سر إلهي، صيد العقارب، وبيت الرفاعي، ثلاثة مسلسلات نراها الآن ضمن مهرجان الدراما الرمضانى وكل منها له قضيته، لكننا، بعد عدة حلقات، نكتشف ان قضايا الأمس تقفز الى الواجهة. وتأخذ جزءاً كبيرا من مسيرة بدت لنا فى البداية مختلفة، وان الماضى وافكاره يعشّش بداخل شخصيات العمل الذى من المفترض انه يعبر عنا وعن مجتمعنا، فالكاتب لا يكتب من فراغ، وانما يكتب عما يعرفه ويراه فى حياته (باستثناء المسلسلات المأخوذة عن أعمال اجنبية بالطبع)، وفى المسلسل الاول (سر الهي) للكاتب أمين جمال، والمخرج المصور رءوف عبد العزيز، ندخل فى صراعات متعددة يعيشها أبطاله، واولهم روچينا (نصرة) التى تعمل فى دار لرعاية المسنين وتعول زوجها سعد (محمد ثروت)وتشقى لتجهز شقيقتها المخطوبة (نهى عابدين) وتعول اثنين اصغر، وتتعرض لازمة فى العمل بسبب شاب متهور ابن لعائلة ثرية، لتفاجأ نصرة بأن زوجها و أشقاءها ءباعوها مقابل أموال حصلوا عليها من الأثرياء لإنقاذ ابنهم من السجن، واعترفوا كذبا عليها، وتدخل الأخت السجن، وتكتشف فيه مظاليم غيرها، بعضهم اختاره ليفدى ابنه اوشقيق مثل نادية (ميمى جمال) وتمضى الاحداث معبرة عن عنوان عريض يخص القيم التى ننشأ عليها كأبناء لهذا المجتمع، ومدى ايماننا بها منذ البداية، وبالطبع إيمان اجدادنا بها، وهل تتغير القيم من طبقة لأخرى (ام تتغير بفعل الأزمات، لقد واجهت (نصرة) المرأة الثرية شقيقة المجرم (مى سليم) فى البداية برفض الصفقة (التى عرضتها عليها اولا باعتبارها الشاهدة الوحيدة عليه) بأنها ابنة عائلة عرفت كيف تربى ابناءها، لكنها اكتشفت انها اوهام، ورأت الاخرى وهى تسخر منها، وبدأت تتغير هى الاخرى بعد الخروج من السجن، ولدرجة الجنون وهو ما سنتابعه فى الحلقات القادمة.
صيد العقارب
دكتورة علوم تعيش حالة حب مع زوجها المرتاح ماديا(غادة عبد الرازق ومحمد علاء)،وتنجح فى اصطياد عقرب نادر بحثت عنه طويلا ويضيف الى أبحاثها، لكن الحياة تتعقد حين يعرف أبوها الصعيدى هذا(بعض ان اصيبت فى يدها من العقرب) يغضب عليها ويسخر منها، ومن فكرة تحقيق ذاتها فترد عليه بأنها تعمل ما درسته وتحبه، وانه أبعدها عن العمل معه زمان، فيرفض كلامها فهو يرفض أصلا ان تعمل البنات، ولا ان تسهر ابنته الاخرى الصغرى لان لديها مسئوليات قادمة بعد الزواج .وهكذا يدخلنا المسلسل الذى كتبه باهر دويدار وأخرجه احمد حسن فى اطار صراع قديم، ما زال مستمرا بين الاجيال، جيل يرى المرأة خادمة للزوج والأسرة ليس من حقها العمل ولا حتى السهر، وجيل جديد يسعى الى تحقيق ذاته، وقد يسعده الحظ بالارتباط بمن يقدره ويحترم قدراته مثل ياسين زوج عايدة الذى احبها وتحمس لعملها وسعى لإسعادها، والذى ينتمى لنفس العائلة فهو ابن العم (رياض الخولي) ولكنه مختلف، ولكن كل هذا يتغير حين يقتل ابن عمها الأصغر خطأ (محمود عبد المغني) لنكتشف أننا كمشاهدين لم نعرف الكثير عن العائلة وان الاب له شقيق يبدو مختلفا، وفى الحقيقة غير ذلك ويفجر موت ابن العم يفجر كل الخلافات القديمة بينهما، ويفتح جروحا جديدة تصل لحد محاولات قتل واغتيال وكأنها لم تكن عائلة، وانما منظر! وهو ما سيظهر بوضوح فيما قادم من احداث.
بيت الرفاعى
فى ليلة ليلاء، يطلب الحاج محمود ابنه الأكبر د. ياسين للحديث معه قبل ان يعلن عن وصيته، ويختلف ياسين (أمير كرارة) مع أبيه، ويرفض ان يكون «كبير العيلة» بعده لان ثروته جاءت من بيع الآثار المنهوبة من الارض، ويغضب الحاج ويقول ان شقيقه فاروق (احمد رزق) هو الأجدر بهذا ويتعثر فيهرع ياسين لإحضار مياه له، ويعود ليجده مقتولا، ويجد نفسه متهما، ويجد شقيقيه فاروق ويحيى ضابط الشرطة يقرران تسليمه للأمن، بينما لا يصدق العم، ولا الزوجة، ولا البنات (سيد رجب، صفاء الطوخي، رحاب الجمل، )هذا وتبدأ رحلة هروب ياسين من قصر العائلة،ومن كل مكان يذهب اليه هاربا يسعى لحل لغز مقتل ابيه بينما يواجه يحيى شقيقه (تامر حنفي) أزمة ابعاده عن عمله كضابط شرطة بسببه، اما فاروق فيسعى الى الاستحواذ الكامل على الثروة والمكانة ويطرد العائلة من البيت لتواجه الام والابنتان أزمات السقوط الطبقى والاجتماعى والمادى و النزول للشوارع للبحث عن عمل بينما يواجه ياسين أزمات متتالية تخص هروبه من الشرطة، وقلقه على أسرته، وعلى ابنته الطفلة واحتياجه للمال، والاهم هى أزمة الوجود فى هذه الحالة وهو ما يطرح علينا أسئلة عديدة حول قيمة. واهمية القيم التى تطرحها الاجيال السابقة والأجداد على الاجيال الجديدة، وهل اصبحت اهمية العائلة جزءاً من التاريخ أم انها تغيرت وفقا لواقع يتغير ويختلف من زمن لآخر، وهل نحن كمجتمع نحتاج لرؤية جديدة لانفسنا وقيمنا تصالح الاجيال على بعضها البعض (أسئلة كثيرة قد نجد لها اجابات مع نهاية هذه الأعمال وغيرها.