تلقيت اتصالا تليفونيا من صديق عزيز رجل اعمال ناجح «ليس له اى علاقة بالسياسة أو الشأن العام»اهتماماته تنحصر فى أعماله وتشجيعه نادى القرن الحقيقى ..يعرض ان نذهب معا وصديق ثالث إلى رفح.
اندهشت من عرضه «وأنا أعرفه جيدا»وقبل ان اغوص فى احتمــالات هنــا وهنــــاك.. بادر بالحــــديث؛ مصـــر والرئيس عبدالفتاح السيسى خط أحمر ولن يوافق أى مصرى شريف على استخدام صورة الرئيس فى صحيفة جيروزاليم العبرية»خاصة أن هذه الصحيفة تمثل صوت إسـرائيل الرسمى باللغة الإنجليزية، وتعبر عن أجهزة الحكم والأمن والاستخبارات موساد وأمان وشاباك « مع الرئيس الإيرانى الراحل إبرهيم رئيسى الذى لقى مصرعه إثـر سقوط طائرته الرئاسية، عقب الموقف المصرى الرافض لتهجير الفلسطينيين.. صديقى أشار إلى أن صورة الرئيس السيسى فى صحيفة جيروزاليم الإسرائيلية تحمل دلالات بالتهديد، و«نشر هذه الصورة والتذكير على أن مصر برفضها للتهجير ورفض الدخول فى تحالف ضد إيران، يعنى أننا نتوقع تحريضا إسرائيليًا سيكون شديد الوقع على الولايات المتحدة الأمريكية للتأثير على صانع القرار الأمريكى للإشارة إلى أن مصر باتت فى محور إيران، وهذا الأمر يناسب العقلية اليمينية الإسرائيلية لمخاطبة ترامب».
ثم قال بلهجة لم اتعودها منه أن ما يحدث مرفوض والأفضل للإسرائيليين ألا يتحدوا صبر المصريين لأنهم لن يتحملوا غضبهم وأن مصر دولة ذات سيادة لا تخضع للضغوط أو الإملاءات، ومصر دولة كبيرة تعرف كيف ومتى وكيف ترد على استهداف.
بصراحة شديدة اندهشت وسعدت فى آن واحد من كلام صديقى الذى يؤكد اننا فى وقت الشدة شعب آخر يترك كافة مشاكله ويلقى بكافة أوجاعه خلف ظهره ويكون على قلب رجل واحد يدافع عن وطنه وقيادته ويقدم الغالى والنفيس .
عقب انتهت المكالمة بعد وعد بالتنسيق والسفر إلى رفح فورًا لنشارك فى وقفة الشعب الرافض للغطرسة الاسرائيلية؛ اخذت افكر ما الذى دفع صديقى «الذى لا يهتم بالشأن العام» الى هذا الموقف وهذا الحماس.
ثم تذكرت ان صديقى كان فى الصغر شغوفاً بما كتبه جمال حمدان وكان دائمًا «قبل دخوله الى عالم البزنس والملايين» يذكر مقولة حمدان «إسرائيل من البداية إلى النهاية استعمار من الدرجة الأولى والثانية معاً، استعمار بالأصالة والوكالة فى نفس الوقت، ونقصد بذلك أن إسرائيل قامت وأقيمت بفعل ولحساب الصهيونية العالمية، وكذلك قامت وأقيمت بفعل ولحساب الاستعمار العالمى، فهو بالنسبة للصهيونية العالمية ملجأ من الشتات وأخطاره المحتملة أو الموهومة، وهى بالنسبة للاستعمار العالمى قاعدة متكاملة آمنة عسكرياً، ورأس جسر ثابت استراتيجياً، ووكيل عام اقتصادياً، وهى فى كل أولئك تمثل فاصلاً أرضياً يمزق اتصال المنطقة العربية ويخرب تجانسها ويمنع وحدتها، وإسفنجة غير قابلة للتشبع تمتص كل طاقاتها، ونزيفاً مزمناً فى مواردها، وأداة جاهزة لضرب حركة التحرير، وإسرائيل بهذا المعنى دولة مرتزقة لا شك تعمل مأجورة فى خدمة الاستعمار العالمى بمثل ما هى صنعه وصنيعته وربيبته، وهذا الالتقاء والتداخل العميق بين مصالح الصهيونية والإمبريالية العالميتين هو مفتاح الوجود والمصير الإسرائيلى برمته».