كان وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس يتابع مع أكثر من 800 شخصية بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء دفاع وأمن ورؤساء اجهزة استخباراتية ومفكرين وباحثين من معظم دول العالم، كلمة نائب الرئيس الأمريكى جيه دى فانس فى مؤتمر ميونخ للأمن، وتوقع الحضور ان تدور كلمة الرجل الثانى فى الولايات المتحدة حول التحديات الأمنية والجيوسياسية التى تواجه العالم الذى يموج بالصراعات والحروب بشكل غير مسبوق، لكن المسئول الأمريكى الكبير عصف بكل هذه التوقعات، حينما وقف بمنتهى الثقة والشموخ ليهاجم حلفاءه الأوروبيين بمنتهى القسوة والعنف ويوجه لهم حزمة من الانتقادات شديدة الحدة وغير مسبوقة.
>>>
يقول فانس، إن الخطر الذى يواجه قاراتكم الآن لن يأتيكم من الخارج لا من الصين ولا من روسيا وإنما الخطر الحقيقى الذى يجب أن تنتبهوا إليه جيداً هو الخطر من الداخل، غياب وخنق الحريات وضعف وهشاشة الديمقراطية وخيانة القيم التى تشاركنا فيها عبر الأطلنطى هو الخطر الذى بات يهددكم، نائب الرئيس الأمريكى جاء مشبعاً بأفكار الرئيس ترامب، حيث الدفاع المستميت عن اليمين واليمين المتطرف الصاعد بقوة فى أرجاء أوروبا وشن هجوم كاسح على الدول والأحزاب التى تفتح أبواب بلدانها الأوروبية للمهاجرين واللاجئين بشكل لم يعد مقبولاً بالنسبة للولايات المتحدة.
>>>
وأضاف فانس أن من بين كل خمسة أوروبيين سنجد واحداً منهم – على الأقل – مهاجراً جاء من مكان آخر، ثم كان الهجوم على المباشر والمباغت على بريطانيا وبلجيكا والسويد وألمانيا نفسها التى تستضيف المؤتمر بحجة قيام هذه الدول بالاعتداء الصارخ على قيم الحرية وعدم السماح لليمين الأوروبى بالتعبير عن آرائه المناهضة للهجرة والإجهاض، وعلى سبيل المثال تحدث فانس عن إلغاء المحكمة العليا فى رومانيا لنتائج الانتخابات نتيجة تقرير استخباراتى غير مؤكد وذلك بعد تقدم المرشح اليمينى فى نتائج هذه الانتخابات، كان فانس يتعامل مع الأوروبيين بتعال شديد وكأنه يعطيهم دروساً فى القيم والمبادئ، ولم تكن هذه الطريقة وهذا الأسلوب مستساغاً من الولايات المتحدة حتى لأعدائها اللدودين مثل الصين وروسيا.
>>>
كان يُخيل إليَّ أن نائب الرئيس الأمريكى يخاطب زعماء دول معادية وليس حلفاءه الأوروبيين، لقد بدا فانس كحفيد شاب يقف أمام جده العجوز يقدم له النصائح والتى سبق وكافح هذا الجد فى تعليم وتربية أبنائه عليها، لقد شعر الأوروبيون بالإهانة الشديدة فوقف وزير الدفاع الألمانى غاضباً ومعترضاً وقال «سيداتى ساداتى هذا أمر غير مقبول»، أما وزير خارجية فرنسا فقال «لا أحد ملزم باعتماد نموذجنا، لكن لا أحد يمكنه فرض نموذجه علينا» أما المستشار الألمانى شولتس فقال «لن نقبل تدخل الغرباء فى ديمقراطيتنا وفى انتخاباتنا، وفى التشكيل الديمقراطي، هذا غير لائق وخصوصاً بين الأصدقاء والحلفاء.. نحن نقرر بأنفسنا كيف ستمضى ديمقراطيتنا، نحن واضحون تماماً فى أن اليمين المتطرف يجب أن يظل خارج عملية صنع القرار السياسى وأنه لن يكون هناك تعاون معه.
>>>
هنا يلمح المستشار الألمانى إلى حزب البديل من أجل ألمانيا وهو الحزب اليمينى المتطرف وهو الحزب الذى تدعمه الولايات المتحدة، حيث تجرى الانتخابات التشريعية الألمانية خلال أيام ومن المتوقع أن يحل حزب البديل ثانياً وفقاً لاستطلاعات الرأى العام قبل انطلاق الانتخابات بأسبوعين، بعيداً عن كل هذه التفاصيل نذهب مباشرة إلى بيت القصيد والعنوان الكبير هنا وهو «حاضر ومستقبل العلاقات الأوروبية – الأمريكية فى ظل الصعود المتنامى لليمين واليمين المتطرف حول العالم، وكيف يمثل هذا الانشطار فى الكتلة الغربية عبر الأطلنطى فرصة لمن يستوعب أبعاد هذه التباينات التاريخية؟