العلاقات التى تجمع بين الشقيقتين مصر والأردن نموذجاً للعلاقات بين الأشقاء وأيضاً مثالاً يحتذى به فى العمل العربى المشترك لما يجمع البلدين من تنسيق دائم ومستمر، وتوافق فى الرؤى والمواقف ووجهات النظر، وهذه الدلالات تتميز بالانفتاح الشامل فى كافة المجالات، وعلى مختلف الأصعدة، وما يجمع الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك عبدالله الثانى بن الحسين العاهل الأردنى من علاقات إخوة وصداقة تستشعرها من خلال اللقاءات المستمرة بين الزعيمين، وأيضا الاتصالات التى لا تتوقف سواء فى الإطار الثنائى أو التنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وأيضاً ما يجمع الشعبين المصرى والأردنى من محبة وأخوة، والمصريون فى الأردن يعتبرون أنهم موجودون فى بلدهم الثانى وكذلك الشعب الأردنى الشقيق، وهنا أقول، علاقات مصر والأردن على كافة الأصعدة أكبر بكثير من محاولات الوقيعة أو التعكير، أو بث الفتنة، لأنها علاقات راسخة تقوم على الثقة المتبادلة، والمصداقية، ورأينا كيف يتحدث الزعيمان الرئيس السيسى، والملك عبدالله الثانى عن الأردن، وعن مصر، ولا يفوتنى حديث الملك عبدالله، عندما سأل عن مصر وقيادتها السياسية، كان ومازال رائعاً مطالباً بالدعم والمساندة لما يواجه مصر من تحديات وكأنه يتحدث بلسان مصرى بين، هذه هى العلاقات النموذجية، التى تستشعر فيها الشراكة والأخوة والمحبة، بين قيادتين تاريخيتين وشعبين شقيقين.
وربما الحديث فى هذا المقال يستهدف الحملات المسعورة من أعداء الأمة العربية، والتى حاولت النيل والتشويه من زيارة العاهل الأردنى إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولقائه بالرئيس دونالد ترامب، ولم يخرج العاهل الأردنى عن الموقف الأردنى والعربى الثابت والراسخ تجاه القضية الفلسطينية، والرفض الحاسم والقاطع لمخطط تهجير الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة إلى مصر والأردن، وهما الدولتان المستهدفتان بهذا المخطط الشيطانى وهما أيضاً الأكثر ارتباطاً بملف القضية الفلسطينية وإن كانت هى قضية العرب المحورية، وهى ذات شأن واهتمام وقرار عربى لا تخرج أى دولة عربية عن هذا السياق فما بالنا من مصر والأردن.
العاهل الأردنى، رجل شديد الأدب واللباقة والحنكة، لكنه لم يفرط أو يتهاون فى الموقف العربى الموحد، وأيضا المصرى – الأردنى الحاسم والواضح برفض مخطط تهجير الفلسطينيين سواء لمصر والأردن أو لغيرهما، وقال بالحرف الواحد دعونا ننتظر خطة مصر ورؤيتها وهى الشقيقة الكبرى، ومغزى هذا المعنى المتفق عليه بين القاهرة وعمان وهو إعادة إعمار قطاع غزة، مع عدم تهجير الفلسطينيين وبقائهم على أرضهم دون تهجير فى تزامن مع عملية إعادة الإعمار وأن العرب سيطرحون رؤيتهم وموقفهم.. إذن ما هو الغريب والعجيب فيما قاله الملك عبدالله.. كلامه وتصريحاته واضحة مثل الشمس الساطعة لم يحد عن موقفه لكن الحملات الإخوانية وخلايا الصهاينة الاليكترونية وكتيبة المستعربين، حاولت تشويه الموقف الحاسم والقاطع وليس ذنب الملك عبدالله هو سوء وتحريف أحاديثه الواضحة بأخطاء فى الترجمة، كما أنه أعلن فى اللقاء الثنائى مع الرئيس ترامب الموقف الأردنى بشكل واضح وهو رفض التهجير للفلسطينيين سواء لمصر أو الأردن أو لأى مكان آخر، وأن بقاء الفلسطينيين على أرضهم هو قرار ورؤية وإرادة البلدين ودول الأمة العربية، وشعوبها.
تصريح الملك عبدالله الثانى عن استعداد استقبال الأردن لـ2000 طفل فلسطينى مصابين بالسرطان هو عمل إنسانى ينطلق من روح الأشقاء والدعم العربى الذى تتصدره القاهرة وعمان للأشقاء الفلسطينيين الذين يواجهون ظروفاً ومعاناة إنسانية مأساوية ومصر تستقبل المرضى والمصابين والجرحى الفلسطينيين وهذا واجب كل عربى، ولا يخرج عن الدور والموقف المصرى والأردنى الثابت والشريف، فمنظومة الرعاية الصحية انهارت تماماً فى قطاع غزة ولابد من تدخل صحى وعلاجى سريع لأصحاب الأمراض الصعبة، وأيضاً الضحايا من المصابين والجرحى، بسبب حرب الإبادة والقتل العشوائى الذى مارسه جيش الاحتلال.
الأردن الشقيق، وليس دفاعاً عن موقفها وثوابتها ولكن إحقاقاً للحق منذ اللحظة الأولى للعدوان، والذى أعلنه الملك عبدالله الثانى فى جميع خطاباته وتصريحاته، ويجسد موقف المملكة الأردنية الهاشمية بضرورة وقف العدوان وإطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وأيضا التأكيد على صعيد الموقف الأردنى الاستراتيجى، فإنه لا تهجير للفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة إلى مصر والأردن أو لأى مكان آخر، وأنه لا بديل من حل القضية الفلسطينيية، وإنهاء الصراع سوى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينيين المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية فى تطابق وموقف واضح مع موقف الدولة المصرية، وهذا ما أكد عليه العاهل الأردنى فى اللقاءات الثنائية، والقمم العربية والدولية بشأن القضية الفلسطينية أو بحث وقف العدوان الإسرائيلى، وأيضا أكد هذا الموقف مراراً وتكراراً وزير الخارجية أيمن الصفدى وهو موقف رسمى وشعبى.
اتصـال الملك عبداللــه الثـانى بن الحســين بشــــقيقه الرئيس عبدالفتاح السيسى كان ومازال صفعة قوية على وجه الحملات المسعورة التى أطلقت العنان للأكاذيب والتشويه والتشكيك فقد أكد الزعيمان على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين، والتنسيق المشترك الدائم والمستمر فى كافة القضايا الإقليمية بما يصب فى مصلحة البلدين الشقيقين ويدعم جميع مصالح الشعوب العربية وأتوقف عند بعض رسائل الاتصال الحاسمة والواضحة كالتالى.
أولاً: وحدة الموقفين المصرى والأردنى، وهو رفض قاطع وحاسم لمخطط تهجير الفلسطينيين بل وفى مختلف القضايا الإقليمية.
ثانياً: على مستوى المشهد الحالى فى غزة التأكيد على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، ومواصلة إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين وتيسير إدخال المساعدات الإنسانية.
ثالثاً: على مستوى الموقف الاستراتيجى الثابت للبلدين الشقيقين – التأكيد على أهمية بدء عملية إعادة الإعمار فى قطاع غزة بشكل فورى مع عدم تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه.
رابعاً: وقف الممارسات التى تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلى فى الضفة الغربية، والتأكيد على حرص الزعيمين على التعاون الوثيق مع الرئيس دونالد ترامب بهدف تحقيق السلام الدائم فى الشرق الأوسط وقيامه بقيادة مسار يؤدى إلى هذا الهدف المنشود.