شـتان الفـارق بين هذه الجمعة التى توجهت خلالها أفواج لا حصر لها من الشـعب المصـرى إلى منفـذ رفح لتعلن عن رفضـها لتهجير الشعب الفلسـطينى الشـقيق من أرضه إلى أى دولة سواء مصر أو الأردن أو غيرهما وإعلان التأييد المطلق لسياسة الرئيس عبدالفتاح السيسى وموقفه المعلن والقوى الذى يدافع فيه عن الشعب الفلسطينى وعن حقه فى أن تكون له دولة يعيش فيها بأمان واستقرار.. وبين الجمعة التى تصادف أن تكون فى نفس التوقيت تقريباً من عام 2011 عندما قامت جماعة الإخوان الإرهابية فى 28 يناير باستغلال أحداث 25 يناير من ذات العام، حيث تمكنت من توجيه تلك الأحداث لصالحها عندما قاموا بالتأثير على وعى الشباب، حيث استغلوا حماستهم لتحقيق أهدافهم وتنفيذ مخططهم للاستيلاء على الحكم.
عندما أتحدث عن مسألة الوعى فى هاتين الجمعتين أرى أن الشعب المصرى قد أدرك المخاطر التى تعرضت لها الدولة فى يناير 2011 وتتعرض لها أيضاً فى يناير 2025 وهو الأمر الذى دفعنا جميعاً أن نقف يداً واحدة للحفاظ على أمننا القومى وعلى استقرارنا وسلامتنا وأننا لن نقع بعد الآن تحت تأثير أى جماعة أو دولة مهما كانت قوتها وأن أى مخطط تفكيك أو توريط أو محاولات تشكيك أو إثارة لن يكون لها محل فى جمهوريتنا الجديدة.
فى نهار الجمعة 28 يناير 2011 شاركت جماعة الإخوان الإرهابية فى المظاهرات التى قامت بشكل سلمى فى بدايتها وذلك بناء على تعليمات وردت لهم من الخارج واستدعاء أعداد كبيرة من محترفى أعمال البلطجة والتخريب والترويع بل واستخدام السلاح لاستعراض القوة وإقناع الشباب بأنهم القوى المسيطرة على الأوضاع فى الدولة.. وللأسف استطاع عدد من كوادر الحركة بالفعل فى التأثير على وعى هؤلاء الشباب واستدراجهم لمشاركتهم فى أعمال الفوضى والتخريب وزيفوا وعى الجماهير بحقيقة الأوضاع وأولويات الإصلاح وشحنهم بالشعارات الجوفاء وأمانى الوهم والسراب وذلك من خلال عرض الأرقام المضروبة عن وضع الدولة وإمكانياتها واستغلوا براءتهم ونبلهم ونقاءهم لإرباك النظام والضغط على مؤسسات الدولة ليتفرغوا هم فى التدبير والتعاون مع أعداء الوطن فى الداخل والخارج لتمكينهم من السيطرة على الدولة وهو ما حدث بالفعل نتيجة غياب الوعى لدى هؤلاء الشباب فى هذا التوقيت.
واليوم وبعد مرور 14 عاماً من هذه الأحداث وجدنا أن هناك موقفاً شعبياً وسياسياً موحداً وعن وعى كامل ودون توجيه من أحد إطلاقاً بل وجاء الإصطفاف المصرى خلف القيادة السياسية فى رفض التهجير القسرى للفلسطينيين من أراضيهم كترجمة حقيقية لمدى الوعى والفهم الحقيقى والمباشر دون أى إملاءات أو توجيهات على الإرادة الوطنية التى لا تنبع من أبعاد إنسانية فقط بل وأيضاً رؤية استراتيجية تعتمد على حماية حقوق الشعب الفلسطينى والحفاظ على هويته الوطنية لأن التهجير يعنى نهاية القضية وتشريد شعب بأكمله وإلغاء حقه فى أرضه وهو ما لا يمكن القبول به على أى مستوى.
لقد أثبت الشعب المصرى أنه قد وصل إلى مرحلة النضج التوعوى على كافة الأصعدة حتى أنه أكد استعداده للصمود تجاه أى محاولات للضغط السياسى أو الاقتصادى على مصر وأنه لن يخضع مرة أخرى لأى محاولات ابتزاز أو تأثير على قناعاته الوطنية مهما كان الثمن.. ومن هنا فقد أكد جموع المصريين الذين توافدوا على معبر رفح البرى يوم الجمعة الماضى أن حل القضية الفلسطينية لا يكمن فى نقل الأزمة من مكان إلى آخر بل فى إنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة للشعب الفلسطينيى وحقه فى تقرير مصيره وفى إقامة دولته فهم ليسوا لاجئين يحتاجون إلى مأوى بل هم شعب لديه قضية عادلة تتعلق بحق تقرير المصير واستعادة أرضه المسلوبة.. وعلى الرغم من أن مصر اعتادت استضافة كل من يلجأ إليها من الأشقاء العرب إلا أنها ترفض تفريغ فلسطين من سكانها باعتبارها قضية وجود وليست لجوء وهو ما يؤكد مدى ما وصل إليه وعى الشعب المصرى وثقافته وانتماؤه لوطنه ولعروبته.. وفى ذات المعنى أتمنى أن يكون لدى جميع الشعوب العربية نفس الدرجة من الوعى فى أن أى خطر قد تتعرض له مصر نتيجة مواقفها الشريفة تجاه القضية الفلسطينية ستكون له انعكاسات سلبية على الوطن العربى بلا استثناء لان مصر هى الدرع الحامية للوطن شاء من شاء وأبى من أبى فلا توجد دولة عربية لها نفس القدرة العسكرية واللوجيستية والبشرية مثل ما تتمتع به مصر.
واليوم ازعم أن أقول إن مسافة 14 عاماً كانت كفيلة أن يستفيق الشعب المصرى من تأثير الأكاذيب والمزايدات والتدليس الذى مارسه عليه أهل الشر وحققوا مكاسب سياسية كبيرة نتيجة ذلك بل إن ادعاءاتهم وشائعاتهم لم ولن تنتهى طالما كانت تلك الفئة الضالة موجودة.. وها هم يمارسونها يومياً من خلال شبكات التواصل أو الشائعات للتشكيك فى الموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية أو القضايا الداخلية.. وهنا نستدعى هذه الرحلة الزمنية لكى نؤكد لهؤلاء أن ما حدث فى يناير 2011 لن يتكرر مرة أخرى على الإطلاق والدليل على ذلك هو ما حدث فى ذات الشهر وذات الأسبوع هذا العام من خروج طوفان البشر إلى منفذ رفح بمحض إراداتهم ليعبروا عن دعمهم للشعب الفلسطينى وتأييدهم المطلق للرئيس عبد الفتاح السيسى.
إنها معركة الوعى يا سادة التى أرى أن المصريين قد حققوا انتصاراً كبيراً فيها.