تواجه الدولة المصرية تحديات وتهديدات غير مسبوقة، ومخاطر تستهدف الأمن القومى المصرى، حدود مشتعلة فى كافة الاتجاهات الإستراتيجية، ومؤامرات ومخططات، لم تعد خافية على العامة.. بل يتم المجاهرة بها من رعاة مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة، والحديث عن تهجيرهم إلى مصر والأردن باستخدام أساليب وذرائع بشعارات إنسانية بزعم أن الحياة فى غزة لم تعد صالحة للحياة بعد أن تحول القطاع إلى ركام، وهنا أسأل هل هناك فلسطينى واحد اشتكى من سوء حالة القطاع، أو المعاناة، وهل التخلى عن الأرض والوطن هو أمر سهل، فهذه سابقة لم تحدث فى التاريخ، أن يجبر شعب على إخلاء أرضه وترك وطنه بذرائع تزعم الإنسانية، وبدلاً من معاقبة المجرم الذى ارتكب جريمة الإبادة والتدمير، نعاقب الضحية، ونجعله يترك أرضه، ووطنه، ونمارس الضغوط غير المشروعة على الآخرين من أجل تنفيذ أهداف الشيطان.
الحقيقة أنه فى ظل التحديات والتهديدات والضغوط التى تواجه الدولة المصرية على كافة الأصعدة.. لابد أن نوجه التحية لمصر قيادة وشعباً ومؤسسات وأحزاباً، وقوى سياسية، الرئيس عبدالفتاح السيسى عبر وجسد موقف الدولة المصرية بشموخ وشرف منذ الساعات الأولى للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وأعلن أنه لا تصفية للقضية الفلسطينية، ولا تهجير لسكان القطاع، ولا توطين فى ظل هذه التحديات والتهديدات والمخاطر المتعددة التى تواجه مصر، تقوم القيادة السياسية، والدولة ومؤسساتها، بمواقف وجهود وتحركات مكثفة على كافة الأصعدة حفظت لمصر أمنها واستقرارها، وتبنى سياسات عظيمة وحكيمة، وتقف بصلابة وشموخ، ولا تركع ولا تتخلى أو تتنازل عن مواقفها وثوابتها لكن مع تزايد وتصاعد الضغوط خاصة لتنفيذ مخطط التهجير، فتحت الدولة المصرية قلبها وعقلها لاستقبال الرؤى المختلفة من النخب والخبراء المصريين وأصحاب الخبرات فى إطار مبدأ التشاركية فى تحمل المسئولية الوطنية، وتجسد ذلك فى توجيهات الرئيس السيسى للحكومة بتشكيل لجان استشارية لمناقشة ما يواجه الدولة المصرية من تحديات وتهديدات ومخاطر إقليمية ودولية، ومن هذا المنطلق، يجب أن يقدم الجميع، ما يرونه، مفيداً من رؤى واقتراحات حول دعم موقف الدولة المصرية الذى آراه نموذجياً وشرفاً ويدعونا للفخر، والثبات والصلابة كشعب وهنا أطرح مجموعة من النقاط.
أولاً: مخطط التهجير يستند إلى مبررات واهية وبغلاف إنسانى، بحجة أن القطاع لا يصلح للحياة، وأنه يجب إخلاء الفلسطينيين منه، من أجل إعماره، لذلك فإن الرؤية المصرية، تتصدى لهذه الذرائع، بوجود رؤية شاملة بإعادة الإعمار دون الحاجة إلى التهجير أو الترحيل، والتهجير مبدأ مرفوض سواء قصير أو طويل الأمد، لأنه يتنافى مع مبادئ القانون الدولى والقرارات والمرجعيات والشرعية الدولية وحقوق الإنسان، وبالفعل كما عبر عنه الرئيس السيسى أنه ظلم كبير.
ثانياً: لابد من تعظيم وتصعيد الموقف العربى برفض قاطع وحاسم لدعم الموقف والرؤية المصرية والأردنية، ولابد من إعلان العرب استعداداهم الكامل للقيام بمهمة إعادة الإعمار دون الحاجة لإخلاء القطاع، كما أن لدى العرب أوراقاً كثيرة، وهناك مصالح كثيرة لمحور مخطط التهجير لدى العرب، لذلك لابد ومن المهم إشهار الموقف العربى، فى وجه المخطط ووضع كافة الأوراق على الطاولة، والتلويح بإجراءات ضد هذا المخطط، ولدى العرب الكثير من المصالح التى تتعلق بأمريكا.
ثالثاً: إحياء النضال الفلسطينى على كافة الأصعدة وخلق موقف فلسطينى موحد، وإعادة اللحمة الفلسطينية وانصهار جميع الفصائل الفلسطينية مع السلطة الفلسطينية.. والاستماع للرؤية والجهود المصرية المتواصلة، فى توحيد الصف الفلسطينى لمواجهة تهديد وجودى، فلا وقت للانقسام والتناحر والاختلاف ولابد أن يكون الفلسطينيون على قلب رجل واحد فى مواجهة مخطط التهجير، ولابد أن تدعم الجامعة العربية هذا المسار، فالشعب الفلسطينى متمسك بأرضه، ولن يتركها وهى قضية حياة أو موت بالنسبة له خاصة ان مخطط التهجير يحمل مصالح وأهدافاً كثيرة لقوى دولية وإقليمية سواء، تتعلق بتوسع إسرائيل، أو أهدافاً اقتصادية، وهيمنة، لذلك فإن هذا المخطط للأسف مدعوم من واشنطن وقوى دولية وإقليمية، والفلسطينيون قادرون على حسم المعركة والقول الفصل إذا توحدت صفوفهم وكلمتهم، واتخذوا طريق النضال ولابد من العمل على تعاظم التمسك بالأرض لدى الفلسطينيين وهى موجودة.
رابعاً: حشد المجتمع الدولى الرافض لمخطط التهجير، يمكن تشكيل موقف دولى موحد تجاه هذه السياسات خاصة التهجير، ولابد من تحرك عربى شامل نحو «محور الرفض»، فى جميع قارات العالم.. ولابد من تكثيف الاتصالات، وربما يكون من الأفضل عقد قمة دولية تستضيفها «القاهرة»، لتشكيل حشد دولى أو المحور الرافض، ليس للتهجير فحسب بل لانقاذ العالم من التأجيج، والإشعال وأن مستقبل العالم لا يتحمل المزيد من الصراعات، واتخاذ موقف دولى موحد ضد هذه السياسات الأحادية كما يجب عقد قمة إقليمية، تشمل جميع دول المنطقة، ليكون الحل إقليمى إقليمى ومنع التدخلات الخارجية فى رسم المنطقة بما يتعارض مع أمنها ومصالحها.
خامساً: لا تستطيع أى قوة إجبار مصر على قبول ما لا تريده أو ما يتعارض مع ثوابتها ومواقفها، ويهدد أمنها القومى فمصر قلب العالم، والجميع له مصالح كبرى لديها ونمتلك الكثير من الأوراق والبدائل، والقاهرة ستفتح حواراً مع الولايات المتحدة، وهناك تقدير لدور مصر وأهميتها الإستراتيجية، وأيضاً باب الحوار مفتوح بين الرئيس السيسى والرئيس ترامب، ويستطيع الرئيس بحكمته الوصول إلى حل شامل للقضية الفلسطينية، وفق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإعادة الإعمار دون الحاجة لتهجير سكان القطاع والحقيقة أن حديث التهجير غير متناسق أو مترابط ومتناقض، ويخفى الكثير من الأهداف الشيطانية لصالح إسرائيل، والمخطط الأمريكى الإقليمى فى بعده الاقتصادى وبقية المصالح.
سادساً: مع استضافة القاهرة مؤتمر دولى لإعادة الإعمار فى قطاع غزة، أرى أنه من المهم المبادرة سريعاً بإنشاء صندوق عربى لتمويل إعمار قطاع غزة، وهو ما يدعم الموقف العربى.
سابعاً: اقترح إلى جانب اللجان الاستشارية والموقف الشعبى المصرى العبقرى، تشكيل لجنة أو مجلس من كافة الأحزاب والقوى السياسية المصرية للتنسيق والتباحث فى كيفية مواجهة التحديات والتهديدات والضغوط التى تواجه الأمن القومى المصرى.
تحيا مصر