أمن الكيان الصهيوني والحفاظ عليه دون تهديد كان الهاجس الذي أقلق زعماء العصابة الصهيونية منذ اكمال اغتصاب أرض فلسطين عام 1948وظل يؤرقهم طيلة العقود الماضية بغض النظر عن فوزهم ببعض جولات المواجهة مع العرب لماذا؟ لأنهم يدركون حقيقة لاتغيب عن فكرهم وذهنهم وهي انهم اغتصبوا ارضاً ليست ارضهم وشردوا شعبا بالكامل وان هذه الأرض التي اقاموا عليها كيانهم ارض بيت المقدس والمسجد الأقصي مسري نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ومهد سيدنا عيسي عليه السلام وكنيسة القيامه وان كل العرب والشعب الفلسطيني لن يتنازلوا عن ارضهم مهما طال الزمن ومهما حدث ولذلك ينام العالم كله آمنا لكن الكيان الصهيوني لاينام ولا تغفل له عين خشية أي مفاجأة تهدد امنه واذا لم تحدث المفاجأة يختلق اسباب التوتر ويقوم بالعدوان تلو العدوان حتي يستطيع ان يعيش في وسط يدرك حقيقة واهداف انشائه في هذه المنطقة التي تتوسط الوطن العربي ويعرف تماما الوظيفه التي علي الكيان القيام بها لصالح قوي الاستعمار وتحالف الشر.
«الحدود الآمنه بلا سلام افضل من السلام بلا حدود آمنه» هذا ما قاله ايجال آلون أحد أبرز أعضاء العصابة الصهيونية قبل وبعد قيام الكيان الصهيوني عمل وزيرا للدفاع والخارجية وصاحب نظرية في الأمن القومي اعتمدت عليها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في رسم توجهاتها الإستراتيجية خلال أربعة عقود ولم ينفرد آلون وحده بمثل هذه الافكار المتطرفه وانما كل من شغل منصبا في اسرائيل وكل صهيوني هاجر إلي اسرائيل تشبع بمثل هذه الافكار الصهيونية التي تم صبغها بالصبغة الدينية وفقا للاساطير والاوهام والبروتوكولات الصهيونية التي اخترعوها حتي تبدو وكأنها عقيدة دينية يخلقون بها الجماعات والحركات المتعصبة والمتشددة لكي ينجح مخططهم في ترويج وتسويق اكذوبة «مظلمتهم» واوهامهم عن الشتات والعودة والمحرقه وبالطبع أصبح هناك ما يسمي بالصهيونية الدينية التي يعتنقها اليمين الاسرائيلي المتطرف وفي الحقيقه ان ما يعيش بالكيان الصهيوني كلهم متطرفون يؤمنون بالصهيونية الدينية ولا فوارق جوهريه بين يمين متطرف ويسار وليبرالي كلهم صهاينه يعيشون في كيان يحاولون تسويقه علي انه ديموقراطي وهو لا يمت للديموقراطية بصلة لكن يصدرون هذه «الكذبة» إلي الغرب باعتبارها التجارة الرائجة في الغرب ويتاجرون بها في الاعلام الغربي لابتزازه وبالفعل النخبه السياسيه الحاكمه في الغرب تصدق ان اسرائيل كيان ديموقراطي بل وانها«الدوله» الوحيدة الديموقراطيه في الشرق الاوسط وهي فعلا ديموقراطيه بمعاييرهم وأفكارهم العنصرية والاستعمارية والصهيونية.
والعدوان علي قطاع غزة يأتي في هذا السياق لحماية امن الكيان وما يسمي حدوده الآمنه ومن يهدد هذه الحدود في هذه الحقبه هي المقاومه الفلسطينية فاذن لابد من القضاء عليها اذ لن يكون هناك امن ولا حدود آمنه طالما هناك تهديد يتمثل في وجود المقاومة علي بعد امتار وهذه الحرب ليست حربا علي حماس ولا للتخلص من قيادتها بالقطاع ولا لتخليص الاسري فقط وانما هي حرب من اجل حماية امن الكيان الصهيوني الذي تعرض لاخطر تهديد واختراق يوم 7 أكتوبر لم يحدث منذ نشأته بل كشف كل عورات النظام الامني الصهيوني بكل ادواته التي كان يتباهي بها من الجيش الذي «لا يقهر» الي اجهزة المخابرات الخارجية والداخلية التي انكشف عنها الغطاء وتعرت و«بانت»علي حقيقتها بعد فشلها في معرفة أي معلومات عن ترتيبات واستعدادات المقاومه لتنفيذ اجتياحها تلك الحدود الآمنه واختراقها النظام الامني الحديدي الذي تبين انه نظام امني من»الصفيح»وانه مع المقاومه لا تجدي حدود آمنه ولا نظام «حديديا».
ومن يعرف ذلك يدرك لماذا حدثت حالة الهياج التي اصابت زعيم العصابه الصهيونية ومساعديه ودفعتهم للقيام بعدوان غير مسبوق لتفريغ ارض غزة من البشر والحجر بالتجريف والحرق والتدمير والتخريب واقتراف كل انواع جرائم الابادة الجماعية والتهجير القسري دون ان يستمع لأي اصوات اونصائح واتبع الاستراتيجيه الصهيونية التي تعتمد علي تفريغ الارض من سكانها وهي الاستراتيجيه التي صاغها بوضوح «كبيرهم» ديفيد بن جوريون وتقول بـ «ضرورة ان يحافظ اليهود في القدس وفي كل ارجاء فلسطين علي كل ما تملكه ايديهم كما يحظر علي اي يهودي ان يغادر منزله أو مستوطنته أو مزرعته أو مكان عمله من دون اذن كما يتوجب عن كل بؤره استيطانية أو منطقة مهما كانت معزولة كما لو انها تل ابيب ذاتها «ويسير نيتنياهو علي خطي ايجال آلون عندما قال ان الأمن «الاسرائيلي» لا يتحقق بالضمانات الدولية ولا بالقوات الدولية ولا بمعاهدات السلام إنه يتحقق فقط بالأرض تلك الأرض التي تصلح كقواعد صالحة للهجوم الإسرائيلي في المستقبل».
نيتنياهو الفاشل لا يتورع عن ترويج الاكاذيب التي تحاول ان توقف انهيار وضعه السياسي وتنقذ مستقبله الغامض ويلقي بمسئولية فشله في توفير الامن للاسرائيليين وفي تحقيق اياً من أهداف عدوانه علي دول اخري ولن يوقف الحرب الا مرغما وقد توفرت كل الظروف الداخلية والخارجية التي ستجعله مجبرا اعلان انسحابه من الحكومه واختفائه من الحياة السياسية وسيزج به في السجن قبل ان يأتي الربيع وسيحمٌلونه عار الهزيمة امام المقاومه بعد ان يجد الغرب للكيان الصهيوني مخرجا اعلاميا لا يبدو فيه لا مهزوما ولا منتصرا بعد ان استحالت هزيمة المقاومة.