.. قررت الدولة رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص إلى 7 آلاف جنيه بدلاً من 6 آلاف اعتباراً من أول مارس القادم.. وذلك لحماية القوة الشرائية للأسر ومواجهة التغيرات الاقتصادية والتضخم وارتفاع الأسعار.
.. والسؤال المهم هل سيلتزم القطاع الخاص بالحد الأدنى الجديد الذى حددته الحكومة والمجلس الأعلى للأجور.. خاصة أن أغلب الشركات والمؤسسات والمصانع والمدارس لم تمنح العاملين بها لا الحد الأدنى السابق البالغ 6 آلاف جنيه ولا الأسبق الذى كان 3500 جنيه؟!
.. وإذا كان هذا هو حال معظم الشركات والمصانع والمدارس الخاصة الكبرى فما بالنا بباقى مؤسسات القطاع الخاص مثل الورش والمحلات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والذين يعملون كأفراد الأمن فى المنتجعات والقرى السياحية وعمال الفنادق وغيرهم؟!
يبلغ عدد العاملين فى القطاع الخاص أكثر من 24 مليون عامل وفقاً لآخر بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء.. وللأسف الشديد فإن ما يزيد على 80٪ منهم لا يتقاضون الحد الأدنى من الأجور رغم قرارات الحكومة وهو ما يستدعى ضرورة تشديد الرقابة على المنشآت الخاصة لضمان حصول العاملين على حقوقهم التى كفلتها لهم الدولة.. ويكفى أن الكثيرين منهم لا يتمتعون بالتأمينات الاجتماعية ولا الصحية ولا يحصلون على العلاوات ولا الترقيات مثل أقرانهم العاملين فى الحكومة وقطاع الأعمال.. وهو ما يؤكد ضرورة تطبيق قانون العمل 12 لسنة 2003 انتظاراً لصدور قانون العمل الجديد الذى سحبته الحكومة من مجلس النواب لتعديله وإعادة صياغته ولم يعد للبرلمان لإقراره حتى الآن!!
تعتمد الدولة فى خطة التنمية على القطاع الخاص ومن هنا تأتى أهمية ضمان الأمن والأمان الوظيفى للعاملين به وضمان حصولهم على الرواتب العادلة التى تعينهم وعائلاتهم على الحياة الكريمة.. وهذا يستدعى العمل على تنفيذ قرارات اللجنة العليا للأجور بكل دقة وشفافية على منشآت القطاع الخاص الكبرى التى تتحمل هذا العبء أمام المنشآت التى لا تستطيع فعلاً فيمكن إنشاء صندوق لتعويض العاملين عن الفروق.. وهناك مصادر وموارد متعددة لتمويل الصندوق مثل تحصيل رسم عند إنشاء كل منشأة خاصة أو عمل طوابع بجنيه عند بيع كل سلعة تنتجها مصانع القطاع الخاص أو توريد مبلغ عند التصدير بالإضافة إلى تبرعات الشركات الكبرى وإذا كانت الرسوم تحتاج إلى لوائح وقوانين فيمكن أن تقوم الحكومة ووزارة القوى العاملة ومنظمات الأعمال وجمعيات المستثمرين التقدم بمشروع قانون بذلك لمجلس النواب من أجل انصاف العاملين فى المصانع والشركات والمؤسسات والمدارس الخاصة!!
المهم موقف العرب!!
تعودنا على عدم تصديق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حينما يتكلم.. فقد دأب على التحدث بعنف ويصدر قرارات صادمة.. ثم ما يلبث أن يعود عنها بعد 24 ساعة بشرط أن يشعر أن من أمامه قوياً وأن رد فعل من كان القرار ضده سوف يكون أعنف!!
منذ دخوله إلى البيت الأبيض يطلق ترامب بالونات اختبار لقياس قوة منافسيه فهو يتفنن فى خرق القانون الدولى ولا يحترم ثوابت العلاقات الدبلوماسية.. وكان هذا واضحاً حينما طالب بضم كندا وشراء جزيرة جرين لاند واحتلال قناة بنما.. وكان جاداً عندما فرض رسوماً جمركية على صادرات الصين والمكسيك وكندا.. ولكنه سرعان ما تراجع عما قاله.. كما أجل فرض الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا لمدة شهر بعد اتصال قيادات البلدين به وسيفعل ذلك بالتأكيد مع الصين عندما يتواصل معه الرئيس الصينى لأنه لا يريد حرباً تجارية!!
يتراجع ترامب عما يقوله وعن قراراته عندما يتأكد من قوة من أمامه وأن بلاده ستخسر كثيراً لو استمر فى عناده.. ولكنه يتعامل وكأنه رجل أعمال يدخل فى صفقة ويريد أن يحقق منها أكبر ربح أو يقلل من خسارته لأقصى حد.. ولا يهمه أن يتراجع فى كل مرة عن كلامه.
لا يترك ترامب أى فرصة دون أن يستغلها لتحقيق مكاسب لشخصه أولاً ثم لبلاده.. كما أنه يستغل ضعف وخوف الآخرين من تهديداته لفرض رأيه فحتى أوكرانيا التى انهكتها الحرب مع روسيا فإنه يبتزها ويطالبها بمنح بلاده معادن نادرة موجودة فى أراضيها وذلك مقابل المساعدات التى تحصل عليها من الولايات المتحدة فهو لا يقدم شيئاً دون مقابل.. وعلى الجميع أن يدفعوا ثمن ما يحصلون عليه من أمريكا سواء من الأموال أو الأسلحة أو أى معونات أخرى.. ولأن الرئيس الأوكرانى زيلينسكى فى موقف صعب فإنه رد مباشرة على ترامب وقال إنه يرحب بالاستثمارات الأمريكية فى مجال المعادن النادرة.. فما كان من ترامب إلا أن تمادى.. وقال إن أوكرانيا قد تكون يوماً جزءاً من روسيا!!
يتباهى ترامب بأنه من نقل سفارة أمريكا للقدس.. وهو الذى اعترف بسيادة إسرائيل عن هضبة الجولان السورية.. ولا يخفى أنه «صهيونى» حتى لو بدا وكأنه يدافع عن حقوق الإنسان وأنه رحيم بأهل غزة عندما يقول «من غير الإنسانى إجبار الناس على العيش بأرض غير صالحة للحياة.. ويجب نقلهم إلى مكان جديد وجميل».. وهو هنا يلقى ببالونة اختبار لدى رد فعل الآخرين والأهم أنه يؤكد لأصدقائه من الصهاينة أنه فعل من أجلهم كل شىء ولكن الظروف لم تسمح بذلك لاعتراض كل دول العالم وعلى رأسها الدول العربية خاصة مصر والأردن والأهم رفض الشعب الفلسطينى للتهجير وتمسكهم بأرضهم!!
لن يتخلى ترامب تماماً عن هذه الفكرة إلا إذا قوبلت تصريحاته بموقف عربى صلب وبإجراءات قوية خاصة ان العرب يمتلكون من أوراق القوة والضغط أكثر مما تملكه أمريكا.. ولابد من تذكير ترامب بأن من دمر غزة وحولها إلى حطام وإلى مكان لا يمكن العيش فيه هو هذا الشخص الذى استقبله وصافحه وكان يجلس بجواره فى البيت الأبيض منذ أيام إنه بنيامين نتنياهو.. فكيف يقف ترامب مع رغبات هذا السفاح المغتصب إذا كان يريد كما يقول أن يحقق السلام فى العالم ويحصل على جائزة نوبل.. ولماذا لا يفكر الرئيس الأمريكى فى استضافة الإسرائيليين فى بلاده وترك فلسطين للفلسطينيين؟!
بدأ الرئيس ترامب تهديداته بأن بلاده ستسيطر على غزة ثم قال إنها ستشتريها وأخيراً أعلن أن أمريكا ستدير غزة.. وشجعت مواقفه نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل على التبجح والادعاء بأن مصر تحاصر الفلسطينيين.. وواصل الاثنان تهديدهما لحماس وأهل غزة وبتحويل المنطقة إلى جهنم.. وبأن أمريكا ستقطع المعونة عن مصر والأردن إذا لم يقبلا التهجير.. وكان كل ذلك سبباً فى توحيد المصريين والعرب والفصائل الفلسطينية.
لم يعد من المصريين من يخشى من قطع المعونة ولا من فرض عقوبات اقتصادية ولا من الاستفزازات الإسرائيلية من الحكومة اليمينية المتطرفة العنصرية التى تحكم تل أبيب.. فالشعب صف واحد كعادته فى وقت الشدة.
العالم الآن فى انتظار الموقف العربى الواحد الذى ستسفر عنه القمة الطارئة.. وبالتأكيد ستكون القرارات على مستوى الأحداث ولن يخذل القادة شعوبهم لأن المسألة بالنسبة للأمة العربية الآن «نكون أو لا نكون»!!