هدى حمد واحدة من الأصوات الأدبية المميزة فى «عمان « تكتب لغة خاصة، مليئة بالتفاصيل والمشاعر، ودفقة من الحميمية والصدق، تعمل فى الصحافة الثقافية ولها العديد من الإصدارات منها رواية «لايذكرون فى مجاز»، «التى تعد السلالم» «سندريلات مسقط»، وصدر لها حديثا تزامنت مع معرض الكتاب متتالية قصصية بعنوان « سأقتل كل عصافير الدوري» كما حصدت عدة جوائز أدبية منها جائزة الشارقة الأدبية، وغيرها.
< معرض القاهرة هذا العام فعالياته ما رأيك فيه هذا العام ؟
– استمتعت جدا بمعرض القاهرة للكتاب هذا العام، وبفعالياته المتنوعة وأنشطته .سعدت بالحضور والمناقشات والانطباع العام عن بلدى عمان.
< كيف كانت رحلتك مع الكتابة ؟
– أنا انتمى لقرية صغيرة فى عمان، طفولتى فى بداية الثمانينات لم تكن هناك مكتبات متخصصة، كنت أعيش على قراءة مجلات الأطفال والمجلات الثقافية التى يحضرها لى أبى من الخارج .
كنت أشعر فى طفولتى بأنى مختلفة لأن لدى أسئلة مغايرة ونظرة مختلفة للعالم من حولي، وكان ذلك يورطنى فى شعور بالاغتراب عن المحيط .لما يتميز به النسيج القروى من نزعة ناحية التشابه والإيقاع المنتظم .كنت أشعر أن اختلافى هو المشكلة وكنت أحاول أن أروض نفسى لأتشابه مع هذا النسيج وذلك كان صعبا جدا .
حصلت بعد ذلك على منحة للدراسة فى جمهورية سوريا العربية، جامعة حلب .. وهناك التقيت بشكل مختلف من الحياة، شاهدت لأول مرة التعددية فى البشر والأمزجة والقراءة، فكرة المسرح والسينما والمناقشات .
فى تلك اللحظة آمنت أن اختلافى ليس هو المشكلة وليس سؤالى الشخصى تجاه الكتابة والحياة هو المشكلة وانه يمكننى بدلا من ترويض اختلافى أن أحتفظ بطموحه لأنه دائما سيحملنى لسؤال جديد .
لذا فإن علاقتى بالكتابة هى شكل من أشكال التوازن مع الحياة، كل إيقاع حياتى سيختل لو لم أكتب وأقرأ .
«الواقع والفانتازيا»
< الدمج بين الفانتازيا والواقع فى روايتك « لا يذكرون فى مجاز « لماذا اخترت هذه التقنية، ألم تخافى على تشتت القارئ؟
– كان هذا هو رهاني، لو انى كاتبة أمتلك أدواتى سيتحرك القارئ فى المكان والزمان كما آراه.
أنا اكتب اللقطات والشخصيات وأنا أراهم أمام عيني، بكل انفعالاتهم ضمن مشهد بصرى أراه وأعرف أن القارئ سيتحرك معى .
بالنسبة للفانتازيا، عمان بلد عامر بالميثولوجيا، قصص خلابة، وأساطير لا نهائية
رواية « لايذكرون فى مجاز» هى الرواية الوحيدة القائمة على بحث، استغللت فترة العزل وقت وباء «كورونا» وقمت بزيارات لكبار السن المعزولين فى بيوتهم، وكنت أتناقش معهم وأسألهم عن الحكايات القديمة .
ووجدت بالفعل أنه اصبح لديّ مخزون كبير من القصص، وفكرت فى رابط بينها .. وتساءلت مع هذا المخزون الثقافى الموروث ما الذى يفتننى فى أدب أمريكا اللاتينية وواقعيتها السحرية بينما تستطيع الجدات لدينا أن تحكى أيضا ما هو فاتن عن السحر والجنيات، فربطت الواقع بالخيال لأنى لا أريد أن أروج للخرافة لكنى أردت نقل متعة الغرائبية فى مجتمعنا.
فى روايتى تلك ربطت الأساطير بالواقع، وفى نفس الوقت أضفت طابعا عصريا بحيث يمكن لهذه الحكاية أن تكون فى أى مكان.
علاقة السلطة بالمهمشين هى علاقة أبدية، لكن السؤال كان كيف استطيع إعادة إنتاجها بالأدب، وخروجا من المحلية العمانية.
< لماذا حققت الكاتبات فى عمان شهرة أكثر من الكتاب الرجال، مثلك أنت هدى حمد وبشرى خلفان وجوخة الحارثى ؟
– أكثر سؤال يوجه لي، والحقيقة ليس لدى إجابة عن ذلك، لكن عندنا المرآة متحققة فى كل مكان، المرآة لدينا عبر كل العصور امرأة قوية، نساء قويات لأن الدولة لها عقل تقدمى فى هذا الجانب لدينا المرآة السفيرة والوزيرة والطبيبة، حتى لو كان المجتمع قبلياً.
المرآة تجد ان الأدب شكل من أشكال التعبير عن ذاتها، قدمت الكتب وحصلت على جوائز، لكن الرجل أيضا موجود ويكتب، لكن المرآة تذهب لكل ما هو حميم وتخدش بأسئلتها الخاصة للحياة مما يمنح كتابتها تفرداً وخصوصية.
«سندريلات مسقط»
< فى روايتك الأخيرة « سندريلات مسقط» نساء تبوحن بمشكلاتهن هل تعتقدى أن مشاكل النساء تتشابه فى العالم العربى ؟
– المشاكل متشابهة إلى حد كبير، الفرق فى التفاصيل الصغيرة، وكيف نعيد إنتاجها فى الكتابة، ففى الرواية هناك إيقاع عربى أكثر منه محلياً .
حاولت أن أعمل فيها على الواقعية النفسية للمرآة، كما تكتب أليس مونرو الحائزة على نوبل كتابتها أيضا ممتلئة بالتفاصيل، هنا لم تكن مهمة بالنسبة لى القضايا الكبرى .
تحدى الكاتب فى التفاصيل الصغيرة أكبر بكثير منه عند كتابة قضايا كبري، هنا تتضح لغة الأديب وأسلوبه وقوته فى إعطاء ذلك معنى .
< تقولين فى روايتك الأخيرة « ليس لدينا سحر، الحكى هو الذى يجعلنا مدهشات « لأى مدى تصدقين فى قوة الحكايات ؟
– رواية «سندريلات مسقط، ليس بها حبكة تقليدية، فى هذه الرواية كان الهدف هو الحكي، هو شكل من أشكال التخفف والتشافي، ليس بالضرورة أن نجد حلاً أو علاجاً للأشياء يكفى إطلاق الحكايات وعبورها لألسنتنا، هو طريقة لقلب ميزان السلطة بين الرجل والمرأة كما كان الحكى فى حكاية شهرزاد وشهريار .
كانت شهرزاد تحكى تحت قوة السيف والتهديد، وبطلات حكاياتى كن يحكين بينما يتلصص عليهن الطاهى ويتربص بحكايتهن.