فى خضم الحديث حول إمكانية تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن كجزء من حل للصراع الفلسطينى – الإسرائيلي، جاء الرد المصرى حازماً وواضحاً، ليعيد تأكيد الموقف الثابت لمصر عبر تاريخها الطويل تجاه القضية الفلسطينية, هذا الموقف الذى أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلماته القاطعة، وأكدته وزارة الخارجية المصرية فى بيان رسمي، يعكس إرادة الشعب المصرى الرافضة لأى محاولات لفرض حلول تتعارض مع حقوق الفلسطينيين وتهدد الأمن القومى المصري, مؤكدة رفضها القاطع لأى محاولات لفرض حلول تؤدى إلى تهجير الفلسطينيين, وأن مصر التى حملت على عاتقها لعقود مسئولية دعم القضية الفلسطينية، لن تسمح بأى تهديد لأمنها القومى أو للهوية الفلسطينية، وأن الشعب المصرى يقف صفاً واحداً ضد أى محاولات لتهجير الفلسطينيين، وأن الحل الحقيقى يكمن فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لتتوالى بعدها موجات من الرفض الشعبى على كافة المستويات والأصعدة لتلك التصريحات التى وصفها مجلس أمناء الحوار الوطنى على سبيل المثال بالتحدى الصارخ والمهين للعالم أجمع مؤكداً رفضه القاطع، لأى نوع من التهجير أو النقل أو إعادة التوطين للفلسطينيين، لمدة مؤقتة او طويلة، واصفاً إياه بجريمة الحرب بحسب القانون الدولى ولقرارات الشرعية الدولية التى صدرت عنه منذ نكبة الشعب الفلسطينى عام 1948، والتى أكدت جميعها على كونه شعبا محتلة أراضيه، وأن له حقا ثابتا فى إقامة دولته المستقلة الموحدة على كامل أراضى الضفة الغربية وقطاع غزة، ضمن حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وعلى مدار التاريخ، أظهر الشعب المصرى رفضه التام لأى محاولات تمس الهوية الفلسطينية أو تهدد الأمن القومى للبلاد, هذا الرفض ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تجسيد لروح التضامن العربى والإيمان بعدالة القضية الفلسطينية، وأن التهجير القسرى لن يؤدى إلا إلى تعقيد الأزمة وزيادة معاناة الفلسطينيين وخطراً على استقرار المنطقة بأسرها، وأن أى محاولات لفرض حلول قسرية ستؤدى إلى مزيد من التوترات والنزاعات فى الشرق الأوسط.
أرى أن الحديث عن التهجير لم يكن مفاجئة لمن يتابع الأمر لأن فكرة تهجير الفلسطينيين ليست جديدة، بل هى امتداد لمحاولات قديمة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر إبعاد الشعب الفلسطينى عن أرضه, هذه الأفكار تعكس تجاهلاً واضحاً للواقع الإنسانى والسياسى المعقد للصراع، وتتنافى مع قرارات الشرعية الدولية التى تؤكد حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أرى أنه لا يمكن لأى قوة دولية أن تفرض حلولاً تتعارض مع حقوق الشعوب ومبادئ العدالة, القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع سياسي، بل هى قضية إنسانية وأخلاقية تتطلب تعاونًا دوليًا صادقًا لتحقيق السلام العادل، وسيظل موقف مصر الرافض للتهجير القسرى للفلسطينيين عنواناً للصمود العربى والتزاماً بمبادئ العدل، فمصر لن تقبل الإملاءات، وستظل داعماً رئيسياً للقضية الفلسطينية حتى ينال الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة فى وطنه.