر الرئاسة والحكم بعد أن عزله الشعب المصرى فى ثورة ٠٣ يونيو العظيمة ٣١٠٢، وهو ما يكشف المخطط والمؤامرة على مصر وحرباً شرسة لإبقاء نظام الإخوان بدعم قوى الشر من أجل تنفيذ مخطط التقسيم وبيع أرض سيناء لصالح المشروع الصهيوني، وحاولوا من خلال الإرهاب الأسود، والجرائم المتوالية إجبار مصر على الخروج وفقدان السيطرة على سيناء من ناحية وعودة نظام الإخوان العميل إلى الحكم.
خاضت مصر جيشاً وشرطة وشعباً معركة البقاء المقدسة من أجل تطهير سيناء من التكفيريين والقضاء على الإرهاب واستعادة كامل الأمن والاستقرار على سيناء، التى لم تستطع قوى الشر والإرهاب أن ترفع فيها علماً أو السيطرة على حبة رمل واحدة، وعزف أبطال الجيش والشرطة ملحمة وطنية خالدة فى الدفاع عن الأرض والكرامة المصرية، إيماناً بقضيتهم العادلة وحقوقهم المشروعة، ودفاعهم عن سيادة الأرض المصرية المقدسة، كانت معركة بين الخير والشر، الحق والباطل والشرف والخيانة.
ما جرى فى مصر خلال سنوات الحرب على الإرهاب والفوضي، منذ ١١٠٢ وحتى تطهير البلاد من الإرهاب، واستعادة كامل الأمن والاستقرار خاصة فى سيناء، تستلزم أولاً أن تتذكر هذه الفترة جيداً وما قدمته مصر ورجالها من مواقف وبطولات وتضحيات، وثمناً غالياً من أجل أن تنعم بالأمن والاستقرار والبناء والتنمية والتقدم حيث بلغت فاتورة القضاء على الإرهاب والمؤامرة أكثر من ٣ آلاف شهيد، وأكثر من ٢١ ألف مصاب، بالإضافة إلى ما يقرب من ٠٠١ مليار جنيه أنفقتها الدولة على هذه الحرب المقدسة، وهى الحرب التى فرضت علينا، دفاعاً عن الأرض والكرامة والسيادة، ورفضاً للتنازل عن الثوابت المصرية الخالدة، فالأرض مثل العرض، وإجهاضا لمؤامرة كبرى استهدفت مصر وسيناء تحديداً، وكسر إرادة المصريين لذلك شكل القضاء على الإرهاب مرحلة فاصلة فى تاريخ الأمة المصرية، وصفحات جديدة فى سجل أمجادها، وهو نصر عظيم قاده قائد وطنى شريف لا يقل عن نصر أكتوبر العظيم.
الأمر الثانى وهو مهم، بالفعل أن نحكى لأبنائنا ما دار وجرى فى هذه السنوات وتفاصيل ما تعرضت له مصر من مؤامرة ومحاولات تركيع وفوضى وإرهاب، كادت بسبب ذلك تسقط وتضيع، لذلك هنا يثمن دور الأسرة، والمسجد والكنيسة، والمدرسة والجامعة، والتأكيد على أهمية بناء الوعى الحقيقي، والفهم الصحيح.. وتنشيط الذاكرة الوطنية لاستلهام الدروس والعبر والحفاظ على الوطن.
أيضاً إن ما جرى وما حدث منذ يناير ١١٠٢ وحتى القضاء على الإرهاب بالكامل يستلزم من هذا الشعب اليقظة وألا يتكرر ما حدث وأن الحفاظ على الاستقرار أصعب من تحقيق الاستقرار، لذلك لابد أن نتمسك جميعاً بالوحدة والوعى والاصطفاف والخوف على الوطن، وأن نكون على قدر ما دفع من ثمن باهظ من أرواح الشهداء ودماء المصابين حتى يحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية.
لابد أن نحذر ونخاف على الوطن، ليس بالشعارات أو الكلمات ولكن بالأفعال والسلوكيات فأى ثقب فى السفينة يمكن أن يغرق الجميع لذلك فإن ممارسات البعض من الاحتكار والجشع والمغالاة والأنانية ولابد أن نتصدى لهذه السلوكيات سواء بالوعي، أو برامج للتربية والتنشئة، أو من خلال وضع هذه السلوكيات تحت ميكروسكوب الدين، ولذلك لابد أن يجتهد العلماء والأئمة ورجال الدين فى المساجد والكنائس لإيقاظ ضمير هؤلاء، وأيضاً من أجل التوعية الدينية، وهى أحاديث واجبة ليس لها علاقة على الإطلاق بالسياسة كما قلت سابقاً، فليس هناك أى مانع أن تحيط الناس بشئون أوطانهم وتحدياتها والتهديدات التى تواجه مسيرتها من أجل التسلح بالاصطفاف والوعى لحماية الأوطان، وأيضاً من المهم الحفاظ على تماسك وقوة وصلابة الجبهة الداخلية، لأنها الرهان الحقيقى لحماية الوطن من غزوات فكرية، وحملات لترويج الأكاذيب والأباطيل وتزييف الوعي، وهز الثقة والتشكيك والتشويه، لذلك فإن الإمام المستنير والواعى والملم بقضايا وتحديات وطنه ودوره فى إيقاظ الضمائر، وأهمية ترسيخ الإيثار وإنكار الذات، والعطاء هو دور نبيل ووطني، من الطراز الأول، ولابد أن نضع أيدينا على أهم القضايا التى تدور فى هذا الإطار لنتحدث عنها سواء فى المساجد والكنائس، أو فى خطب الجمعة وعظات الأحد، أو فى البرامج الدينية وكذلك لا يمكن للمدارس والجامعات التى تضم ملايين الصغار والشباب أن تغفل أهمية بناء الوعى الحقيقى وتشكيل الفهم، وإيقاظ الضمير الوطني، وترسيخ الولاء والانتماء وغرس السلوكيات الحميدة التى تتسق مع جوهر الدين والأخلاق الإنسانية، والقيم الوطنية.
الشعوب، لابد أن تطلع على تاريخها وأحداثها والتحديات التى تجاوزتها وعبرتها والثمن الذى دفعته أوطانها حتى لا تقع فى نفس الأخطاء، وحتى لا تغيب عن الوعى والفهم، والإدراك لما يحاك، وما يروج من تضليل وزيف، ولابد للمحتوى الإعلامى والصحفى أن يركز على مثل هذه الأهداف التى أكد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولعل حديثه عن دور الأسرة والمسجد والكنيسة والإعلام والمفكرين والمثقفين وضرورة قيام كل منا بدوره فى توعية وإحاطة وتفهيم الناس والشباب بما يدور حولنا من أحداث وصراعات وحروب وأهدافها ودورنا فى إطفاء الحرائق، فى ظل الحملات الشرسة والمستمرة لتزييف وعى المواطنين والشباب ومحاولات تشويه الدور المصرى الشريف صاحب المواقف الواضحة، والمحددة، لأن الحرب شرسة على مصر لذلك دور هذه المؤسسات ليس رفاهية أو دوراً ثانوياً ولكنه دور غاية فى الأهمية والحتمية بل هو صمام الأمان للحفاظ على البلاد والعباد وأيضاً ترسيخ الأمن والاستقرار، واستكمال مسيرة البناء والتنمية فى ظل ما تشهده مصر من قوة وقدرة.
قضية تحليل وتفسير وتوضيح ما يدور حولنا وما نحققه من إنجازات ونجاحات الشباب قضية غاية فى الأهمية، نريد أن نبنى سياقاً كاملاً للفهم من خلال الحديث والحوار المباشر، ولابد من مساندة محاولات مهام الإعلام، والحوار الوطني، وقبل ذلك حديث الرئيس السيسى المتواصل مع المصريين حول مختلف القضايا وهو ركيزة أساسية فى بناء الفهم والوعى للنخب الفكرية والثقافية والإعلامية من ناحية وأيضاً للمواطنين البسطاء، والذى يجرى بلغة بسيطة وواضحة تخترق العقل والقلب وتقف حائط صد.
من المهم أن نكون كشعب على قلب رجل واحد، ويقيناً نستطيع أن نحافظ على هذا الاصطفاف ببناء وعى حقيقى وفهم صحيح وسياق لإدراك ما يدور حولنا، وأيضاً فى الداخل من أحداث وأزمات، وإنجازات ونجاحات، لأن هناك محاولات وحملات ورهانات من قوى الشر البائسة أمام قوة وقدرة الدولة المصرية على اختراق العقل المصرى بالأكاذيب والأباطيل وتزييف الوعى وهذه الرهانات الخاسرة والفاشلة لديها الإصرار على استمرار ترويج الأكاذيب، لذلك علينا أن نتمسك بإرادة الاستمرار فى إجهاض الكذب، وإبطال مفعوله سواء داخل الأسرة أو فى المسجد والكنيسة، أو المدرسة والجامعة، أو النقاشات والحوارات مع النخب الفكرية والإعلامية والثقافية من القامات الوطنية.
ما يجرى فى الجوار حول مصر وعلى مختلف حدودها فى جميع الاتجاهات الإستراتيجية هو أمر غير مسبوق، بل ومدبر ومخطط سواء لإشغال الدولة المصرية أو استدراجها وتوريطها، لكن الحقيقة أن هبة المولى عز وجل منحتنا قيادة وطنية شريفة تتسلح بالحكمة والثقة والصبر والفهم، بل والإلمام الاستباقى بتفاصيل كل ما يجرى وأهدافه الخبيثة وبالتالى امتلاك القدرة على اتخاذ القرار الصائب والرشيد المرتكز على حسابات دقيقة وتقديرات موقف علمية، وأوراق وبدائل وسياسات حكيمة، وجهود مخلصة لإطفاء الحرائق فى كافة اتجاهات الجوار جنبت مصر ويلات الاستدراج والتورط، فالقيادة السياسية تتمتع بعبقرية البصر والبصيرة لا تغامر بالبلاد والعباد، لذلك ما لدينا من قوة وقدرة وثقة وحكمة ورشد، يجعلنا نطمئن ولا يليق بنا أن نقلق على الإطلاق من أى تهديد خارجي، ولا حتى ما يدور حولنا من صراعات، وما يشتعل من حرائق، فبناء القوة والقدرة المصرية التى قادها الرئيس السيسى بحكمة ورؤية واستشراف للمستقبل جرى مبكراً فى استعداد استباقى وجاهزية لمجابهة مثل هذه التحديات والتهديدات لذلك وصلت الدولة المصرية إلى حالة قوة وثقة فى امتلاكها قوة الردع الرشيد والحكيم فلا تجرؤ أى قوة المساس بمصر وحدودها وأراضيها ومقدراتها وثرواتها أو العبث فى أمنها القومى لأنه رهان خاسر، لذلك ما لدينا من قوة وحكمة القيادة يدعونا لعدم القلق، وهو ما يحيل ويقذف بالكرة فى ملعبنا كشعب، أو بشكل محدد الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية وأن نكون على قلب رجل واحد متسلحين بأهم وأقوى سلاح وهو الوعى والفهم وهذا يستلزم منا عملاً وجهداً وإرادة قوية للاطمئنان على ذلك.
الحقيقة أن شمولية رؤية الرئيس السيسى فى بناء الوطن، والتركيز على بناء البشر والحجر معاً، والاهتمام غير المسبوق ببناء الإنسان المصرى ليس فقط فى تلبية الاحتياجات أو توفير كافة الخدمات والمتطلبات، ولكن أيضاً الاهتمام بأبعاد الوعي، والتعليم، والفكر، والفهم، وترسيخ مبدأ مهم للغاية وهو مسئولية المواطن نفسه فى بناء الوطن وحمايته والحفاظ على وجوده وأمنه واستقراره، وتحصين العقل الجمعى للشعب بالحقائق والمعلومات الصادقة والوعى الحقيقى والفهم الصحيح، فلا توجد مناسبة إلا ويتحدث فيها الرئيس السيسى موجهاً رسائل مهمة، توضح أين تقف مصر فى تلك اللحظة وإلى أين تتجه، وأحوالها بدقة وصدق والتحديات التى تواجه مسيرتها، والإنجازات والنجاحات التى تحققها لذلك وبثقة الرئيس يؤكد أنه لا خوف أو قلق من أى تهديد خارجى مهما بلغت سخونة المنطقة واشتعالها بالحرائق فنحن نقف على أرض صلبة من القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة، وأيضاً أهمية تماسك الجبهة الداخلية ووعى الشعب واصطفافه ووحدته من خلال تكاتف الجميع سواء مؤسسات الدولة وأجهزتها والإعلام والمثقفين والمفكرين فجميعنا مسئولون عن الحفاظ على هذا الوطن، وتأمين جبهته الداخلية وهو طريق وصمام الأمان للحفاظ على مصر وشعبها.
الحوار والنقاش، وسعة الصدر واستيعاب الجميع، وصدق الحديث، ودقة المعلومات وقوة الحقائق هى سبيلنا دائماً لقوة الجبهة الداخلية، وهى سر أسرار البقاء والبناء والتقدم على قاعدة الأمن والاستقرار الذى هو مسئولية الشعب بالدرجة الأولى فى ظل جهود الدولة غير المسبوق لتحقيق تطلعات الشعب.