إذا عدنا خطوة للخلف وتذكرنا ذكرى وعد بلفور المشئوم وما تسببت فيه بريطانيا بعد وعدها لليهود بإنشاء وطن قومى لهم، ففى البداية لابد أن نصحح المفاهيم والمسميات لأن المسمى الصحيح له (تصريح سياسى وليس اتفاقًا دوليًا) لمخالفته شروط وقواعد الاتفاق الدولى، فلكى يصبح اتفاقا دوليا يجب أن يكون أطرافه من أشخاص القانون الدولى العام وهو لا يتوافر من جانب اليهود لانتفاء الصفة، وبرغم توافر تلك الصفة من جانب بريطانيا إلا أنها لا تملك أى سلطة قانونية أو سيادة على فلسطين.. وهناك قاعدة قانونية نصها «كل ما بُنيَ على باطل فهو باطل» لذا كل ما ترتب على ذلك الوعد فهو باطل، ودفعت فلسطين ثمن ذلك الوعد حتى يومنا هذا، فعقب ذلك الوعد فتحت بريطانيا الهجرة لليهود لفلسطين وتم تشريد الفلسطينيين، ومارسَ اليهود العنف تجاه الفلسطينيين من قتل وخراب ودمار لتشريدهم من وطنهم، وتعتبر كل من بريطانيا وأمريكا مسئولتين مسئولية مباشرة عن الاحتلال انطلاقًا من وعد بلفور، فقد شكل صك الانتداب البريطانى على فلسطين الركيزة الأساسية للعدوان والاحتلال والاستيطان الصهيونى، كما شكل الفيتو الأمريكى قوة الدعم للاحتلال والعدوان الإسرائيلى، حيث إن أمريكا تملك حقها من التصويت بنسبة 20٪، وهو ما يضعف من موقف القضية الفلسطينية ولا يساهم فى حلها دائمًا أمدًا!
ودعونا نتذكر ما تسبب فيه الفيتو الأمريكى من إضعاف دور وموقف مجلس الأمن تجاه ذلك العدوان! فحتى يومنا هذا لم يمارس مجلس الأمن أيًا من صلاحياته تجاه العدوان الإسرائيلى كما فعل فى احتلال العراق للكويت، وما يتعلق أيضا بالقضية الليبية (أزمة لوكيربي) وم حدث بعد انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية واعتقدت حينها ان ذلك لن يجلب حق فلسطين ولن يفيد فى حل القضية الفلسطينية وهذا هو ما حدث! ، فممارسة المحكمة اختصاصها فى الوضع الفلسطينى يكون من خلال الإحالة من قبل مجلس الأمن، ونحن على علم بموقف مجلس الأمن السلبى من القضية الفلسطينية بسبب الفيتو الأمريكي! .
فكان من الممكن أن تمارس المحكمة اختصاصها عن طريق مباشرة المدعى العام التحقيق من تلقاء ذاته فى أى من الجرائم المقترفة، والمواقف السابقة توضح موقفه تجاه القضية الفلسطينية فكان بالإمكان أن يمارس هذه الصلاحية فى العام 2009 فى ضوء النتائج التى توصلت إليها آنذاك لجنة التحقيق المشكلة من قبل مجلس حقوق الإنسان، وهو ما يعرف بتقرير جولدستون كما ذكره البعض، أما الحديث عن الاعتذارات التى تحدث عقب الاعتداء فلن يحدث!؟ فالاعتذار فى القانون الدولى يترتب عليه العديد من النتائج وأيضًا يعتبر بمثابة إقرار منها بمسئوليتها تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما تتفهمه بريطانيا مما يجعلها ترفض فكرة الاعتذار، فمن ضمن النتائج المترتبة على الاعتذار: عودة الحال إلى ما كان عليه وهو أمر صعب حدوثه! وكان البديل حينها دفع بريطانيا التعويضات للشعب الفلسطينى، قصدت من العودة لأحداث الماضى لأذكر الجميع موقف بعض الدول من القضية الفلسطينية منذ القدم؛ ولنعلم أيضا أن مصر ستظل العقبة الكبرى والحصن القوى للدول العربية؛ حمى الله وطنى العظيم مصر تحت القيادة السياسية الرشيدة الحكيمة ابن مصر البار عبدالفتاح السيسى وتحت حماية وأمن الجيش المصرى الدرع الحامية لمصر وفى حماية الشعب المصرى فشعب مصر فداء لمصر وشعب مصر بأكمله يرفض تهجير الفلسطينيين؛ أما الحديث عن القضية الفلسطينية فلن ينتهى، فهى محصورة بين وعدين وعد بلفور المشئوم ووعد الله الحق!