ثقافة تعامل المواطن مع الأزمات.. لا تقل أهمية عن ثقافة الوعى العام لدى المواطن فى تعامله مع المخاطر والتحديات الجسيمة التى تحيط بالوطن من كل جانب.. ولا تقل أهمية عن بناء الوعى الوطنى فى تعامله مع وسائل الإعلام المختلفة من صحف وقنوات ممولة وتنفذ أجندة خارجية كأحد أذرع هدم الأوطان وإسقاطها من الداخل وبأيدى أبنائها.. ومواقع تواصل تديرها كتائب قوى الشر لتغييب الوعى وجر العقول إلى هوة سحيقة.. تنزع منك الثقة فى وطنك وقيادتك ونفسك وتسحبك إلى منطقة ظلامية فتغيب عن وعيك الوطنى وعن المخاطر الجسيمة التى تحيط بك.. فتغيب عن الواقع.. وتسبح فى بحور الضلال والإفك والأكاذيب التى تروج لها مواقع التواصل وكتائب التضليل ليل نهار.
.. لذلك فإن بناء الوعى الوطني.. وإدراك المواطن البسيط لخطورة المؤامرات التى تحاك ضد الوطن وأمنه واستقراره.. والحروب السياسية والاقتصادية التى يشنها أعداء الوطن تجاه البلاد وتجاه المواطن ذاته.. لأن الوطن هو الحياة.. وهو الأمن والاستقرار.. ولا حياة بلا وطن.. وإدراك المواطن أنه المستهدف الأول من حروب الجيل الرابع والخامس التى تعتمد أساساً على تمزيق وتفتيت الأوطان من الداخل وبأيدى أبنائها وباستخدام كل وسائل الإعلام من قنوات وصحف ومواقع وسوشيال ميديا.. باستخدام أيضاً بعض النخب والمثقفين من ذات المجتمع وذات الوطن وهو ما انفرد به الجيل الخامس من الحروب إلى جانب كل عناصر الجيل الرابع.. لذلك صار بناء الوعى الوطنى لا يقل أهمية عن بناء وتسليح الجيوش ولعل المنطقة العربية بأسرها قد عانت ومرت بتجربة قاسية ومريرة ومازالت منذ 1102.. وما أطلق عليه الغرب «ثورات الربيع العربي» بينما هى «نوات التدمير العربي».. حيث ساهم غياب الوعى الوطنى فى الانزلاق نحو «الفخاخ» التى نصبها أعداء الأوطان وقوى الشر.. لإسقاط الأوطان تحت شعارات وهمية روج لها المخططون والمتآمرون باسم «العيش ـ الحرية والديمقراطية».. وعندما سقطت الأوطان وتمزقت الشعوب وصارت أطلالاً وبقايا دمار استيقظ البشر على خراب ودمار وعدو ينعم بثروات البلاد.. بينما لم يحيوا حياة من الأساس.. ولم يعد هناك وطن ولا عيش ولا حرية ولا ديمقراطية.. وذهبت الأوطان.. وولى الأمن والاستقرار.. وغابت الحياة.. وصار أمل الأحياء من بقايا الشعوب التى كانت ملء السمع والبصر أن يعيشوا يوماً بلا انفجار أو لحظة يشعرون فيها بالأمن.
>>>
ولعل اللحظة الفارقة فى تاريخ الأمة العربية فى ظل المخاطر والتحديات والمؤامرات غير المسبوقة التى تعيشها الأمة العربية خلال هذه المرحلة.. تكون صيحة الإيقاظ التى تعيدنا إلى وعينا وتوقظنا من غفوة حُسن النوايا فى العيش بسلام فى النظام العالمى ومنظماته التى طالما صدعت الرؤوس بتقارير حقوق الإنسان.. وتطبيق القوانين الدولية والإنسانية.. وصراع الحضارات.. وديمقراطية الأنظمة.. بينما الواقع ومجريات الأحداث.. تؤكد أن هذا النظام العالمى يعود بسرعة الصاروخ نحو قانون الغاب حيث يأكل الأسود الغزلان.. ويلتهم التمساح صغار الأسماك وتعيش الحيات على صغار الجرذان.. ولم يعد هناك قانون دولى ولا منظمات حقوقية ولا إنسانية.. ولا بقاء إلا لمن يملك قوة الردع.. وربما يكون عالم الغاب.. أرحم كثيراً من عالم اليوم.. الذى تستبيح فيه القوى الكبرى التهام الأوطان بالشعوب.. ولم تعد هناك نوايا سوداء تحت الرايات البيضاء.. وكل شيء على المكشوف.. وصارت القوة هى السلاح لمن أراد قتالاً.. وهى اللسان لمن أراد كلاماً.. ولم يعد للقانون وجود ولا للإنسانية بقاء.
إن بناء الوعى الوطني.. وتماسك الشعوب ووحدتها خلف قيادتها هو السياج القوى الذى يحمى الأوطان وأمنها.
>>>
ومن المهم جداً.. بناء ثقافة التعامل مع الأزمات لدى الشعوب.. فبجانب بناء الوعى الوطني.. يجب أن يكون هناك وعى الشعب فى مواجهة المراحل العصيبة التى يمكن أن تواجه الأمة.. سواء كانت الأزمات ناتجة عن حروب أو حتى كوارث طبيعية.. فعند وقوع زلزال مثلاً أو فيضانات مدمرة مثلما يحدث كثيراً فى بعض البلاد الآسيوية.. يجب أن يكون كل فرد فى المجتمع واعياً.. ومسلحاً بثقافة التعامل مع الأزمات.. ويرشد سبل حياته فلا يتكالب على سلعة.. ولا يرفع سعراً.. ولا يحتكر سلعة.. ولا يلعن زمناً ولا حكومة وإنما يستطيع تكييف حياته مع الظروف الطارئة التى يعيشها وطنه.. ويكون عنصراً فعالاً وبناء فى تجاوز الأزمة دون ضجر أو خلق أزمات.