كان موت العقاد صدمة قاسية لجميع مريديه، منهم أنيس منصور الذى أورد فى كتابه «فى صالون العقاد كانت لنا حكايات»، تفاصيل دقيقة ونادرة ومثيرة حول ملابسات الأيام الأخيرة فى حياة العقاد، ينقل أنيس منصور ما رواه له الأديب والكاتب كمال الملاخ بنفسه عن تلك المكالمة المثيرة بينه وبين العقاد قبل وفاته، التى تحؤَّلت إلى معركة حامية الوطيس بين القامتين، حيث انتهت بإغلاق كليهما الهاتف فى وجه الآخر فى نفس اللحظة، عن هذه الواقعة يقول كمال الملاخ: «إننى حزين على وفاة هذا الرجل العظيم، وآسف لهذه المناقشة الحادة التى دارت بينى وبينه قبل أن يموت. فقد طلب منى المخرج عاطف سالم أن أتوسط له لدى الأستاذ العقاد لكى يخرج رواية (سارة)، ثم التقى الرجلان العقاد وعاطف سالم فى مكتبة الأنجلو، ووافق الأستاذ على عرض المخرج، ولكنه لم يجرؤ أن يسأله عن الأجر الذى يريده.. فطلب منى عاطف سالم أن أسأل الأستاذ بنفسى عن طريق التليفون، يقول الملاخ اتصلت بالأستاذ وبعد التحيات قلت له: المخرج يريد أن يعرف كم تريد أن تتقاضى أجراً عن روايتك؟
قال الأستاذ: أتقاضى ما يتقاضاه طه حسين لا أكثر ولا أقل، ولكن لعلك تعرف أن روايتى ليست بها أحداث، إنها تحليلية، ولا أعرف كيف يمكن إخراجها، ولا من هى الممثلة التى تؤدى هذا الدور.
أجبته بسرعة: أرشح مديحة يسري، فهى أقدر من أية واحدة أخري، لكننى سأدخل بعض التعديلات على الرواية الأصلية.
وهنا حدث ما لم أتوقعه، حيث رد الأستاذ عليَّ محتداً وغاضباً: ما هذا الذى تقول، إننى لا أحب أن أتعامل مع مثلك من الجامعيين الأجلاف!!
هل تعرف من الذى تكلمه؟
أنت تكلم العقاد يا أفندي!!
فرددت عليه بنفس النبرة والحدة والغضب:
– وأنت أيضاً تكلم الملاخ يا أستاذ إذا كنت أنت العقاد فأنا كمال الملاخ!!
فرد العقاد وهو فى قمة الغضب:
ومن تكون أنت يا هذا، العقاد هو الأهرام.. وأنت تتسول أمام الأهرام.
إن أقصى ما تستطيعه هو أن تشير بإصبعك إلى الأهرام، فإذا فعلت ذلك فأنت تستحق أعلى جائزة أدبية، فقط لأنك أشرت إلى الأهرام.. هذه حدودك أنت وغيرك».
وهنا أغلق كل منا الهاتف فى نفس اللحظة.. رحم الله قاماتنا الأدبية الذين تركوا لنا ما نحكيه ونسعد به حتى الآن.