من أهم سمات وخصائص الشعب المصرى أنه شعب واع، يضحى بكل شىء من أجل الوطن، وينسى كل همومه ومشكلاته وأزماته ويلتف حوله؛ خاصة إذا ما شعر بأن خطرا ما يهدد هذا الوطن أو يحاول الإضرار بمصالحه.
هذا ما لمسناه خلال الأيام الماضية بعد الدعوة إلى تهجير الفلسطينيين من غزة وتوزيعهم على مصر والأردن، وهو المخطط الذى تسعى إليه العصابة الصهيونية المتطرفة فى تل أبيب وتدعمه للأسف الإدارة الأمريكية الحالية.
التفاف الشعب المصرى حول الوطن خلال الأيام الماضية وصل إلى مستوى يطمئن كل المصريين على أن لهذا الوطن شعب يحميه ويدافع عنه.. وليس جيشا فقط.. فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعى بمشاعر فياضة تجاه الوطن ودعم غير مسبوق للقيادة السياسية على موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين الى غزة وحرص الدولة المصرية على أن يظل الشعب الفلسطينى فوق أرضه يعمرها ويدافع عنها حتى يحظى بحقوقه التاريخية.
دائما أمام مصالح الوطن وفى مواجهة مخططات أعدائه يلتقى كل المصريين من كل الفئات والطوائف.
أنا على ثقة بأنه لن تستطيع أى قوة على ظهر الأرض أن تفرض على المصريين أمرا يضر بمصالحهم ويتحدى إرادتهم ويهدد مستقبلهم.
>>>
يبقى السؤال المهم:
هل رفض المصريين لتهجير أهل غزة الى مصر والأردن تحركه تخوفات على السيادة الوطنية والموارد الاقتصادية المصرية فقط؟
الإجابة الموضوعية على هذا السؤال هى (لا) لأن الشعب المصرى هو أكثر الشعوب العربية تعاطفا مع الشعب الفلسطينى والشعب المصرى لا يرفض تهجير الفلسطينيين الى مصر فقط.. بل يرفض تهجيرهم الى أى مكان آخر من العالم، فهؤلاء يعيشون على أرضهم، والعدو الصهيونى المجرم هو من اعتدى عليهم، ودمر منازلهم، وقتل وأصاب منهم مئات الآلاف.. فكيف يكافئ المعتدى على جريمته ويغتصب أرض ضحيته؟؟
الشعب المصرى لآ يقبل الظلم ولا حالة الهوان التى تعيشها الأمة فى مواجهة أحقر قوة احتلال فى التاريخ..الشعب المصرى أكثر شعوب العالم التى تفاعلت وتألمت وعاشت كل لحظات العدوان على إخواننا فى غزة، وحزنت على كل الضحايا كما حزن إخواننا فى فلسطين.
رفض مصر -الرسمى والشعبي- لتهجير أهل غزة الى مصر لا يعنى عدم ترحيبنا بإخوان لنا يعيشون ظروفا صعبة.. لأن مصر دائما ترحب بالاشقاء العرب على أرضها، ويوجد على أرضها الآن أكثر من عشرة ملايين عربى من السودان وسوريا وليبيا وفلسطين واليمن والعراق وغيرها، ورغم تأثير هؤلاء الضيوف على مواردنا الاقتصادية المستنزفة لم نتخل عن الترحيب بهم يوما ما، بل نقسم اللقمة معهم ونرحب بهم فى كل وقت ضيوفا أعزاء على وطنهم.. مصر كانت وستظل ملجئا لكل العرب.. يأتى الإخوة العرب الى مصربحثا عن العلاج فيجدون ضالتهم.
>>>
الفلسطينيون عموما وأهل غزة على وجه الخصوص فى القلب وعلى الرأس يأتون الى مصر للسياحة أو التعلم أو العلاج ضيوفا أعزاء يحتفى المصريون بهم فى كل وقت.. لكن دون تهجير لهم من أرضهم أو اغتصاب حقوقهم.. وهنا يبرز أهمية الموقف المصرى الذى يعى تماما خطورة مخطط التهجير الذى يستهدف اغتصاب أرضهم وضياعاً للقضية الفلسطينية برمتها.
مصر كما أعلن رئيسها وكل المؤسسات السياسية والبرلمانية بها لن تشارك فى جريمة ضياع حقوق الفلسطينيين، فمصر كانت ولا تزال وستظل الداعم الأول لحقوق الشعب الفلسطينى والعيش فى أمان فوق تراب وطنه، وكم ضحى الفلسطينيون من أجل تحقيق هذا الهدف.. وبعد كل هذه التضحيات والثمن الباهظ الذى دفعوه للدفاع عن أرضهم يأتى رئيس دولة بكل بساطة ويطلب طردهم من وطنهم.. بل يطلب مصادرة جزء رئيسى من وطنهم وهو الضفة الغربية لتوسيع مساحة إسرائيل ضاربا بالحقوق الفلسطينية عرض الحائط!!
أهل فلسطين على اختلاف توجهاتهم السياسية يقدرون جيدا شجاعة الموقف المصرى رغم ما قد يجلبه لمصر من مشكلات وتداعيات سياسية واقتصادية وعسكرية.
الموقف المصرى فى القضية الفلسطينية ثابت لا يتغير بتغير القيادات السياسية حيث كانت وستظل الداعم الأول للقضية وقد ضحت بالكثير من أجلها.، وستظل التضحية قائمة ومستمرة مهما كانت التحديات والتهديدات.